مدينة الرقة تشهد فرار نحو 80 من عوائل قياديين وأجانب في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية” بعد نحو أسبوعين من هروب أكثر من 300 عائلة مماثلة

23

حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على معلومات من عدد من المصادر الموثوقة، عن خروج دفعة من عائلات قياديي وعناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” من مدينة الرقة التي تعد معقل التنظيم في سوريا، وفي التفاصيل التي وثقها المرصد السوري، فإن ما لا يقل عن 80 عائلة من عوائل عناصر وقياديي تنظيم “الدولة الإسلامية” غادروا مدينة الرقة خلال الـ 24 ساعة الفائتة، وأكدت المصادر أن غالبية المغادرين هم عوائل عناصر وقياديين في التنظيم من جنسيات أجنبية، انتقلوا على متن زوارق عبر نهر الفرات وعبروا إلى الضفة الجنوبية للنهر، ومن ثم توجهوا نحو الريف الجنوبي للمدينة.

هذا الخروج من مدينة الرقة يأتي بالتزامن مع معارك عنيفة شهدتها الأيام الفائتة بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة، وتنظيم “الدولة الإسلامية” من جهة أخرى، على محاور في الريف الشرقي لمدينة الرقة، كما يأتي بعد أكثر من أسبوعين على خروج نحو 300 عائلة من مدينة الرقة نحو مناطق أخرى يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية”، فيما كانت وصلت عشرات العائلات قبل أيام من محافظة الرقة إلى مدينة الميادين التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية”، في حين يعيش المواطنون المدنيون في المدينة أوضاعاً إنسانية صعبة، ويتفاقم سوءها يوماً بعد يوم، مع نقص المواد الغذائية والطبية ومستلزمات الحياة، بالتزامنمع بدء ارتفاع أسعارها بشكل عكسي مع تناقص القدرة الشرائية لدى المواطنين، حيث جاء تناقص المواد نتيجة لتناقص ورودها إلى مدينة الرقة بعد قطع كافة الطرقات البرية الواصلة إلى المدينة، الأمر الذي أثار استياءاً واسعاً لدى المواطنين، وباتوا بين سندانات ومطارق كثيرة، من قصف التحالف الدولي والطائرات الحربية ومحاصرتهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية وقيود تنظيم “الدولة الإسلامية” المفروضة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية وظروف أخرى تشهدها المدينة، زادت التخوف لدى المدنيين من المتغيرات والظروف الغير واضحة والمصير المجهول الذي ينتظرهم.

المرصد السوري لحقوق الإنسان وعبر نشطائه تابع سماح تنظيم “الدولة الإسلامية” للنازحين من ريف حلب الشرقي، بالانتقال إلى مدينة الرقة وريفها، حيث استمر التنظيم بنقلهم إلى مدينة الرقة بواسطة عبّارات وزوارق مجتازاً لهم نهر الفرات، وذلك بعد منعهم في وقت سابق  الدخول إلى حدود محافظة الرقة، وجاء هذا السماح بعد محاولة الآلاف من عوائل المدنيين، الوصول إلى داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، ترافقها نحو 120 عائلة لمقاتلين وقياديين في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية”، بعد أيام من قيام التنظيم بإيقاف العائلات المدنية، ومنح ورقة “عائلة مجاهد في الدولة الإسلامية” لعوائل عناصر التنظيم، وسمح للأخيرة، بالعبور باتجاه مدينة الرقة، فيما ساد الاستياء بين الأهالي في مناطق سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”، من قيام الأخير بالتشديد على بقاء كل شخص في مدينته، وعدم السماح لهم بالخروج نحو مناطق أخرى حتى لو كانت تحت سيطرته، متهمين التنظيم باستخدامهم كدروع بشرية لحماية عناصره وقاداته من ضربات التحالف الدولي والطائرات الروسية وطائرات النظام.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر في وقت سابق من شهر آذار / مارس الجاري أن أكثر من 300 من عوائل القيادات والعناصر الأجنبية، بالإضافة لعدد من العوائل السورية، فروا من مدينة الرقة، التي تعد معقل تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا، ورصد نشطاء المرصد فرار هذه العوائل عبر زوارق مائية وعبَّارات نقلتهم من مدينة الرقة إلى الضفة الجنوبية لنهر الفرات، ومن ثم توجهت هذه العوائل باتجاهين متغايرين، حيث فر قسم منهم إلى محافظة دير الزور فيما انتقل القسم الآخر إلى ريف حماة الشرقي، حيث أكدت المصادر للمرصد السوري لحقوق الإنسان حينها أن مدينة الرقة شهدت قيام “الشرعيين” وأئمة مساجدها بمخاطبة المواطنين في المدينة، بأن “كل من لا يحمل السلاح ويدافع عن أرضه وعرضه، فهو ديوث لأن الأمريكيين سيغتصبون عرضه بعد أن يحتلوا أرضه””.

