«قصف متعمد» لمستشفيين ومركز للخبز… والمعارضة تحذر من «مجزرة» في حلب

34

أصيب مركز لتوزيع الخبز وأكبر مستشفيين في «قصف متعمد» من الطيران الروسي أو السوري على الأحياء الشرقية في حلب، في وقت حذر رئيس «منظمة الدفاع المدني» رائد صالح من أن سقوط حلب سيؤدي إلى «مجزرة». ودعت باريس إلى إصدار قرار دولي يفرض وقفاً للنار في حلب.

وقال أدهم سحلول من الجمعية الطبية السورية – الأميركية التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة لوكالة فرانس برس الأربعاء: «وقع الهجوم على مستشفيين شرق حلب عند الساعة الرابعة صباحاً عندما استهدفت طائرة عسكرية المستشفيين في شكل مباشر». وأضاف أنه في أحد المستشفيين دمر مولد للكهرباء بالكامل، وفي الغارة الثانية جرح ثلاثة عاملين في المستشفى هم سائق سيارة إسعاف وممرضة ومحاسب.

وتابع أنه «لم يبق (في شرق حلب) سوى ست مستشفيات تعمل بعد توقف هذين المستشفيين عن العمل». وأوضح سحلول أن المستشفيين يضمان أقساماً للطوارئ ووحدات لمعالجة الصدمات وتعرضا من قبل لغارات جوية، واصفاً القصف بأنه «متعمد».

ولم يعرف ما إذا كانت الغارات شنتها طائرات تابعة للجيش السوري أو لحليفه الروسي لأن الجانبين يقومان بحملة قصف بلا توقف على هذه المنطقة في ثاني مدينة في سورية.

وقال سكان و «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن مركز توزيع الخبز في حي المعادي أصيب بنيران المدفعية بينما كان الناس مصطفين للحصول على الخبز ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل.

ويقع أحد المستشفيين قرب مركز توزيع الخبز بينما يقع المستشفى الآخر في منطقة أخرى في حلب هي حي الصاخور. وقال محمد أبو رجب وهو طبيب أشعة في المستشفى الثاني المعروف باسم «مستشفى ميم 10» إن القصف نفذ حوالى الساعة الرابعة صباحاً. وأضاف: «سقط الركام على المرضى في غرفة العناية المركزة».

وقال عاملون في المجال الطبي بالمستشفى ذاته إن الضربات أصابت أيضاً مولدات الأكسجين والكهرباء وإن المرضى نقلوا إلى مستشفى آخر بالمنطقة.

ويعتقد أن أكثر من 250 ألف مدني محاصرون في الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة من حلب حيث أسفر القصف المكثف من جانب قوات الحكومة وحلفائها عن مقتل المئات منذ انهيار وقف لإطلاق النار الأسبوع الماضي.

وأوضح «المرصد» في تقرير: «سقطت قذائف أطلقتها الفصائل الإسلامية والمقاتلة، على مناطق سيطرة قوات النظام في حي الملعب البلدي وحي السلمانية في مدينة حلب، ما أدى إلى سقوط جرحى، كما استمرت الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محيط قلعة حلب بحلب القديمة، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين».

كما قصف الطيران الحربي مناطق في مخيم دوار الجندول بأطراف حلب الشمالية وحي البلاط بحلب القديمة «ما أسفر عن سقوط جرحى ومعلومات مؤكدة عن شهيدين في حي البلاط، إضافة إلى غارات على الشيخ فارس والشيخ خضر والميسر وقاضي عسكر ومساكن هنانو وضهرة عواد بالقسم الشرقي من مدينة حلب، ما أدى إلى سقوط جرحى واستشهاد مواطنين اثنين أحدهما طفل في قاضي عسكر»، بحسب «المرصد». وأضاف: «قصفت طائرات حربية مناطق في مخيم حندرات شمال حلب، في حين سقط المزيد من القذائف التي تطلقها الفصائل الإسلامية والمقاتلة، على مناطق سيطرة قوات النظام في أحياء العزيزية وباب الفرج والتلل والحميدية والسليمانية بمدينة حلب، ما أدى إلى سقوط المزيد من الجرحى. كما نفذت طائرات حربية غارتين على مناطق في بلدة كفرحمرة بريف حلب الشمالي الغربي، ترافق مع قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة لمناطق في البلدة». وزاد: «ارتفع إلى 8 عدد الشهداء الذين قضوا جراء قصف لقوات النظام على مناطق في حي المعادي ومناطق قربها بمدينة حلب».

