لمعاقبة المواطنين والتضييق على المزارعين.. قوات النظام السوري تفرض إتاوات على الحصادات الآلية في سهل الغاب بريف حماة

38

يواصل النظام السوري معاقبة المدنيين القاطنين خارج مناطق سيطرته، ومع بداية موسم حصاد القمح يعمد إلى ملاحقة المزارعين في المناطق المحاذية لمناطق سيطرة واستهداف أراضيهم وعرقلة وصول المزارعين إليها وجني المحاصيل الزراعية، إضافة لفرض الضرائب والإتاوات على المزارعين للسماح لهم بجني محصول القمح.
وأفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات النظام السوري المتمركزة في منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي فرضت إتاوات مالية على المزارعين للسماح لهم بجني محصول القمح لهذا العام، حيث فرضت نحو 100 دولار أمريكي على كل حصادة بدأت بجني محصول القمح في المناطق المحاذية لمناطق سيطرة قوات النظام السوري ما أجبر المزارعين وأصحاب الحصادات للقبول ودفع المبلغ لضمان عدم استهداف الحصادات الزراعية أثناء عملها.
ووفقاً للمصادر، فإن عدد الحصادات التي دفعت الأتاوات المالية بلغ نحو 110 حصادات، حيث حصلت قوات النظام السوري على مبلغ يقدر بنحو 11 ألف دولار أمريكي مقابل عدم استهداف الحصادات والسماح لها بالعمل لمدة أسبوع واحد، وبحسب المصادر فإن التوصل لهذا الاتفاق جرى بين ضابط برتبة عميد يتبع لقوات النظام السوري وبعض الشخصيات من أبناء منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي، ويقضي الاتفاق بالسماح للحصادات بالعمل مقابل 100 دولار أمريكي لمدة أسبوع واحد.
ويعتمد سكان منطقة سهل الغاب على الزراعة كمصدر دخل أساسي لهم لكن سيطرة قوات النظام السوري والميليشيات المساندة له على أكثر من 80 بالمئة من مساحته قلص المساحات الزراعية بشكل كبيرة وباتت تنحصر في عدد من القرى، وذلك بحسب ناشط مقيم في ريف إدلب الشمالي.
ويضيف الناشط للمرصد السوري لحقوق الإنسان قائلاً، كانت منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي تعد السلة الغذائية للمنطقة ولاسيما من ناحية الخضار والقمح ويشتهر بزراعة عدة أصناف، لكن وبسبب العملية العسكرية التي شنتها قوات النظام السوري والميليشيات المساندة له بين عامي 2019 و2020، فقد اضطر آلاف المزارعين للنزوح تاركين أراضيهم الزراعية ليباشر النظام السوري باستثمارها وزراعتها.
ويضيف، أما الأراضي الزراعية التي بقيت في عدد محدود من القرى في الجهة الشمالية من سهل الغاب مثل قرى زيزون وقسطون وغيرها فغالبية أصحاب هذه الأراضي غير مقيمين فيها ويقطنون ضمن مخيمات النزوح في ريف إدلب الشمالي ويحاول البعض منهم الاستمرار في زراعة أرضه وزيارتها بين الفينة والأخرى، أما البعض الآخر فقد فضلوا تضمين أراضيهم لمزارعين آخرين.
ويتابع، يواجه المزارعون من خطر الاقتراب من أراضيهم الزراعية لاسيما عند نقاط التماس بين فصائل المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام من جهة، وقوات النظام السوري والميليشيات المساندة له من جهة أخرى، حيث يتم تعمد استهداف الأراضي خصوصاً خلال فصل الصيف لمواسم القمح بهدف حرقها وخسارة المزارعين لها، ما قد يدفعهم لقبول مثل هذه الاتفاقيات لضمان سلامة موسمهم.
