مساع مستمرة لاجلاء مدنيين محاصرين في آخر جيب للجهاديين في شرق سوريا

33

لا يزال عدد كبير من المدنيين محاصراً الخميس في البقعة الأخيرة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا، في حين تسعى قوات سوريا الديموقراطية لاجلائهم تمهيداً لحسم معركتها ضد الجهاديين واعلان انتهاء “خلافة” أثارت الرعب طيلة سنوات.

واتهمت قوات سوريا الديموقراطية الخميس “خلايا” تابعة للتنظيم بتفجير سيارة مفخخة في قرية الشحيل القريبة من حقل العمر النفطي، ما تسبب بمقتل 20 شخصاً على الأقل غالبيتهم من عمال الحقل، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان.

وأفادت مصادر أمنية الخميس أن الجهادي الفرنسي فابيان كلان الذي تبنى في تسجيل صوتي باسم التنظيم المسؤولية عن اعتداءات تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في باريس، قتل ليلاً في غارة جوية. وبحسب إذاعة فرانس انتر التي كشفت المعلومات، أصيب شقيقه جان ميشال بجروح بالغة خلال ضربة شنها التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

وغداة اجلاء المئات من من الجيب الأخير للتنظيم في بلدة الباغوز، حيث بات محاصراً في مساحة تقدر بنصف كيلومتر مربع، خرجت أكثر من خمسين شاحنة خالية من الركاب الخميس، وفق ما شاهدت مراسلة فرانس برس.

وقال حسام وهو أحد مرافقي الشاحنات ومسؤول عن احصاء عدد الركاب لفرانس برس بعد عودة الشاحنات “لم نتمكن من دخول الباغوز. وصلنا إلى نقطة قوات سوريا الديموقراطية ووجدنا نحو ١٥ شخصاً، نساء وأطفال بينهم امرأة فرنسية وأخرى مصرية. أخذناهم معنا”.

وأضاف “طلب منا المقاتلون العودة غداً عند الساعة الثامنة صباحاً”.

وشاهد فريق فرانس برس صباحاً عن بعد عشرات الأمتار، مئات الأشخاص من نساء ورجال وأطفال ينتظرون في منطقة الفرز، ويرجح أنهم المجموعة التي خرجت الأربعاء من جيب التنظيم. ولدى مروره بعد الظهر، رصد وجود غالبية من النساء والأطفال فيما كانت خمس شاحنات غالبية قاطراتها مغلقة في طريق خروجها من المنطقة تقل على الأرجح الأشخاص الذين يُشتبه بانتمائهم إلى التنظيم، الى التحقيق بعد انتهاء عملية الفرز.

ولم تسمح قوات سوريا الديموقراطية للصحافيين بالاقتراب من نقطة الفرز أو الشاحنات.

وينصب اهتمام قوات سوريا الديمقراطية حالياً على عمليات إجلاء المدنيين. ويسيطر التنظيم على عدد من المنازل والأراضي الزراعية في الباغوز حيث يتحصن مقاتلوه في أنفاق وأقبية.

– “الاستسلام فقط” –

أوضح شون راين، المتحدث باسم التحالف الدولي الذي يدعم هجوم قوات سوريا الديموقراطية لوكالة فرانس برس الخميس أن “قوات التحالف، بما في ذلك الولايات المتحدة، تواصل دعم قوات سوريا الديموقراطية بينما تتفاوض لاطلاق سراح مدنيين أبرياء وعودة مقاتليها” من الأسرى لدى التنظيم.

إلا أن قوات سوريا الديموقراطية نفت من جهتها وجود أي مفاوضات مباشرة أو عبر وسطاء مع التنظيم. وقال المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديموقراطية في دير الزور عدنان عفرين لفرانس برس الخميس “حتى الآن لم تحصل أي مفاوضات (…) ونحن كقوات سوريا الديموقراطية لم نفتح بعد ملف التفاوض مع داعش أو أي جهة أخرى”.

وأضاف “ليس لدى داعش أوراق يفاوض عليها وليس أمامه إلا الاستسلام فقط” موضحاً أنه في حال حصول مفاوضات فستكون على أن “يستلم مقاتلو داعش بدون أي شروط مقابل خروج المدنيين”.

واتهم عفرين “خلايا” تابعة للتنظيم بتفجير سيارة مفخخة في قرية قريبة من حقل العمر النفطي، ما تسبب بمقتل 14 مدنياً من عمال حقل العمر بالإضافة إلى ستة من عناصر قوات سوريا الديموقراطية، وفق حصيلة للمرصد.

واعتبر عفرين أن هذه “الخلايا.. تحاول إعاقة التقدم في الباغوز”.

وشن التنظيم خلال الأيام الأخيرة وفق عفرين “هجمات على المقاتلين في الخطوط الخلفية عن طريق تنفيذ اغتيالات ومفخخات” تستهدف حتى المدنيين.

وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية التفجير من خلال تطبيق التراسل “تليغرام” حيث أورد أن مقاتليه زرعوا وفجروا سيارة محملة بالمتفجرات.

ودفعت العمليات العسكرية نحو أربعين ألف شخص الى النزوح تدريجياً من البلدات والقرى التي كانت تحت سيطرة التنظيم في ريف دير الزور الشرقي، غالبيتهم من عائلات الجهاديين من جنسيات عدة، بحسب المرصد، وبينهم نحو أربعة آلاف مقاتل تم توقيفهم إثر خروجهم.

وقال بول برادلي أحد المتطوعين في منظمة “فري بورما راينجرز” وهي منظمة إغاثة أميركية غير حكومية، لفرانس برس الأربعاء قرب بلدة الباغوز إن العشرات خرجوا الثلاثاء بشكل منفرد من الجيب المحاصر، بينهم عائلة فرنسية وأخرى مصرية.

-“خطر الموت”-

تأوي ثلاث مخيمات مخصصة للنازحين في شمال شرق سوريا أبرزها مخيم الهول، أكثر من 2500 طفل أجنبي من ثلاثين بلداً، 1100 منهم وصلوا منذ كانون الثاني/يناير من جيب التنظيم الأخير، وفق ما أعلنت منظمة إنقاذ الطفل “سايف ذي تشيلدرن” في تقرير الخميس.

ولا تزيد أعمار بعض الأطفال في المخيمات عن أيام أو أسابيع، بحسب المنظمة.

وقالت مديرة مكتب استجابة سوريا في المنظمة سونيا كوش “يجب على جميع الدول التي لديها مواطنين عالقين في سوريا تحمّل مسؤولية مواطنيها”.

ويشكل ملف الجهاديين الأجانب وعائلاتهم عبئاً على الإدارة الذاتية الكردية التي تطالب بلدانهم باستعادتهم ومحاكمة عناصر التنظيم على أراضيها.

من جهة أخرى أعلنت مصادر أمنية عراقية لفرانس برس أن القوات العراقية تسلمت الخميس 130 مقاتلا عراقيا من تنظيم الدولة الإسلامية اعتقلتهم قوات سوريا الديموقراطية على الأراضي السورية.

وبينما نفت قوات سوريا الديموقراطية العملية، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هؤلاء نقلوا “على متن شاحنات التحالف الدولي، ومن ثم جرى تسليمها للجيش العراقي”.

ورغم الدعوات من الأكراد والولايات المتحدة، تتردد غالبية الدول الغربية، ولا سيما الأوروبية منها، في استعادة مواطنيها من سوريا.

وطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الدول الأوروبية مؤخرا استعادة 800 جهادي معتقلين في سوريا، لكن واشنطن رفضت الأربعاء عودة شابة أميركية من سوريا.