لافروف وغوتيريش اتفقا على دفع «الدستورية» واختلفا على «الكيماوي»
أجرى العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مباحثات أمس، في موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ركزت على الملفات الإقليمية الساخنة وخصوصا حول تطورات الوضع في سوريا، بالإضافة إلى الآليات المشتركة لتسوية المشكلات العالمية وتعزيز قواعد النظام الدولي القائم.
والتقى غوتيريش الرئيس فلاديمير بوتين قبل أن ينتقل إلى جولة مباحثات تفصيلية مع لافروف تناولت ملفات سوريا وإيران وكوريا الشمالية وعدد من القضايا الأخرى.
واستهل لافروف المباحثات بالتأكيد على «تقدير موقفكم بصفتكم الأمين العام لتعزيز دور الأمم المتحدة في الشؤون الدولية، وخاصة في تسوية الصراعات الإقليمية، وهذا يعتمد إلى حد كبير على الحالة العامة للنظام الدولي، وتجنب التصرفات الأحادية والالتزام بالأهداف المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة». وأشار إلى رؤية مشتركة لدى روسيا والأمم المتحدة تقوم على «توحيد جهود اللاعبين الرئيسيين من أجل حل مشاكل العالم».
وأكد غوتيريش أن التفاعل بين روسيا والأمم المتحدة عنصر رئيسي لحل المشاكل العالمية.
وبدت عبارات لافروف تمهيدا لبحث الملف السوري الذي شغل حيزا أساسيا في النقاشات وبرز اتفاق في وجهات نظر الطرفين حول ضرورة دفع الجهود الجارية لتشكيل اللجنة الدستورية. وأعرب غوتيريش عن ثقة في أن «اللجنة الدستورية السورية ستشكل قريبا». وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف: «نعمل معا لضمان تنفيذ نتائج مؤتمر سوتشي بالكامل. وكما تقرر، سيتم تشكيل لجنة دستورية قريبا. نحن نعمل بشكل وثيق مع روسيا من أجل تحقيق النتيجة».
وأكد لافروف على الأهمية الكبرى لهذا التطور في إطار وضع التسوية السورية على مسار ثابت.
لكن في مقابل التوافق على ملف الدستورية، برزت خلافات حول استنتاجات اللجنة الأممية حول استخدام السلاح الكيماوي في سوريا. وشكك لافروف في صحة النتائج التي خلصت إليها اللجنة. وقال إنها «اعتمدت على معطيات حصلت عليها من شبكات التواصل وتصوير شاهد عيان، ونحن مبدئيا نشكك في أساليب هذا النوع من العمل سواء كانت جرائم حرب أو استخدام الأسلحة الكيماوية».
وأشار إلى أن «أعضاء اللجنة لم يزوروا مناطق القتال في سوريا»، مضيفا أن موسكو «لا تثق في أساليب العمل من بعد» فيما يتعلق بجرائم الحرب أو استخدام الأسلحة الكيماوية.
بينما أعرب غوتيريش عن ثقته بأن كلا من الجيش السوري والجماعات المسلحة، قد ارتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان خلال المعارك في الغوطة الشرقية.
وفي دعوة للروس بتعزيز تعاونهم مع الأمم المتحدة في سوريا، قال غوتيريش إن الأمم المتحدة مستعدة لتعزيز «هذا التعاون مع روسيا على الساحة السورية وهي كانت حاضرة في مؤتمر سوتشي للحوار الوطني، والطرفان يعملان من أجل تطبيق مقررات سوتشي بصورة كاملة».
في السياق، أفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية أن ممثلي روسيا وتركيا وإيران أكدوا للمبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، سعي «ثلاثية أستانا» إلى إطلاق اللجنة الدستورية السورية. وأوضح البيان الذي نشر أمس على الموقع الإلكتروني للوزارة أن المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشأن التسوية السورية ألكسندر لافرينتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، اللذين شاركا في المشاورات أكدا ضرورة دفع الاتفاقات التي تم التوصل إليها في سوتشي.
وأشار إلى أن المشاركين في المشاورات بحثوا بصورة معمقة «تشكيل ومعايير أداء اللجنة الدستورية (السورية) في جنيف، بناء على توصيات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي». وأضاف أن دي ميستورا «قدر عاليا تلقيه قائمة المرشحين لعضوية اللجنة عن الحكومة».
ولفتت الوزارة إلى أن المشاركين في المشاورات «حددوا بشكل عام الخطوات اللاحقة لإطلاق اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن باعتبارها عاملا مهما للمضي في التسوية السلمية للأزمة السورية في إطار العملية السياسية التي يقودها ويحققها السوريون أنفسهم، بناء على القرار 2254 لمجلس الأمن الدولي».
إلى ذلك، أعلن الكرملين أن موسكو تتوقع زيارة قريبة لمستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون. وتجنب الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس إعطاء تفاصيل إضافية حول الموعد المحتمل للزيارة أو الأجندة المقترحة للنقاشات خلالها واكتفى بالإشارة إلى أنه «حسب علمنا، فإن هذه الزيارة ستجري بالفعل. هذا كل ما يمكننا قوله الآن».
وأفادت وسائل إعلام روسية بأن الزيارة إذا تمت ستكون محطة مهمة لوضع الملفات الخلافية بين الطرفين على طاولة البحث وخصوصا ما يتعلق بالوضع في سوريا. وأشارت إلى أنه على الرغم من أن بولتون يعد من «الصقور» في التعامل مع روسيا لكن موسكو تولي أهمية خاصة لإطلاق الحوار الثنائي خصوصا على خلفية قناعة بأن الظروف باتت مهيأة أكثر من السابق للحوار حول سوريا وحول عدد من الملفات الأخرى.
على صعيد آخر، نقلت وكالة «نوفوستي» الرسمية الروسية عن فلاديمير كوزين الخبير في مركز الدراسات العسكرية والسياسية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، أن لدى موسكو معطيات عن وجود 19 موقعا أميركيا في سوريا مخصصة «لتدريب المسلحين والإرهابيين».
وزاد أن هذه المواقع تحصل على السلاح والذخيرة والوقود والمواد الغذائية وغيرها من الإمدادات اللازمة من 22 قاعدة عسكرية أميركية خارج سوريا وأن «الأميركيين يدربون الإرهابيين في قاعدة التنف في البادية السورية جنوبي البلاد». وقال إن الجيش الأميركي أغلق المجال الجوي فوق تلك المنطقة وما حولها ضمن دائرة نصف قطرها 50 كيلومترا من دون الحصول على أي موافقة من دمشق.
المصدر: الشرق الاوسط