وينوه بأنه لم يتم التوصل لمعلومات حول عدد المزارعين الذين أجبروا على دفع الضرائب المالية لقوات النظام السوري وعن تفاصيل هذه الاتفاقية، لكن إبرام مثل هذه الاتفاقيات ليس بالحديث فهي موجودة في منطقة سهل الغاب حتى قبل عام 2019 وقبل سيطرة قوات النظام السوري على الجزء الأكبر من المنطقة، والسبب الأساسي الذي يدفع المزارعين لذلك هو عدم وجود خيار آخر أو مصدر دخل بديل في ظل انتشار ظاهرة “البطالة” وعدم توفر فرص للعمل.
ويشكو المزارعون في منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي من ضعف إنتاج أراضيهم الزراعية لهذا العام من محصول القمح بسبب الصعوبات العديدة التي واجهوها أثناء الزراعة، ومن أبرزها خطورة الوصول لأراضيهم الزراعية المحاذية تماماً لمناطق سيطرة قوات النظام السوري حيث تعتبر منطقة عسكرية، إضافة لغلاء أسعار المحروقات والبذور والأسمدة وتكاليف الحراثة والعمال وغيرها، كما يشتكون من تسعيرة طن القمح التي حددتها “حكومة الإنقاذ” لشراء القمح من المزارعين لهذا العام وهي 450 دولار أمريكي والتي تعد قليلة مقارنة بتكاليف الزراعة.
ويتحدث المزارع (م.ي) من منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي للمرصد السوري لحقوق الإنسان عن الصعوبات التي تواجه مزارعي القمح وعن تدني سعر المبيع مقابل التكاليف، قائلاً، موسم القمح كان  مكلفاً جداً وصعباً وأثقل كاهل المزارعين، والبداية كانت مع سعر البذار حيث بلغ سعر طن البذار لحد 400 دولار أمريكي، كما أن المحروقات كانت من أكثر الصعوبات التي واجهت المزارعين.
مضيفاً، أما عن الأسمدة فقد بلغ سعر كيس السماد بوزن “50 كغ” نحو 50 دولار أمريكي ولا يكفي الكيس الواحد لتغطية دونمين أو ثلاثة كحد أقصى، وكانت تكلفة المبيدات الحشرية 5 دولارات أمريكية لكل دونم، وأخيراً إيجار الحصاد حيث وصلت أجرة الحصادة 12 دولار أمريكي عن كل دونم، وبشكل عام فقد وصلت تكلفة زراعة الدونم الواحد ما بين 70 إلى 90 دولار أمريكي.
ويلفت إلى إحدى الصعوبات التي واجهت المزارعين خلال العام وهي مشكلة قلة الأمطار بعد شهر آذار/ مارس ولاسيما خلال شهر نيسان/ أبريل الذي يصادف تلاقح سنابل القمح ويحتاج خلال هذه المرحلة للمياه ولكن بسبب انقطاع الأمطار فقد انعكس ذلك سلباً على كمية الإنتاج.
ويشير، أنه وأمام كل هذه التكاليف والصعوبات فقد تفاجأ المزارعون بتسعيرة “حكومة الإنقاذ” التي حددتها لشراء طن القمح وهي 450 دولار أمريكي فقط، فبهذه الحالة لن يحصل المزارع على أي أرباح بعد احتساب التكاليف التي دفعها للزراعة، وفي أفضل الحالات فإن ربحه سيكون قليل جداً، علماً هذه التسعيرة غير معمول بها بشكل عام ويتم الشراء حالياً بأسعار أقل منها وصلت لحد 425.
وسبق وأن اتبعت قوات النظام السوري سياسة التعدي على الأراضي الزراعية الواقعة ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة والجماعات الجهادية من خلال تعمد حرقها واستهدافها منعاً لوصول المزارعين إليها وفرض الضرائب و الإتاوات المالية على المزارعين للسماح لهم بجني محاصيلهم الزراعية.
كما ويجدر بالذكر بأن قوات النظام السوري وضعت يدها مؤخراً على مساحات زراعية واسعة في ريفي حماة وإدلب بعد نزوح أصحابها عنها باتجاه الشمال السوري، وقامت بعرضها للإيجار عبر مزادات علنية بهدف استثمارها والاستفادة منها.