هذا الفرار الجماعي للعائلات الأجنبية من مدينة الرقة، جاء بعد تمكن قوات سوريا الديمقراطية المدعمة بطائرات التحالف الدولي من محاصرة المدينة وأجزاء من ريفها، عبر قطع طريق الرقة – دير الزور، والتقدم نحو مدينة الرقة، في حين أن قوات سوريا الديمقراطية تواصل الشهر الخامس لعملياتها العسكرية في الرقة تحت مسمى “غضب الفرات”، بدعم من التحالف الدولي، في استمرار لتحقيق هدفها الرئيسي من الحملة بطرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من مدينة الرقة، التي تعد معقله الرئيسي في سوريا، بعد تمكن هذه القوات وبمساندة قوات خاصة أمريكية وطائرات التحالف الدولي من محاصرة مدينة الرقة وأجزاء من أريافها، وقطع الطرق الواصلة للمدينة، باستثناء الجسور المتحركة التي يستعملها التنظيم، بالإضافة للزوارق المائية التي يستخدمها في العبور من الضفة الجنوبية لنهر الفرات إلى الضفة الشمالية ومدينة الرقة، فيما يأتي استمرار العملية العسكرية بالتزامن مع تحضيرات من قبل قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي لمعركة الرقة الكبرى، حيث استقدمت قوات سوريا الديمقراطية تعزيزات من مقاتلين وآليات، بالتزامن مع إدخال التحالف الدولي لمئات الآليات العسكرية مصحوبة بعتاد وذخيرة ومستشارين عسكريين والعشرات من الجنود في القوات الخاصة الأمريكية، للمشاركة في هذه المعركة، ورصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان مرور مئات الآليات العسكرية القادمة عبر معبر سيمالكا في الشرق والذي يربط بين الجزيرة السورية وإقليم كردستان العراق، متجهة نحو الرقة.

ولا تزال طائرات حربية وأخرى بدون طيار ملازمة لأجواء ريف الرقة، بالتزامن مع استهدافها بين الحين والآخر لمناطق سيطرة تنظيم “الدول الإسلامية”، في حين كانت قوات سوريا الديمقراطية قد تمكنت في الـ 6 من شهر آذار / مارس الجاري من تحقيق تقدم وقطع طريق دير الزور – الرقة، لتحقق بذلك هدف حملة “غضب الفرات” الرئيسي والتي جرت على 3 مراحل متتابعة شملت الأرياف الشمالية والغربية والشرقية على التتالي، وبتقدم هذه القوات وقطعها للطريق الواصل بين مدينتي دير الزور والرقة، تكون قد تمكنت من حصار عاصمة تنظيم “الدولة الإسلامية” ومعقله في سوريا، عبر قطع خطوط الإمداد البرية بشكل كامل عن مدينة الرقة ومحيطها، حيث لم يتبق للتنظيم سوى جسور خشبية وطرق مائية للوصول إلى مدينة الرقة، عبر الزوارق التي يستخدمها التنظيم في عملية التنقل بين مدينة الرقة ومحيطها والضفاف الجنوبية لنهر الفرات، بعد تدمير التحالف الدولي لجسري الرقة القديم والجديد في الثالث من شباط / فبراير المنصرم من العام الجاري، قبيل يوم من بدء المرحلة الثالثة من عملية “غضب الفرات” في ريف الرقة الشرقي، والتي قطعت الإمداد بين مدينة الرقة وريفها الجنوبي.