مستغلة التصعيد التركي.. موسكو ترعى مفاوضات بين الإدارة الذاتية والنظام السوري

51

سورية
المرصد السوري لحقوق الإنسان
تستقبل روسيا وفداً من الإدارة الذاتية لمناقشة الأوضاع في المنطقة الشرقية، وبحث الأسس التي يمكن أن تُبنى عليها المفاوضات المرتقبة مع دمشق، في ظلّ التهديدات التركية المستمرة التي تمتدّ من تل رفعت بريف حلب، وصولا إلى تل تمر وعين عيسى في الحسكة والرقة، خاصة أن هذه التهديدات جاءت هذه المرّة متزامنة مع تحرّكات عسكرية وحشد القوات عند خطوط التماس، وشن هجمات بطائرات مسيّرة.
وفي ظل كثير من المتغيرات، لطالما عبّر الأكراد عن استعدادهم للانفتاح على دمشق والحوار من أجل التصدي للتمركز التركي شمال سورية، وأبدوا سعيهم إلى بدء مفاوضات جادّة تنهي حالة التعقيد في ملفّ الشرق السوري، في ظل الضغوط السياسية الروسية من جهة، والتهديدات التركية بشن عملية عسكرية تستهدف مناطق قوات سوريا الديمقراطية، من جهة أخرى.
ويرى محمود حبيب، الناطق الرسمي بإسم لواء الشمال الديمقراطي، والقيادي ب”قسد”، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان ،أن مؤشرات تتالت بشأن عملية عسكرية قد تقوم بها تركيا لاحتلال المزيد من الأراضي السورية، مشيرا إلى أن الرغبة التركية تصطدم بموانع أمريكية روسية لا تستطيع تركيا تجاوزها، وأن المعركة العسكرية المرتقبة مرهونة بنتائج المعركة السياسية بين الأطراف الدولية والإقليمية المتدخلة بشرق الفرات.
وأضاف محمود حبيب، أن قوات سوريا الديمقراطية تعمل على دور دفاعي متكامل لصد أي عدوان محتمل، لافتا إلى أن القوات العسكرية المنتشرة على طول خطوط التماس في حالة تأهب دائم بسبب الاعتداءات المتكررة من قبل جيش الاحتلال التركي ومرتزقته، وقد اكتسبت”قسد” مهارات كبيرة في عمليات الدفاع بعد أن اختبرت وبنجاح الدور الهجومي في عمليات التحرير من تنظيم”داعش” الارهابي.
وبخصوص سؤال حول الدعوات الكردية الجادة إلى حوار مع دمشق للتصدّي للتمدد التركي شمال سورية، وبخاصة الحوار الذي ترعاه موسكو، أفاد محدثنا بأن خيار الحوار مع دمشق جاء من منطلق وطني وضرورات اقتضتها المصلحة السياسية العليا برغم أن النظام غير جاد في إدارة حوار وطني، موضحا أن الإدارة لن تتراجع عن هذا المبدإ وخصوصا في ظل التهديدات التركية باحتلال المزيد من الأراضي السورية.
ويعتقد القيادي بـ”قسد” أن النظام وبإشراف روسي قد تفهّم تلك الضرورات وذلك من خلال إدخال المزيد من الآليات الثقيلة والعربات المدرعة لنشرها على خطوط التماس في منطقة تل رفعت وعين عيسى وكوباني، فضلا عن المناورات التي أجراها الروس مع النظام في تل تمر، ومؤخرا وصول طائرة حربية روسية لأول مرة إلى مطار القامشلي ما يعني الوقوف الجاد بوجه تركيا، والرضا الأمريكي عن هذه الخطوات، متابعا أن الضغط والتهديد التركي سيسفر عن المزيد من تفعيل دور الروس والنظام في شرق الفرات.
