قسد تسعى الى إخلاء المدنيين المحاصرين من الجيب الأخير لـ “داعش”
تسعى قوات سوريا الديموقراطية قبل شن هجومها الأخير على تنظيم الدولة الإسلامية الى إخراج المدنيين المحاصرين مع عناصر التنظيم في نصف الكيلومتر الأخير الذي يتحصنون فيه في شرق سوريا، في مؤشر على أن الهجوم قد يكون وشيكًا.
وبعد أيام عدة لم يخرج خلالها مدنيون، تدخل عشرات الشاحناتعند نقطة استقبال للفارين قرب الباغوز باتجاه البلدة. وذكر مصدر ميداني في قوات سوريا الديموقراطي أن الشاحنات ستقل مدنيين عالقين في البقعة الاخيرة الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
وتخوض قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن منذ أيلول/سبتمبر هجومًا في المنطقة تمكنت خلاله من طرده من عدد كبير من القرى والبلدات التي كانت تحت سيطرته.
وتسببت العمليات العسكرية منذ كانون الأول/ديسمبر بفرار نحو 40 ألف شخص من المنطقة الخاضعة لسيطرة التنظيم. إلا أن حركة الخروج توقفت خلال الأيام القليلة الماضية، وفق ما يقول مسؤولون من قوات سوريا الديموقراطية.
وتقدّر قوات سوريا الديموقراطية وجود المئات من مقاتلي التنظيم والمدنيين المحاصرين معهم في الجيب الأخير، ما أدى إلى ابطاء تقدمها لحسم المعركة ضد التنظيم الذي أثار خلال سنوات الرعب بقوانينه المتشددة وأحكامه الوحشية واعتداءاته الدموية حول العالم.
وكان مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي قال في وقت سابق الثلاثاء “نعمل على عزل المدنيين أو إجلائهم لاقتحام الحي”، لافتاً الى أن “الأمر قد يكون اقترب”، وأضاف أن “ليس أمام مقاتلي التنظيم إلا الاستسلام أو الموت قتلا في المعركة حصرًا”.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية أعلنت السبت أن قواتها تتحرك “بحذر” في بلدة الباغوز حيث باتت تحاصر التنظيم في نصف كيلومتر مربع، لوجود مدنيين محتجزين “كدروع بشرية”. وقالت إنه سيتم اعلان انتهاء “الخلافة” في غضون أيام.
وأبدت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان ميشال باشليه في بيان الثلاثاء خشيتها على مصير “نحو مئتي عائلة بينهم العديد من النساء والأطفال محاصرين في البقعة الضيقة المتبقية تحت سيطرة التنظيم”، وقالت “يبدو أن العديد منهم يُمنعون من الخروج من جانب التنظيم”.
وخلال حفل تخريج مقاتلين جدد، قال الرئيس المشترك لمكتب شؤون الدفاع لشمال وشرق سوريا زيدان العاصي الاثنين “أيام قليلة وسنعلن النصر الكبير على أكبر تنظيم إرهابي حارب العالم ونشر الفوضى والقتل في كل مكان، بجهود وسواعد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية”. قرب خطوط الجبهة في الباغوز، قال المقاتل مظلوم (26 عاماً) “معنوياتنا تصل إلى السماء”.
يشار الى ان الهدوء يخيم على المشهد في خطوط الجبهة الأمامية قي بلدة الباغوز، لكن الدمار يطغى على المنطقة، من أبنية مدمرة وفيلات تحولت إلى مقرات عسكرية وهياكل سيارات محترقة، ومقاتلين يتمركزون على أسطح أبنية من طبقات عدة ويراقبون الحركة في المنطقة المحاصرة.
وفي مقرّ لقوات سوريا الديموقراطية عند مدخل الباغوز، قال أحد المقاتلين ويدعى دينو (26 عاماً) الذي يشارك في المعارك ضد التنظيم منذ سنوات، “كانت البداية صعبة، لم نكن نعرف عدونا جيدًا، أما اليوم فبتنا نعرفهم جيدًا”، وأضاف “كابوس مرّ علينا وخلّصنا الشعب منه”.
يذكر انه أعلن التنظيم في العام 2014 إقامة “الخلافة الإسلامية” على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، لكنه حظي بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين. ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة وانتشاره في البادية السورية المترامية الأطراف.
واعتقلت قوات سوريا الديموقراطية خلال المعارك التي خاضتها ضد التنظيم المتطرف، المئات من المقاتلين الأجانب من جنسيات عدة أبرزها البريطانية والفرنسية والألمانية. وهي تطالب الدول المعنية باستعادة مواطنيها.
وطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الدول الأوروبية بدوره استعادة هؤلاء ومحاكمتهم، لكن عددًا من المسؤولين الأوروبيين تعاطى بفتور مع دعوة ترامب لاستعادة قرابة 800 جهادي أجنبي.
وانتقدت دول أوروبية عدة مطلب ترامب. وحضرت هذه المسألة على طاولة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل الاثنين. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في ختام الاجتماع “لن يكون هناك قرار على مستوى الاتحاد الاوروبي، فالمسألة من اختصاص كل حكومة”.
وتبدي عائلات الجهاديين وجهات حقوقية قلقها من احتمال نقل مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من سوريا إلى العراق المجاور الذي حكم على مئات الأشخاص بالإعدام أو السجن المؤبد لانضمامهم إلى التنظيم المتطرف.
وتشهد سوريا نزاعًا داميًا تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص، وأحدث دمارًا هائلًا في البنى التحتية، وتسبب بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
على جبهة أخرى الثلاثاء، قتل أربعة مدنيين، بينهم طفل، في قذائف صاروخية أطلقتها قوات النظام السوري على منطقة خان شيخون في شمال غرب البلاد، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
المصدر: i24news