قلق أممي بالغ على سلامة المدنيين خلال عملية تحرير «الرقة» السورية

32

«القدس العربي»: قصفت القوات الاسرائيلية موقعاً للجيش السوري الاربعاء بعد ساعات من سقوط صاروخ اطلق من سوريا على هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل، حسب ما اعلن الجيش في بيان.
وقال الجيش «رداً على سقوط صاروخ على اسرائيل في وقت سابق اليوم (الاربعاء)، استهدف الجيش الاسرائيلي موقعا للمدفعية تابعاً للنظام السوري» في شمال هضبة الجولان السورية. ويعتقد ان الصاروخ سقط بالخطأ على الاراضي الاسرائيلية في خضم القتال بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة. وأكد الجيش الاسرائيلي ان «الصاروخ لم يتسبب بوقوع اصابات».
وتشن إسرائيل هجمات ضد أهداف عسكرية للجيش السوري في حال سقوط أي قذيفة على القسم المحتل من هضبة الجولان الذي تسيطر عليه. وتحمل المسؤولية للجيش السوري بغض النظر عن المصدر. ولا تزال اسرائيل وسوريا رسمياً في حالة حرب.
يأتي ذلك فيما تواصل قوات «سوريا الديمقراطية» تقدمها نحو الرقة بدعم من التحالف الدولي الذي تسببت احدى غاراته بمقتل 20 مدنياً في قرية يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، في وقت تعمل القوات العراقية على تضييق الخناق أكثر على الجهاديين في الموصل.
وتسببت ضربة جوية للتحالف الدولي بقيادة أمريكية على قرية الهيشة الواقعة تحت سيطرة الجهاديين في ريف الرقة الشمالي، في مقتل عشرين مدنياً على الاقل، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أمس الاربعاء. وقال ان بين القتلى «طفلتين وتسع نساء»، مشيراً إلى اصابة 32 مدنياً آخرين بجروح.
وأقر التحالف الداعم للهجوم على الرقة، بشن ضربات في المنطقة، لكنه قال انه يحقق في التقارير حول مقتل مدنيين جراءها. وكانت حصيلة أولية للمرصد افادت بمقتل 16 مدنياً. وتبعد القرية نحو اربعين كيلومتراً عن مدينة الرقة.
وتأتي هذه الضربة بعد أيام من بدء عملية عسكرية واسعة تنفذها قوات سوريا الديمقراطية، تحالف فصائل عربية وكردية تحت عنوان «غضب الفرات» في اتجاه الرقة، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. ويهدف الهجوم في مرحلته الاولى إلى عزل مدينة الرقة، عبر تنفيذ غارات جوية مكثفة تستهدف مواقع الجهاديين.
وقال الناطق باسم التحالف الكولونيل جون دوريان لوكالة فرانس برس «بعد تقييم اولي لبيانات الضربات مقارنة مع تاريخ ومكان حصيلة القتلى المفترضة، يؤكد التحالف تنفيذه ضربات في المنطقة».
لكنه اكد الحاجة إلى «مزيد من المعلومات الدقيقة لتحديد المسؤوليات بشكل قاطع»، موضحاً ان «التحالف يأخذ كل المزاعم حول سقوط مدنيين على محمل الجد وسيواصل التحقيق لتحديد الوقائع بناء على المعلومات المتوفرة».
وأكد ان التحالف «يبذل جهوداً استثنائية لتحديد وضرب الاهداف المناسبة لتجنب سقوط ضحايا من غير المقاتلين».
ونفت جيهان شيخ أحمد، المتحدثة باسم عملية «غضب الفرات»، حصيلة القتلى في صفوف المدنيين. وقالت لوكالة فرانس برس «لا يوجد شيء من هذا القبيل، واي ادعاءات كهذه أخبار داعشية».
وفي وقت لاحق، أفادت حملة «غضب الفرات» عبر تطبيق تليغرام بمقتل ستة عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية جراء غارات للتحالف استهدفت نقاط تمركزهم في قرية الهيشة، متهمة الجهاديين بمنع المدنيين من مغادرة القرية لاستخدامهم «دروعاً بشرية». وقال سكان فروا من الهيشة الثلاثاء خلال توجههم إلى مدينة عين عيسى، ان التنظيم احضر اسلحة وقذائف إلى القرية.
وقالت سعدى عبود (45 عاما) «أحضر الدواعش القذائف وتمركزوا في قريتنا حتى يضربنا الطيران ويقتلونا»، مضيفة «لم يسمحوا لنا بالمغادرة، لكننا هربنا وصرنا نركض في العراء، لا سيما الاطفال والنساء».
