قصف متواصل يوقع المزيد من القتلى المدنيين في إدلب

10

معرة النعمان (سوريا)- “القدس” دوت كوم- تواصل قوات النظام السوري وحليفتها روسيا قصفها العنيف على جنوب محافظة إدلب ومحيطها موقعة المزيد من القتلى المدنيين، غداة دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف ما وصفه بـ”المذبحة”.

وعلى جبهة أخرى في سوريا، قصف الجيش الإسرائيلي على دفعتين خلال 24 ساعة مواقع عدة تابعة للجيش السوري ومقاتلين موالين له، ما أسفر عن مقتل 15 عنصراً من قوات النظام، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

ومنذ نهاية نيسان، تستهدف الطائرات الحربية السورية والروسية ريف إدلب الجنوبي ومناطق مجاورة له، ويترافق ذلك مع اشتباكات على الأرض بين قوات النظام من جهة والفصائل الجهادية والمقاتلة من جهة ثانية.

وأفاد المرصد السوري، الاثنين، بمقتل ستة مدنيين جراء القصف الجوي، بينهم أربعة في مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي.

وشاهد مصور لفرانس برس في معرة النعمان متطوعين في الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) ينقلون مصاباً قد بترت رجله، ووضعت أشلاؤها إلى جانبه على الناقلة. ومن حولهم، فر مواطنون من القصف بين المنازل المدمرة بينهم رجل عجوز يمسك بيده طفل يبكي وامرأة تمشي مسرعة.

وإلى جانب بسطة من الحلويات، تناثرت قطعها على الأرض، انهمك متطوعون آخرون في انتشال مصاب من تحت الأنقاض.

وفاقت حصيلة القتلى المدنيين منذ نهاية نيسان جراء القصف السوري والروسي الـ300 شخص بينهم نحو 70 طفلاً، بحسب المصدر ذاته.

وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر من محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة، كما تتواجد في المنطقة فصائل إسلامية ومقاتلة أخرى أقل نفوذاً.

ويتواصل التصعيد في إدلب برغم دعوات متكررة من الأمم المتحدة ودول أخرى على رأسها الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار في المنطقة التي يقطنها ثلاثة ملايين نسمة.

وقال ترامب ليل الأحد في تغريدة “نسمع أنّ روسيا وسوريا، وبدرجة أقلّ إيران، تشنّ قصفاً جهنّمياً على محافظة إدلب في سوريا، وتقتل بدون تمييز العديد من المدنيين الأبرياء”.

وأضاف “العالم يراقب هذه المذبحة. ما هو الهدف منها؟ ما الذي ستحصلون عليه منها؟ توقفوا!”.

ومن جهته، شدد الكرملين الإثنين على أن الطائرات الروسية تستهدف “الإرهابيين”. وقال المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف إن “القصف الذي يقوم به الارهابيون من إدلب غير مقبول، ويجري اتخاذ اجراءات لتحييد مواقع المدفعية هذه”.

واتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الإثنين قوات النظام وروسيا باستخدام “أسلحة محظورة دولياً، وغيرها من الأسلحة العشوائية في هجمات غير مشروعة على المدنيين في شمال غرب سوريا في الأسابيع الماضية”.

وجرى، وفق المنظمة، استخدام “الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة المحظورة في الهجمات، إلى جانب الأسلحة المتفجرة الكبيرة الملقاة جواً والتي لها آثار واسعة، بما فيها البراميل المتفجرة”.

ودفع التصعيد أيضاً خلال شهر أيار بـ270 ألف شخص للنزوح إلى مناطق أكثر أمناً غالبيتها بالقرب من الحدود التركية، وفق الأمم المتحدة. كما طال القصف 24 منشأة طبية و35 مدرسة.

وتخضع المنطقة المستهدفة لاتفاق روسي-تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل الجهادية والمقاتلة، لم يتم استكمال تنفيذه.

وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً بعد توقيع الاتفاق في أيلول، إلا أن قوات النظام صعّدت منذ شباط قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية اليها لاحقاً. وزادت وتيرة القصف بشكل كبير منذ نهاية شهر نيسان.

ولم تعلن دمشق رسمياً بدء هجوم واسع، لكن الاعلام الرسمي يواكب يومياً تقدم قوات النظام.

وتدور اشتباكات عنيفة الاثنين في مناطق متفرقة في ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، فضلاً عن ريف اللاذقية الشمالي ومنطقة سهل الغاب، وفق المرصد.

ويرجح محللون ألا يتحول التصعيد إلى هجوم واسع كون تركيا وروسيا لا يريدان سقوط الاتفاق. وقد ينتهي الأمر بتنازلات من الطرفين، ضمنها سيطرة قوات النظام على مناطق معينة عند أطراف إدلب، بينها سهل الغاب، التي تكمن أهميتها في قربها من محافظة اللاذقية حيث تقع قاعدة حميميم الروسية.

ومن جهتها، لطالما توعدت دمشق باستعادة كافة المناطق الخارجة عن سيطرتها وفي مقدمتها إدلب.

ولم تعد الفصائل تسيطر سوى على مناطق محدودة، بينها الجزء الأكبر من محافظة إدلب التي تعد معقل هيئة تحرير الشام، كما تسيطر فصائل موالية لأنقرة مدعومة من قوات تركية على مناطق حدودية في ريف حلب الشمالي.

على جبهة أخرى، قصف الجيش الإسرائيلي يومي الأحد والاثنين مواقع عدة تابعة للجيش السوري والمسلحين الموالين له.

وأعلنت دمشق فجر الاثنين، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري، أنّ دفاعاتها الجوية تصدّت لـ”عدوان إسرائيلي” استهدف مطار التيفور العسكري في ريف حمص (وسط) وأسفر في حصيلة أولية عن مقتل جندي وطال مستودع ذخيرة.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن بدوره إن القصف طال “مستودعات وقواعد عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني”، لافتاً إلى “مقتل خمسة اشخاص على الأقل، بينهم جندي من قوات النظام”.

وردّ متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بدوره “لا نعلّق على تقارير أجنبية”.

وهي الضربات الجوية الإسرائيلية الثانية من نوعها في غضون 24 ساعة، إذ استهدفت إسرائيل فجر الأحد مواقع في جنوب سوريا أسفرت عن سقوط عشرة قتلى هم ثلاثة جنود سوريين وسبعة مقاتلين موالين لقوات النظام من جنسيات غير سورية، وفق المرصد.

وقال الجيش الإسرائيلي إن تلك الغارات جاءت ردّاً على إطلاق قذيفتين صاروخيتين من الأراضي السورية باتجاه الجولان المحتلة.

وكثّفت إسرائيل في الأعوام الأخيرة وتيرة قصفها في سوريا، مستهدفة مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني. وتكرر التأكيد أنها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطورة إلى حزب الله.

المصدر: القدس