وحذر مسؤول الدفاع المدني في مناطق المعارضة السورية من أن الحياة اليومية في حلب ستتحول خلال شهر إلى جحيم تحت ضربات النظام السوري وحليفته روسيا، وسكان المدينة قد يتعرضون لـ «مجزرة» في حال «سقوطها» في أيدي قوات النظام.

وتحدث رئيس «مديرية الدفاع المدني» المعروفين بأصحاب «القبعات البيضاء» رائد الصالح، وهو سوري في الثلاثين من العمر، الثلثاء لوكالة فرانس برس خلال جولة في نيويورك وواشنطن لاطلاع الأمم المتحدة والولايات المتحدة على مصير المتطوعين في «الدفاع المدني السوري»، المنظمة الإنسانية التي تشارك في عمليات الإنقاذ في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة.

ومنحت المنظمة السويدية الخاصة «رايت لايفليهود» الخميس جائزتها السنوية لحقوق الإنسان إلى المتطوعين في «الخوذ البيضاء» الذين هم في الخطوط الأمامية في حلب منذ تعرض سكان المدينة الـ 250 ألفاً المحاصرين لقصف متواصل بعد انهيار وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي.

وقال الشاب الذي كان رجل أعمال قبل الحرب: «سيستغل المدنيون أول فرصة للفرار من المدينة. لكن من دون أي ضمانات بالحصول على أدنى حماية أو أمن». وأضاف: «إننا قلقون جداً. يمكن لهؤلاء الأشخاص التعرض للقتل أو الخطف أو الاعتقال».

ورأى أن القسم الشرقي من حلب المحاصر من قوات النظام والذي يتعرض لهجوم منذ أيام، لن يصمد «لأكثر من شهر» بسبب التدمير الجاري لما تبقى من الخدمات العامة. وقال الصالح: «لن يكون هناك مياه أو كهرباء أو وقود ولن تتمكن المستشفيات من مواصلة عملها».

وإذا سقطت أحياء حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة بأيدي قوات النظام ماذا سيحل بمتطوعي «الخوذ البيضاء» الـ 122 الذين ينقذون الأرواح يومياً؟. وقال: «إنهم يعيشون في الظروف نفسها كالمدنيين الآخرين. إني مقتنع بأن النظام سيبذل كل ما في وسعه لقتلهم أو توقيفهم».

وأكد أنه أحصى «1700 غارة جوية» شنها الطيران السوري والروسي أوقعت «حوالى ألف قتيل وجريح» منذ أن أعلنت قوات الرئيس بشار الأسد في 19 أيلول (سبتمبر) «انتهاء» الهدنة التي فرضت بصعوبة بموجب اتفاق أميركي-روسي وقع في جنيف.

ودان الغربيون هذا الأسبوع بشدة القصف «الوحشي غير المقبول» على حلب واتهموا موسكو بأنها «مسؤولة عن جرائم حرب».

ونقل مراسل لوكالة فرانس برس في شرق حلب قبل أيام عن مصدر طبي أن المستشفيات العاملة في المدينة «تعاني ضغطاً هائلاً جراء العدد الكبير من الجرحى والنقص الحاصل في أكياس الدم»، مضيفاً أن «أقسام العناية المشددة باتت ممتلئة بالمصابين ويجري كل مستشفى ثلاثين عملية جراحية في اليوم الواحد منذ بدء الغارات».

