مأزق تخفيض المساعدات الإنسانية: الجوع يلاحق شمال غرب سورية

61

قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه “مضطر لخفض مساعداته الغذائية للسوريين بنحو النصف بسبب نقص التمويل”، موضحا بأن “أزمة التمويل غير المسبوقة في سورية تجبر برنامج الأغذية العالمي على تخفيض مساعداته لحوالي 2.5 مليون شخص من حوالي 5.5 مليون يعتمدون على المساعدات التي تقدمها الوكالة لاحتياجاتهم الأساسية من الغذاء”، فما مدى تأثير هذا القرار على السوريين في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة في الشمال السوري المكتظ بالنازحين المجوعين؟

يرى محسن حزام، عضو المكتب السياسي في حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي السوري المعارض، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قرار الأمم المتحدة بتخفيض المساعدات الإنسانية للشعب السوري بنسبة 50% بسبب تدني مستوى الدعم يفتقد للصوابية ويبعد عن المهام الإنسانية التي يمنحها لها نظام الأمم المتحدة والشرعية الدولية، معتبرا ان تخفيض عدد المستفيدين من هذه المساعدات فيه حمولات سياسية على حساب الشعب السوري سيزيد في محنته أكثر ويتعارض مع آخر تقرير صدر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي يعتبر أن 90% من الشعب السوري تحت خط الفقر وأن 15 مليون إنسان منهم يحتاج لمساعدات إنسانية عاجلة .

وأفاد بأن الوضع الاقتصادي والمعاشي ونقص التغذية وتدني متوسط الدخل للمواطن وتداعيات هذا الوضع وخطورته وثقته الكثير من تقارير المنظمات الإنسانية والحقوقية لدى الأمم المتحدة ، وكذلك كافة إحاطات المبعوثين الأممين إلى سورية وآخرهم إحاطة بيدرسون في هذا الشهر ، : المستغرب الآن إتخاذ هذا القرار من يخدم غير النظام المستمر بطغيان قراراته التي باتت تدمر النسيج المجتمعي المؤيد والمعارض على حد سواء إلا شريحة قليلة مستفيدة من النهب والسرقة “.

وتابع: أمام هذه الصورة المعروفة لدى كل المؤسسات الدولية والمجموعة العربية وكافة القوى المتدخلة بالحالة السورية، بدل أن تذهب الأمم المتحدة إلى مشاريع التعافي المبكر تحت إشرافها لإنقاذ هذة الوضع الكارثي للشعب السوري والتدخل المباشر عبر مجلس الأمن الدولي لحل الأزمة السورية على المستوى الإنساني والسياسي للوصول إلى مخارج ولو بالحد الأدنى للانتقال

السياسي والتعامل مع مضمون القرار الأممي2254، تخفض المساعدات، علما وأنها مرتبطة بالمانحين ويتم العمل بها حسب التوازنات السياسية، مضاف إليها اشتراطات النظام السوري في المعابر والعمل على تسليمه كل المخصصات حتى توزع عن طريقه والتي يتم عبرها سرقة نصف الكميات على الأقل بدعوى السيادة والحقوق الوطنية، وهذا أيضا معروف لدى الأمم المتحدة”.

وتساءل: ما هو مصير المساعدات الإنسانية والإغاثية وكافة الأموال الانقاذية التي سلمت للنظام على خلفية كارثة الزلزال المدمر؟”.

وختم بالقول: الشعب السوري يعاني من تخاذل هذه المؤسسات التي تنحاز إلى التوازنات الدولية وليس إلى مصلحة الشعوب في تحقيق السلم والأمن الدوليين”.

من جانبه أفاد محمد علي الصايغ عضو اللجنة الدستورية، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن تخفيض الأمم المتحدة عن طريق برنامج الأغذية العالمي المساعدات الغذائية إلى النصف في سورية يأتي مع تصاعد الأزمة الاقتصادية وانخفاض المستوى المعيشي بشكل مريع ، نتيجة الفارق المذهل بين دخل المواطن وزيادة الأسعار الجنوني والمنفلت من أي مراقبه حكومية، بما يعني أن المساعدات الغذائية قبل التخفيض لم تكن تسد إلا جزءً يسيرا من حالة الفقر والعوز لدى أغلبية المواطنين السوريين، وجاء هذا القرار ليضاعف مأساة السوريين خاصة وأن المساعدات بمجملها خلال السنوات السابقة لم تصل منها غير النذر القليل بسبب الفساد المعمم و المستشري في بنية الدولة ، والذي يتم عبره شفط – بطرق مختلفة – الجزء الأكبر من المساعدات الغذائية هذا إضافة إلى فساد طواقم الأمم المتحدة الذين يتولون توزيع المساعدات ووجود ارتباطات مصلحية بينهم وبين الفاسدين بالداخل ..

وأضاف: لا شك أن تخفيض المساعدات ، وتوزيعها بشكل غير عادل سيزيد من معاناة السوريين ، وسيزيد من الكوارث الاجتماعية بما يؤدي إلى زيادة التسرب من المدارس وانتشار عمالة الأطفال وازدياد في حالات الزواج المبكر ، وانتشار حالات ” الشحادة ” بين الأطفال ،إضافة الى الزيادة المضطردة في سوء التغذية خاصة لدى الرضع، وبالتالي ستزداد الشروخ الاجتماعية عمقا واتساعا .. مع ما يرافق ذلك الى اتساع الهجرة الاضطرارية إلى الخارج بشتى الوسائل والطرق خارج البلاد” ..

وتابع: المساعدات الغذائية سواء بزيادتها أو تخفيضها لم تكن حلا للمأساة السورية والأمم المتحدة العاجزة عن إيجاد حلول سياسية فعلية لمختلف الأزمات المشابهة للأزمة السورية ، تعمل على تعويض فشلها بتقديم مساعدات ضئيلة ، وهي تقوم بتقديم مساعداتها تعويضا معنويا وأخلاقيا عن فشلها كمنظمة دولية في المساهمة في حل الأزمات وفي تثبيت الأمن والسلم العالمي …”.

واعتبر المحلل السياسي وائل علوان، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن تخفيض المساعدات للسوريين أمر مقلق للغاية ويهدد الذات البشرية الإنسانية السورية خاصة في شمال غرب سورية، لافتا الى أن برنامج الأغذية العالمي كان قد خفض سابقا عدد السلال الموزعة على المحتاجين والتي كانت ضعف النسب الحالية لكنها لم تكن كافية لتغطية الاحتياجات بالشكل المطلوب.

وأشار إلى الخطورة المهددة للانسان في سورية بدأت حين تم تخفيض كمية المساعدات الإنسانية والأموال الممنوحة وتضاعف المشكلات التي يتسبب المزيد من الجوع والبطالة والفقر والمشكلات الاجتماعية والإنسانية في منطقة مكتظة بالسكان والنازحين والمعدمين.