مشروع صوملة سوريا…حقيقة مرعبة تهدد مسار الثورة وأخطر من شبح التقسيم

859

لم يكن تصريح الاخضر الابراهيمي المبعوث الأممي الأسبق لسوريا عام2016، بخصوص مشروع “صوملة سوريا”، اعتباطيا أو زلة لسان، بل كان واقعا وحقيقة ترتكز على حقائق واحداث على أرض الواقع، فمشروع التقسيم الذي يخيف السوريون ويرعبهم برغم انه واقع وكل شبر من الأرض تحكمها جماعة ما لم بعد خطرا أمام الصوملة نسبة الى الصومال أي أن “تنهار الدولة ويسيطر أمراء العصابات على الأرض”.
فالوضع في الجغرافيا السورية بات مقلقا حد الرعب، حيث أن سيطرة الجماعات المسلحة من جانب والنظام من جانب والدول المتدخلة من جانب آخر.
ويتخوف السوريون من تحول سوريا إلى دولة مصوملة على غرار أفغانستان والصومال ينتشر فيها زعماء الميليشيات والفصائل والدول  المتدخلة في كل مكان.

وقال الدكتور سمير التقي، المعارض السوري، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن  أغلبية الشعب السوري، على يقين بأن سلطات الأمر الواقع  لن تصالح احداً! حيث تتناقض المصالحة موضوعياً مع سبب وجود قوى الأمر الواقع ذاتها، برغم فشل بدورها.
وأشار إلى أن الأحداث قبل الانتفاضة وبعدها من حلب وحمص إلى درعا وأي مصالحة حقيقية ستعني تغيير طبيعة البنية السياسية السورية ونموذجها الاقتصادي. ولكل زمان دولة ورجال.
وأفاد بأنه حتى وإن تتوافق مكونات الدولة، أي دولة سيبقى الجمر تحت الرمال، وستواصل القوى الخارجية التآمر  مستغلة رماد الصراع، ويبقى كل طرف يراهن على انتصار كوني لعصبة من الدول المناصرة، كي يغلب الآخرين من اهل بلاده.
وتساءل عن  مدى قدرة السوريين لتجاوز الغل والحقد لاسترجاع ملكية الأرض الموحدة وعودة القبول التاريخي للهويات والقوميات، محذرا من مغب استمرار الحرب والكره

ويرى صالح مسلم،  الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي،  في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن  استقرار الشرق الأوسط يمر عبر سوريا، ولهذا لن تستقر المنطقة ما دامت غير مستقرة، معتبرا أن صوملة سوريا سيلحق الضرر بكل دول المنطقة.
ويعتقد أن مصالح قوى الهيمنة لن تسمح بالصوملة و ربما يتدخل مجلس الأمن الدولي عندما تخرج الأوضاع عن السيطرة.

بدوره، أفاد العميد المنشق، أحمد حمادة، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن الدول الفاعلة لم تسعى لحل الوضع السوري
حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية اكتفت بمحاربة داعش وإدارة الوضع السوري وهي مع قسد والتحالف شرق الفرات، أما المناطق المتبقية فتتحكم فيها ثلاث حكومات تعمل بحكم الأمر الواقع .
وأكد أن حكومة دمشق تقاتل الجميع دون اكتراث وهي المعطلة للعملية السياسية التي يمكن أن  تقضي على هذه المشاريع الخطيرة،  مشيرا إلى ان انعدام  وجود إرادة دولية للحل وتطبيق القرار 2245 ضاعف المشكل وبات شبح التقسيم أمر واقع علاوة على الصوملة.
وتابع” نظام الأسد لايهمه الشعب السوري الذي تم تهجيره بفعل الأسد وداعميه  والروس يسيطرون على عدة قواعد عسكرية وعلى القرار السوري، وكل طرف بما لديه مرتاح، والإيراني يسيطر على مناطق واسعة وينشر ميليشيات كثيرة ولديه قوى عسكرية، انها الصوملة التي يخشى السوريون أن تستمر لأمد “.

