ماذا يعني سؤال أوباما للعرب: لماذا لا تقاتلون الأسد؟

57

فرح السوريون بوصول “الربيع العربي” الى وطنهم، وشرّعوا أبوابهم وشرفاتهم لاستقباله، فهم بحاجة الى نسمات الحرية التي يحملها، بعد سنوات من فصول القمع والتعذيب التي عاشوها. اعتقدوا ان تلطيف “الأجواء” وإسقاط النظام لا يتطلب وقتاً طويلاً ودماً غزيراً، لاسيما انهم رأوا سرعة فرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وإطاحة الرئيس المصري حسني مبارك في مصر، وتنحّي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، ومقتل العقيد الليبي معمر القذافي. اعتقدوا أن الدعم الخارجي لموجة التغيير في المنطقة لن يتوقّف عند حدودهم، لم يتصوّروا يومًا أن المطالبة بالديموقراطية سيكلّفهم سيلاً من الجثث ودمار وطن وتخاذل أمم.
أثارت حرارة “الربيع” بركان التطرف الخامد في سوريا، حممه قذفت بتنظيمات متطرفة ومقاتلين من كل الجنسيات، والنتيجة أنهار من العذابات.  اكتفت أميركا والغرب بتوجيه التحذيرات ومن بعدها بعض الطائرات لضرب “داعش” لا النظام، كذلك فعلت الدول الاوروبية، لكن الصدمة الكبرى التي تلقاها السوريون هي سرعة التدخّل العربي في اليمن وتركهم يواجهون عراة براميل النظام.
في الأمس القريب تساءل اوباما لماذا لا نرى عرباً يحاربون الانتهاكات الفظيعة التي ترتكب ضد حقوق الانسان، أو يقاتلون ضد ما يفعله بشار الأسد؟ سؤال طرح علامات استفهام عديدة، هل هذه دعوة الى تحالف عربي عسكري على غرار ما يحصل في اليمن؟ أم غسل اوباما ليديه من أزمة باتت رائحة الدماء التي تفوح منها لا تحتمل؟
سؤال أوباما طرحته الشعوب العربية قبله، لماذا يترك الجرح السوري من دون عملية تطهير من قبل “الاطباء” العرب. الدكتور سمير جعجع رئيس حزب “القوات اللبنانية” رأى أنه “قد نشهد في الأشهر المقبلة وجوداً عربياً مباشراً وقوياً في سوريا، وإذا اتُخذ هذا القرار سيكون وجوداً حاسماً مرة لكلّ المرات” فهل من الممكن ان تتشكل غرفة العمليات العربية قريباً لمداواة “المريض” الذي بات يحتاج الى بتر احد اطرافه؟

الباب فتح… ولكن!
“اوباما فتح في حديثه باباً للتدخل العربي مع قيادة خلفية ومساندة أميركية، اي دعم لوجستي بالسلاح لا بالجيش” بحسب سفير لبنان السابق لدى الولايات المتحدة الأميركية رياض طبارة الذي استبعد في اتصال مع “النهار” ان “تشهد الاشهر القادمة تدخلاً عربياً في سوريا، الا اذا صدر قرار دولي او على الاقل قرار اميركي – اوروبي بضرورة التدخل، مع وجود استراتيجية كاملة”. وأضاف “لا اعتقد ان يحصل تدخل كما حصل في اليمن، حيث تم تجاوز الخطوط الحمر وتهديد باب المندب التي تعني السيطرة عليه قطع شريان البترول من الخليج العربي الى اوروبا، ثانيًا اليمن تشكل خطرًا مباشراً على المملكة السعودية كونها على حدودها، أما سوريا فبعيدة عن حدودها، كما ان المجموعات المتقاتلة في سوريا بالآلاف بينما في اليمن لا تزال الاشكالات في اولها”.
كلام طباره أكده اللواء الدكتور فايز الدويري الذي اعتبر التدخّل العربي في سوريا ليس بالأمر السهل “فالجميع يتحدث عن حل سياسي بسبب الفيتو الصيني والروسي وموقف ايران وحزب الله، كما أن ما يجري لا يشكّل تهديداً للامن القطري، على عكس اليمن الذي بات يهدد المملكة بشكل مباشر”، وأضاف “من المنظور العسكري هناك عاصفة حزم لا تزال في مراحلها الاولى ولا يمكن الحكم على نتائجها في الفترة الحالية، ولا يمكن التفكير في خوض عاصفة ثانية قبل ان تظهر نتائج العاصفة الاولى، لذلك فإن المشكلة السورية موضوعة على الرفّ الآن، ولو أراد العرب أن يحسموها قبل سنوات لفعلوا، واتخذوا قرارات جريئة وحاسمة كما حصل في عاصفة الحزم”.
من جانبه، رأى مستشار جعجع العميد وهبي قاطيشا أن” القوات اللبنانية تشجع وتتمنى تدخل العرب في سوريا” رادًّا عدم التدخل الى الآن “إلى وجود معارضة معتدلة على الارض تحارب النظام، فيما التدخل يحتاج إما الى قرار دولي او إلى وصول الوضع في سوريا الى درجة مزرية، فيأخذ العرب على عاتقهم الحسم تحت غطاء اميركي – اوروبي”.

 

المصدر : النهار