قوات سورية معارضة مدعومة من تركيا تسيطر على جرابلس

7

سيطرت فصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا على مدينة جرابلس الحدودية في شمال سوريا بعد ساعات على بدء أنقرة عملية برية لطرد تنظيم الدولة الاسلامية منها، وفق ما أكده مصدران من المعارضة.

وقال القيادي في “فرقة السلطان مراد” أحمد عثمان “باتت جرابلس محررة بالكامل”، الأمر الذي أكده مصدر في المكتب الاعلامي لـ”حركة نورالدين زنكي” مشيرا إلى “انسحاب تنظيم الدولة الاسلامية إلى مدينة الباب”.

وكانت جرابلس تعد إلى جانب مدينة الباب آخر معقلين لتنظيم الدولة الاسلامية في محافظة حلب، بعدما تمكنت قوات سوريا الديمقراطية في النصف الأول من أغسطس/اب من طرد الجهاديين من مدينة منبج.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن “لم يكن هناك أي مقاومة تذكر من قبل من تبقى من مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية” في مدينة جرابلس التي سيطر عليها الجهاديون في بداية العام 2014، ويعيش فيها حاليا حوالى 30 ألف مدني.

ووفق عبدالرحمن “انسحب العديد من مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية من المدينة قبل بدء العملية”.

ومع خسارته جرابلس، فقد تنظيم الدولة الاسلامية آخر منفذ له عبر الحدود التركية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وباشر الجيش التركي مدعوما من التحالف الدولي بقيادة أميركية عملية فجر الاربعاء بمشاركة طائرات حربية ومقاتلين من الفصائل السورية المعارضة ضد تنظيم الدولة الاسلامية والمقاتلين الأكراد في منطقة جرابلس السورية.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ظهرا أنه “منذ الساعة الرابعة فجرا أطلقت قواتنا عملية ضد مجموعتي داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) الارهابيتين”.

وتتواجد قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردي، الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، عمودها الفقري جنوب مدينة جرابلس التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية.

ويطرح شن تركيا هجوما على الدولة الاسلامية في جرابلس نقاط استفهام حول توقيت وأهداف العملية التي شاركت فيها فصائل سورية معارضة مدعومة من أنقرة.

وتؤكد الحكومة التركية أن العملية الجوية والبرية التي اطلقت عليها اسم “درع الفرات” هدفها إخراج الجهاديين من بلدة جرابلس السورية الواقعة تماما قبالة بلدة كركميش التركية.

وانطلقت العملية بعد أيام من تليين أنقرة موقفها حيال الرئيسي السوري بشار الأسد الذي كانت تنادي برحيله.

ونفذت العملية التركية بعد أيام من مقتل 54 شخصا في تفجير انتحاري في مدينة غازي عنتاب القريبة من الحدود السورية نسب الى تنظيم الدولة الاسلامية. وتتعرض المناطق الحدودية التركية منذ فترة للقصف انطلاقا من البلدات السورية التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف.

وقالت مديرة مركز دراسات الأمن في جامعة بهجة شهر في اسطنبول غولنور ايبيت إن “داعش (الاسم الرائج لتنظيم الدولة الاسلامية) يقوم مباشرة باستهداف الأراضي التركية من سوريا ولهذا فإن هذه العملية هي قبل كل شيء رد على ذلك”.

وأضافت “كان يمكن أن تتكثف هجمات داعش ولهذا رأت تركيا أنه من الضروري اتخاذ هذه الخطوات والتحرك عبر الحدود بإرسال دبابات وجنود”.

ووافق المحلل ايمري تونكالب لدى “ستروز فريدبرغ” لاستشارة المخاطر على هذا الرأي، مضيفا أن الوضع الأمني على الحدود شهد تدهورا و”اعتداء غازي عنتاب والقصف على كركميش أمس كانا بمثابة القشة الأخيرة”.

ما الغاية من التدخل؟

لكن ايبيت رأت أن أهداف العملية تنطوي على القضاء على التهديد الجهادي وكذلك منع القوات الكردية السورية من التمركز في المناطق التي يتم تحريرها.

وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردي امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة ارهابية وتتفق في تصنيفها هذا مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة.