واستهدفت الغارات السورية والروسية في نهاية الأسبوع الماضي مركزين تابعين للدفاع المدني في حلب، ولم يتبق لعناصر «الخوذ البيضاء» سوى سيارتي إسعاف، بحسب ما أفاد مراسلو فرانس برس.

ولم يعد الصالح يتوقع الكثير من الأمم المتحدة أو أميركا التي تدعم مجموعات المعارضة.

وقال: «لم أعد أعتمد عليهم (…) لقد شاهدنا انسحاب الإدارة الأميركية من أزمات دولية ليس فقط في سورية». وأضاف: «ترتكب دول عظمى عالمية جرائم حرب وتنتهك حقوق الإنسان من دون أن نرى إرادة سياسية لتحاسب».

ولا يرى أيضاً حاجة «لقرارات دولية أخرى» بعد الفشل الواضح للقرار 2254 الذي صوت عليه بالإجماع في مجلس الأمن في 18 كانون الأول (ديسمبر) ونص على خريطة طريق ديبلوماسية وإطلاق عملية سياسية بين النظام والمعارضة في سورية.

وقال الصالح: «نحتاج إلى ضمير يهز الإرادة السياسية لقادة العالم لوقف المجازر في سورية وإحالة مجرمي الحرب على القضاء».

ويعتبر رئيس «الخوذ البيضاء» أن «الفشل في إنهاء مأساة سورية هو فشل للأسرة الدولية والبشرية عموماً» التي عجزت عن وضع حد لحرب أوقعت أكثر من 300 ألف قتيل خلال خمس سنوات ونصف وسببت أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.

من جهته، أعلن الجيش النظامي السوري في بيان أن مقر اجتماعات لقياديين في «جبهة فتح الشام» التي كانت تعرف من قبل باسم «جبهة النصرة» دمر في حي صلاح الدين في حلب الأربعاء.

وقال البيان إنه تم كذلك تدمير مستودعات سلاح وذخيرة في منطقة المدينة القديمة.

ويقول المعارضون السوريون إن شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة كان خاضعاً لسيطرة مقاتلين معارضين يعملون تحت راية «الجيش السوري الحر» وليس تحت سيطرة «جبهة النصرة».

من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت الأربعاء إنه يعمل لطرح قرار على مجلس الأمن الدولي لفرض وقف إطلاق النار في حلب وإن أي دولة ستعارض هذا القرار ستعد متواطئة في ارتكاب جرائم حرب. وفي كلمة أمام نواب البرلمان اتهم إرولت النظام السوري المدعوم من روسيا وإيران بشن «حرب شاملة» على الشعب وهو الأمر الذي قالت باريس إنها لن تقف ساكنة أمامه. وقال: «في هذه اللحظة نقترح مناقشة قرار لفرض وقف إطلاق النار في حلب… هذا القرار سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم… من لن يصوتوا له يخاطرون بمحاسبتهم للتواطؤ في جرائم حرب».

على صعيد آخر في المعارك الميدانية في سورية، قال «المرصد» إن الفصائل الإسلامية قصفت قذائف الهاون تمركزات لقوات النظام في أطراف المحطة الحرارية وحاجزاً بريف حماة الجنوبي، وأنباء عن قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها، فيما قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة، مناطق في قرية معان بريف حماة الشمالي الشرقي»، لافتاً إلى «معارك في محيط حاجز أبو عبيدة بالأطراف الشمالية من مدينة محردة بريف حماة الغربي وتبادل القصف بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، وسط اشتباكات بين الطرفين في محيط الشعثة والطليسية بريف حماة الشمالي الشرقي، حيث تشهد المنطقة استهدافات متبادلة أدت لتدمير عربات من الطرفين».

 

المصدر : الحياة