مأساة لأبناء سوريا ووصمة عار في جبين الإنسانية … مجزرة الغوطة والألم المستمر
لم يكن الثمن سهلا، كان عمرا وأهلا وبلدا، تقاذفتهم الرياح واتعبتهم التدخلات الإقليمية والدولية وحرقهم كيمياوي النظام، لم يكن بسيطا ما تذوقه السوريون منذ بداية ثورتهم، مآسي لا يمكن لبشر أن يتحملها هكذا كان وصف الأمم المتحدة في أحد تقاريرها، شعب ناضل وخسر ما عليه وضحّى من أجل العيش ضمن مناخ حر وديمقراطي وتعددي، وبرغم المجازر التي لا تحصى و لاتعد قاوم هؤلاء لمحاربة الظلم والقمع.
مجزرة الغوطة الشرقية يوم 21 أغسطس 2013، لم تكن ذكرى فحسب، يوم أباد فيه النظام الشعب بالكيماوي والأسلحة المحرمة دوليا وغاز السارين دون رحمة من أجل أن يستمر حاكمة على كرسي ملوث بدماء الأبرياء متكئا على آلة أمنية قمعية وعسكرية مستبدة حادت عن حماية الوطن وأبنائه وحرقته علنا، بل كان التاريخ بداية لمقاومة شعبية سورية حقيقية وثورية مؤمنة حد الموت بضرورة رحيل المنظومة كاملة وتغيير النظام بشكل مستعجل” لا يمكن أن يحكمنا رجل شرب دماءنا ودمر منازلنا وقتل هويتنا وخرب وطننا وهجر فلذات أكبادنا وقتلنا”.
فوجع غدر أن تقصف شعبك وهم نيام الساعة2:30فجرا بمئات الصواريخ من نوع أرض أرض محملة بغازات سامة من نوع السارين وفق التقارير الدولية لا يمكن تجاوزه وإسقاطه بالمصالحة ولن يشفى الألم إلا بالمحاسبة التامة والملاحقة ضمن محاكم دولية محايدة لإنصاف الضحايا واخماد نار تلتهب في قلوب أمهات وثكالى وشيوخ وشباب، بل تلتهب في وجدان كل حر في هذا العالم.
وعزت المصادر المتقاطعة والأهلية للمرصد السوري لحقوق الإنسان السبب إلى تحضير الفصائل العاملة في غوطة دمشق الشرقية حينها، لعملية عسكرية واسعة ضد قوات النظام عبر هجوم مركز ومكثف وعنيف يهدف للدخول إلى العاصمة دمشق والسيطرة عليها والبدء بحرب عصابات داخلها، إلا أن سلطة النظام الأمنية والعسكرية، تمكنت من الحصول على معلومات حول التحضر للهجوم بشكل حقيقي من قبل آلاف المقاتلين في الفصائل، وتحدثت مصادر أن قوات النظام في تلك المرحلة لم تكن في كامل جاهزيتها لمثل هذا النوع من الهجوم الذي جرى التحضير له بشكل كبير ودقيق من قبل الفصائل، فما كان منها إلا أن عاجلت مركز انطلاق العملية العسكرية ضد دمشق، بصواريخ تحمل مواد كيميائية، أطلقت بأوامر من ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري، وجرى تنفيذ الأمر من قبل لواء منحدر من منطقة صافيتا في ريف محافظة طرطوس الساحلية.
ويذكر أن الغوطة الشرقية من أول المناطق التي خرجت منها الثورة السورية السلمية قبل تسليحها في احتجاجات نادت بإسقاط النظام وجاءت المجزرة كانتقام من الجهة، علما وأنها خرجت عن سيطرة الأسد عام2012، وفرض عليها حصارا عاما كاملا خلف أزمة إنسانية جاع فيها الأهالي.
ويؤكد المرصد السوري لحقوق الانسان أن ما عاشته الغوطة من مجزرة بشعة استهدفت البشر بسبب موقف سياسي معارض لا يمكن أن ينسى وسيظل في الذاكرة السورية المأساوية.
وانطلاقا من دوره الحقوقي والإنساني، يجدد المرصد السوري لحقوق الإنسان مطالبته للجهات الدولية الإنسانية والحقوقية بتحقيق العدالة من خلال محاسبة مرتكبي مجزرة الكيماوي في غوطتي دمشق والتي تعتبر من أبشع المجازر في القرن الـ21 من خلال شهادات الناجين للمرصد السوري.
ويؤكد المرصد أن الإفلات من العقاب غذى روح الإجرام في سوريا سواءً كن المنظومة الحاكمة أو الشريحة والفصائل المسلحة، ويذكر بأن الثورة السورية التي بدأت سلمية مطالبة بالحياة والكرامة سُلحت وعسكرت حتى تلصق لها تهم الإرهاب والعنف وتخرج عن أهدافها، لافتا إلى أن الشعب الذي ثار من أجل الحياة لا يمكن أن يقدم الموت والقتل.
ويٌذكر المرصد بأنه برغم تحميل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المسؤولية للأسد إلا أن المحاسبة لازالت بعيدة، ونخشى ان يضيع حق الضحايا في زحام التطبيع والمصالحة القائمة لإعادة تلميع النظام.
وبرغم مرور 11 عاما، لازال الناجون من المجزرة يعانون من آثارها الكارثية صحيا ونفسيا، وفي انتظار العدل والعدالة فلتنعم أرواح الأبرياء بالنعيم.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، يطالب بمحاسبة مرتكبي المجزرة التي لم تكن مجرد حدث تاريخي، بل هي تذكير دائم، بضرورة الوقوف في وجه الظلم والحفاظ على إنسانيتنا.