وقالت ايبيت “يسيطر أكراد سوريا على قسم كبير من الحدود، لكن الجهاديين لا يزالون يسيطرون على هذا الجزء في الوسط لذلك فإن ما يقلق تركيا هو هل ستنتقل وحدات حماية الشعب إلى المناطق التي يتم تحريرها من داعش؟ بانتقالها إلى هذه المنطقة فإن (القوات التركية) تمنع كذلك الأكراد السوريين من التموضع فيها”.

وقال تونكالب إن تركيا لطالما اعتبرت المنطقة الواقعة إلى الغرب من الفرات خطا أحمر لا يمكن أن تسمح للأكراد السوريين بالتمركز فيها.

وأضاف أن انقرة كادت تختنق عندما انتزعت قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري من الجهاديين، بلدة منبج الاستراتيجية جنوب جرابلس والواقعة على الضفة الغربية للفرات، “كان الأمر غير مقبول بالنسبة لتركيا وشكل حافزا إضافيا لدفعها للتدخل بشكل أوسع في سوريا”.

وقالت ايبيت إن العملية التركية تعني أن تركيا لن تسمح للقوات الكردية السورية بالتموضع على أبوابها والتسبب بتفتيت الدولة السورية. “ما حدث يعيد خلط الأوراق بالنسبة لأكراد سوريا. لقد ظنوا أن الأميركيين سيدعمونهم في السيطرة على الأراضي حتى النهاية ولكن الأميركيين يلعبون لعبة براغماتية ميدانيا”.

وقال مسؤول أميركي الاربعاء إن قوات سوريا الديمقراطية توقفت عن التقدم شمالا باتجاه جرابلس “لذلك أعتقد أننا هدأنا أبرز مصادر قلق لدى تركيا”.

ليونة تركية حيال الأسد

وخلال نهاية الاسبوع قال رئيس وزراء تركيا بن علي يلديريم لأول مرة إن الأسد هو أحد الفاعلين في النزاع السوري وأنه قد يتعين اعتباره جزء من العملية الانتقالية.

وتنسق تركيا حاليا مع إيران وروسيا حليفتي الأسد. ولم تعترض حتى الآن أي قوة عظمى على العملية التركية التي بدأت قبل ساعات من زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لأنقرة، لا بل اعلنت واشنطن وألمانيا وفرنسا دعمها لها.

وهناك مؤشرات على أن السياسة الخارجية التركية باتت أقل ميلا لخلق حالات نزاع منذ تولي يلديريم رئاسة الحكومة في مايو/ايار.

وقال مدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن سونر كاغابتاي إن وقف تقدم الأكراد باتجاه الشمال في سوريا أهم بالنسبة لأنقرة من ازاحة الأسد.

بعد ازاحة أحمد داود اوغلو مهندس السياسة الخارجية التركية خلال العقد الماضي، غيّرت تركيا سياستها بشأن سوريا.

وأضاف أن “وقف تقدم القوات الكردية في سوريا الذي كان يعد هدفا ثانويا لأنقرة في السابق، بات اليوم يتقدم على موقفها السابق بضرورة إسقاط نظام الأسد”.

قلق روسي

وقبل أن تعلن فصائل المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا سيطرتها على جرابلس، أعربت روسيا الاربعاء عن “قلقها العميق” إزاء العملية التي نفذها ليلا الجيش التركي في سوريا مشيرة إلى أنها تخشى من احتمال تفاقم التوتر بين أنقرة والميليشيات الكردية.

وقالت الخارجية الروسية في بيان “موسكو قلقة جدا لما يحدث عند الحدود التركية – السورية. إن احتمال تدهور الوضع بشكل اضافي في منطقة النزاع يشكل مصدرا للقلق”.

وعبرت عن قلقها خصوصا “لاحتمال سقوط ضحايا من السكان المدنيين وتفاقم الخلافات بين الأكراد والعرب”.

وأضافت الوزارة أن “الأزمة السورية لا يمكن أن تحل إلا على أساس القانون الدولي وعبر حوار بين الأطراف السورية بمشاركة كل المجموعات الأثنية والطائفية بما يشمل الأكراد”.

 

المصدر: middle-east-online