ماكغورك: دخول تركيا مناطق الأكراد سيعجل انتشار الفوضى
شرح بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الخاص إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، في مقال نشره قبل يومين، في صحيفة “واشنطن بوست”، أسباب استقالته من المهمة الرسمية، موضحاً أن قرار ترمب بسحب القوات الأميركية من سوريا جاء دون استشارة للشركاء في التحالف الدولي، ودون فهم للحقائق على أرض الواقع هناك، مضيفاً أن دخول تركيا إلى ما يعرف بالمنطقة الآمنة، سيعجّل من انتشار الفوضى.
وتناول ماكغورك في المقال الأبعاد السلبية لقرار الرئيس الأميركي، الذي اتخذه، بحسب تعبيره، بناء على تصورات غير حقيقية، أقنعه بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأشار ماكغورك إلى أن ترمب اتخذ القرار بشكل مفاجئ، ما أصاب شركاء الولايات المتحدة في التحالف الدولي بالذهول، كما انتاب قادة قوات سوريا الديمقراطية SDF حالة من الذهول أعقبتها حالة إنكار على أمل أن يتراجع ترمب عن قراره في آخر لحظة.
مكالمة بومبيو
وأوضح ماكغورك أنه في 17 ديسمبر طلب وزير الخارجية مايك بومبيو إجراء مكالمة جماعية مهمة معه وعدد قليل من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية.
وخلال المكالمة التي تلقاها ماكغورك من داخل مقر السفارة الأميركية في العراق، التي يسافر إليها كثيراً للمساعدة في إدارة العمليات القتالية الأميركية ضد داعش، أخبرهم بومبيو أن هناك تغييرا مفاجئا في الخطط، حيث إن الرئيس ترمب، بعد محادثة هاتفية مع نظيره التركي، قرر إعلان النصر على داعش وإصدار التوجيهات إلى القوات الأميركية للانسحاب من سوريا.
تناقض واستقالة
إلى ذلك، أوضح أنه بادر بالعودة على الفور إلى واشنطن للمساعدة في التخفيف من الآثار المترتبة على هذا القرار، خاصة بين شركاء الولايات المتحدة في التحالف الدولي، الذين كانوا تلقوا تأكيدات منذ فترة قصيرة للغاية، بناء على تعليمات من البيت الأبيض، بأن الولايات المتحدة لا تعتزم مغادرة سوريا قريباً، والتي أعلنها مستشار الأمن القومي جون بولتون قائلاً: سنبقى في سوريا “طالما استمر الخطر الإيراني في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
وأكد ماكغورك أنه سرعان ما تبين له أنه لن يتمكن من تنفيذ التعليمات الجديدة بشكل فعال، ومن ثم تقدم باستقالته في 22 ديسمبر.
تصريحات بلا أساس
وتابع ماكغورك: “بعد يومين، من دعوة بومبيو للمحادثة الهاتفية، قال ترمب: “لقد هزمنا داعش في سوريا”، لكن هذا لم يكن صحيحاً، حيث قمنا بمواصلة شن غارات جوية ضد داعش. وبعد أيام، ادعى ترمب أن المملكة العربية السعودية قد “وافقت الآن على إنفاق الأموال اللازمة للمساعدة في إعادة إعمار سوريا”. لكن هذا أيضا لم يكن صحيحاً، كما أكد الجانب السعودي لاحقاً”.
إلى ذلك، أوضح المبعوث الأميركي الخاص إلى التحالف أن ترمب اقترح مغادرة القوات العسكرية الأميركية سوريا في غضون 30 يوما، مؤكداً أن هذا الأمر مستحيل من الناحية اللوجستية.
فصائل متطرفة مدعومة من تركيا
أما الأسوأ من ذلك، بحسب ماكغورك، فيكمن في أن “ترمب اتخذ هذا القرار المفاجئ بعد مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث وافق مقتنعاً باقتراح أردوغان تولي قوات تركية مهمة قتال داعش في عمق سوريا”.
وأكد ماكغورك أن تركيا لا تستطيع في الحقيقة أن تقوم بعمليات على بعد مئات الأميال من حدودها في أرض معادية بدون دعم عسكري أميركي رئيسي، كما أن العديد من جماعات المعارضة السورية، المدعومة من تركيا تضم متطرفين في صفوفها، أعلنوا صراحة عزمهم محاربة الأكراد، وليس تنظيم داعش الإرهابي.
نتائج سلبية لدخول تركيا
إلى ذلك، أشار ماكغورك إلى أن اقتراح ترمب الأخير، الذي أعلن عنه عبر منصة تويتر، بإقامة منطقة آمنة يبلغ طولها نحو 32 كم، والتي يزعم أردوغان أن تركيا ستقوم بإقامتها، يبدو أنه تم الاتفاق عليها بدون أي دراسة عملية أو تحليل واقعي، حيث إن هذه المنطقة تشمل جميع المناطق الكردية في شرق سوريا، ولا توجد قوات ذات جاهزية أو لديها الاستعدادات لتولي مسؤوليتها، ولا يوجد متسع من الوقت لتكوين قوات مخصصة لهذا الغرض، بينما تقوم القوات الأميركية بعمليات الانسحاب وفقاً لإطار زمني ضيق.
كما توقع ماكغورك أن يؤدي دخول قوات المعارضة، المدعومة من تركيا، إلى هذه المنطقة إلى تهجير الآلاف من الأكراد، وكذلك تهديد الجماعات المسيحية الهشة والمبعثرة في هذه الأنحاء.
وحذر من أن العواقب الوخيمة والنتائج الاستراتيجية السلبية لقرار ترمب بدأت في الظهور بالفعل، حيث إنه كلما زادت تركيا من توسعها في سوريا، تسارعت وتيرة تقارب شركاء الولايات المتحدة في التحالف الدولي من الدول العربية، من دمشق.
وأضاف “ليس من قبيل المصادفة أن البحرين والإمارات العربية المتحدة قامتا بإعادة فتح سفارتيهما في دمشق بعد وقت قصير من تصريح ترمب الخاص بالانسحاب من سوريا”.
وأوضح أن البحرين والإمارات، ومصر والأردن، تتبنى وجهة نظر تقول إن إشراك دمشق، يمكن أن يساعد في تخفيف وطأة التأثير الروسي والإيراني والتركي في سوريا، فيما يعد إسقاطا من حساباتهم لوجهات النظر المخالفة، التي تسوق لها واشنطن.
واختتم ماكغورك مقاله باقتراح عدد من الحلول العملية لتلافي الآثار السلبية المترتبة على قرار ترمب، محذرا من أن المناطق، التي تسيطر عليها تركيا “ظاهريا”، مثل محافظة إدلب في الشمال الغربي، تهيمن عليها عناصر تنظيم القاعدة بشكل متزايد.
كما أوضح أن الولايات المتحدة تستطيع مساعدة تركيا على حماية حدودها، ولكن الحل المطروح حاليا والخاص بدخول الجيش التركي ومقاتلي المعارضة، المدعومين من تركيا، إلى مناطق تابعة لقوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا، سيعجل بانتشار الفوضى وتهيئة بيئة تسمح “بازدهار المتطرفين” وعودة تهديد داعش مجددا لشركاء الولايات المتحدة الأوربيين ثم إلى الولايات المتحدة نفسها.