واعلنت حملة «غضب الفرات» الاربعاء انها «حققت تقدما ملحوظا» منذ بدء الهجوم، مشيرة إلى «تحرير العديد من القرى والمزارع بعد اشتباكات عنيفة مع إرهابيي داعش الذين يحاولون الوقوف أمام هجماتنا باعتمادهم على السيارات المفخخة في محاولة يائسة لصد تقدم قواتنا».
وذكر المتحدث الإعلامي باسم الادارة الذاتية الكردية ابراهيم ابراهيم انه «تم تحرير 25 قرية ومزرعة على الاقل منذ بدء الهجوم على الرقة» موضحاً ان «اقرب نقطة تتواجد فيها قوات سوريا الديموقراطية حالياً تقع على بعد 35 كيلومتراً عن مدينة الرقة».
وتأتي معركة الرقة التي يجمع محللون على انها ستكون «طويلة» و«صعبة» بعد ثلاثة اسابيع من بدء القوات العراقية عملية عسكرية ضخمة لطرد الجهاديين من مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، بدعم من التحالف الدولي. وسيطر الجيش السوري صباح امس الاربعاء على مدرسة الحكمة جنوب مدينة حلب بعد معارك عنيفة مع مسلحي المعارضة.
وقال مصدر عسكري سوري إن «وحدات من الجيش السوري والقوات الموالية له استعادت السيطرة على مدرسة الحكمة غرب المشروع 1070 السكني غربي الكليات العسكرية في حلب وتتابع تقدمها وملاحقة فلول الإرهابيين على اتجاه الراشدين 4 موقعة العشرات من القتلى والمصابين في صفوف الإرهابيين».
وأضاف المصدر أن «سيطرة الجيش السوري على مدرسة الحكمة التي تعد أهم نقطة استراتيجية جنوب حلب وبذلك يغلق ثغرة المحور الجنوبي الغربي نهائياً ويسيطر بشكل كامل على مواقع واسعة جنوب حلب». وكان الجيش السوري سيطر أمس على مشروع الـ1070 شقة. وكانت فصائل المعارضة سيطرت بداية الأسبوع الماضي على مشروع الـ 1070 بعد هجوم نفذه مسلحو جيش الفتح في عملية (ملحمة حلب الكبرى).
قالت الأمم المتحدة، يوم الثلاثاء، إنها تشعر بقلق بالغ تجاه سلامة مئات الآلاف من المدنيين في مدينة الرقة السورية خلال العملية العسكرية لتحريرها من تنظيم «الدولة».
وفي مؤتمر صحافي في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك إن «الأمم المتحدة تشعر بقلق بالغ بشأن سلامة أكثر من 400 ألف شخص في الرقة بما في ذلك 150 ألف من النازحين داخليا وتتابع عن كثب العملية العسكرية الدائرة هناك».
وأضاف أن «غالبية السكان في منطقة الرقة يقال إنهم يواجهون مشاكل خطيرة في تلبية احتياجاتهم العاجلة حيث بات الوصول إلي هناك مقيدا للغاية بسبب انعدام الأمن».
وتابع: «كان آخر قافلة إنسانية مشتركة للأمم المتحدة توجهت إلى الرقة في تشرين أول/ أكتوبر 2013».
وطالب المسؤول الأممي «جميع الأطراف بالقيام بواجبها في حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان».
وأعلنت ما يسمى بـ«بقوات سوريا الديمقراطية» الاثنين إطلاقها عملية عسكرية تهدف إلى تطويق مدينة الرقة وانتزاع السيطرة عليها من تنظيم «الدولة».
من جهة أخرى، أكدت دوغريك أن الوضع في حلب ما زال سيئا للغاية، حيث يتواجد نحو 275 ألف شخص تحت الحصار، ولم تصل مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية منذ بداية شهر تموز/ يوليو الماضي.
وأشار إلى أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أفاد الثلاثاء بمقتل 29 مدنيا خلال الفترة من 23 إلى 27 تشرين أول/ أكتوبر الماضي بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة نحو 230 شخصا على الأقل في تلك الفترة.
ومنذ إعلان النظام السوري انتهاء الهدنة في 19 أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد وقف هش لإطلاق النار لم يصمد لأكثر من 7 أيام، تشنّ قواته ومقاتلات روسية، غارات جوية عنيفة متواصلة على أحياء حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، تسببت في مقتل وإصابة مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
وتعاني أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة، والتي يقطنها نحو 300 ألف شخص، حصاراً برياً من قبل قوات النظام السوري ومليشياته بدعم جوي روسي، منذ عدة أسابيع، وسط شح حاد في المواد الغذائية والمعدات الطبية.
وأدى القصف السوري الروسي على حلب إلى مقتل عشرات آلاف المدنيين وأجبر أكثر من مليون شخص على مغادرة المدينة، التي تمنع قوات نظام الأسد، الأمم المتحدة من إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة فيها.