بدوره رحّب إبرهيم القفطان، رئيس حزب سوريا المستقبل، وعضو الهيئة الرئاسية لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، في تصريح للمرصد السوري لحقوق الإنسان، بدعوات الحوار والمصالحة بين حكومة دمشق و”الإدارة الذاتية”، مشددا على أن أي اتفاق بين الطرفين سيفضي إلى حل الأزمة السورية وصد الاحتلال التركي، وينهي وجوده على الأراضي السورية.
واعتبر أن مسألة الدعوات الجادة إلى الحوار ليست بالجديدة، لافتا إلى أن حزبه و”مسد” يسعيان إلى أن يكون الحوار مع أبناء سورية قبل الأطراف الدولية خاصة وأن الدول المتدخّلة قد عمّقت الأزمة بين أبناء البلد أكثر من أن تحل المشكل في سعي إلى تحقيق مصالحها.
من جهته،أكد صلاح علمداري، عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سورية، في حديث مع المرصد مع المرصد السوري على حقيقة أن الحروب لا تنتج حلولا بينما الحوار و التفاوض هما السبیل إلى حل المشاكل، لافتا إلى أنه إذا كانت روسیا جادة فی لعب دور الوسیط في مفاوضات “مسد” مع النظام ،فلابد من الاعتراف أولا بـ”مسد” و”قسد” وتضمین حقوق الكرد القومية فی دستور البلاد ، أما إذا كانت موسكو تستغل تهدیدات تركیا باجتیاح عسكری لتخويف “مسد” و”قسد” وإرغامهما علی العودة إلى حضن النظام بدون مطالب فإن ذلك من غير المقبول.
ودعا السياسي الكردي إلى ضرورة حلّ القضية الكردية وفق الأسس التي تعمل وفقها الإدارة الذاتية، وبعيدا عن سياسة المصالح والمصالحات التي لا تخدم القضية.
وفي ذات السياق، عبّر علي عيسو، مدير مؤسسة “ايزدينا” من جانبه، في حديث مع المرصد، عن إدراك أهمية الحوار أو التفاوض مع الأطراف السياسية التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال وشرق سورية، وعليه يجب ألاّ نستبق هذه الدعوات بشروط لا تتلاءم مع المتغيرات التي طرأت على الحياة السياسية بعد عام 2011 ، مشيرا إلى أهمية حصول تعديلات جذرية في نوع الحكم ومؤسسات الدولة.
وأضاف قائلا:”جميع الأطراف السياسية في سورية بما فيها النظام والمعارضة، هم خاسرون حتماً من أية عمليات عسكرية تركية مرتقبة، وحتى المعارضة المتحالفة مع النظام التركي تدرك جيداً أن الأخير يستخدمها كآدوات حرب عبثية ولا يتعامل معها ككيان سياسي له الاستقلالية في القرار.”
وأكد عيسو أن جميع السوريين في مناطق الإدارة الذاتية يترقبون نتائج حقيقية من المفاوضات المرتقبة، ولكنهم لا يريدون لهذه النتائج أن تهدم كل ما بنوه من مؤسسات إدارية وعسكرية وخدمية وقضائية طيلة الأعوام الأخيرة لحكمهم الذاتي، وهذا الأمر يبدو أن النظام السوري ليس مستعداً بعدُ لتقبله وبالتالي لا يرى النظام نفسه مسؤولا عن حماية الحدود السورية ضد العدوان التركي.
ويرى محدّثنا أن المشاركة في هذه المفاوضات من قبل ممثلي الادارة الذاتية، هي خطوة هامة لأجل التوصل إلى تفاهمات سياسية حقيقية في حال تقبل النظام السوري التعايش مع المظهر الجديد لسوريا التعددية المصغرة في شمال وشرق سوريا.
وتتمسّك الحكومة السورية في دمشق بجملة مبادئ، أبرزها ضمان عدم المساس بهيكلية الجيش ومركزية القرار السياسي، ما يعني – في حال التوصّل إلى اتفاق بين الجانبَين – دمْج “قسد” بالجيش السوري بشكل يضمن الحفاظ على هيكليّته، وينهي وجود قوّة عسكرية على الأرض السورية غير خاضعة لسيطرة الحكومة.