وعلق عبدالله حاج محمد، القيادي في حزب اليسار السوري، في حديث مع المرصد السوري لحقوق  الإنسان،  عن خطر الصوملة، مؤكدا أن قادة المعارضة لم يدركوا بعد هذا الخطر الذي نوه إليه الأخضر الإبراهيمي منذ سنوات وهو الأخطر.
وأشار إلى أن  إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية يهدفان لتنصيب حكاما على المنطقة لتنفيذ أطماع ومخططات خبيثة على حساب شعوب المنطقة، “ما فعله  النظام في سوريا ومايحدث من تضارب مصالح الدول المؤثرة بالقضية السورية الذي يؤدي لاطالة أمد الوضع المأساوي والوصول إلى الصوملة التي تعتبر أخطر ألف مرة من التقسيم، فيوجد على الأرض السورية عدة جيوش محتلة الإيرانيون والروس والأتراك والامريكان ومعظم مخابرات الدول الأوروبية وعشرات الميليشيات بالإضافة لأربع كيانات أمر واقع بمافيها ما تبقى من النظام الذي تنازل عن السيادة لروسيا وايران ففي ادلب جبهة النصرة التي اعترفت انها جزءً من القاعدة تحكم ادلب بإرادة تركيا ورضاء امريكي تحافظ على قرارات استانا وفي عفرين والباب ومناطق حلب  أمراء الحرب يأتمرون بأوامر تركية ويضعون خلفهم العلم التركي  وتحول بعضهم لمليشيات ذهب الى أذربيجان  وليبيا  والآن إلى افريقيا   وشرق الفراق قوات سوريا الديمقراطية مؤلفة من الأكراد وبعض العشائر العربية  تلقى دعما من أمريكا وتحرس آبار النفط”.

 من جانبه، أكد محمد علي الصايغ، عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، أن الصوملة تعني أن يكون كل شخص أو كل إنسان عدواً للٱخر ، وحل كل المشاكل يكون عن طريق العنف والحرب بعد   غياب الدولة ويتساوى مفهوم الصوملة مع مفهوم ” الهوبزنة ” نسبة إلى الفيلسوف توماس هوبز الذي أطلق ما يعرف بالعقد الاجتماعي كأساس لنشوء السلطة المدنية ، حيث يقول ” إن الإنسان في حالة الفطرة حين لا يعود يعيش “الحالة الاجتماعية” التي تؤسس للدولة، فيضطر للعيش في حالة حرب مع كل إنسان ” وإنهاء هذه الحالة لايمكن أن تتم إلا بخروج الإنسان من الحالة اللاجتماعية إلى الحالة الاجتماعية وفق نواظم العقد الاجتماعي، لافتا إلى أن  الحالة السورية وعبر حرب تجاوزت الثلاثة عشر عاماً ، أدت إلى شبه سقوط الدولة ، والوصول إلى ما يقترب كثيراً من الدولة الفاشلة ، لكن العوامل الداخلية من الموروث الثقافي إلى الموروث الديني إلى الانتماء الوطني وإن كان غير متجذر بما فيه الكفاية إلا أنه يمكن اعتباره عقد اجتماعي مضمر ، ولكنه بالتأكيد  ليس عقد اجتماعي سياسي ، يتوافق الشعب السوري وقواه السياسية على قواعد سياسية واجتماعية للسلطة والحكم،”  ثم إن الأطراف الدولية والإقليمية النافذة والمتدخلة في الصراع حالت دون وصول الأزمة السورية إلى مايمكن تسميتها ” بالسورنة ” .. لأسباب تتعلق بمصالحها ، وتتعلق أيضاً بما خبرته من تجربتها في الدول الأخرى كالعراق وليبيا.. وغيرها ، والثمن الباهظ الذي ترتب على تلك التجارب ، جعلت الدول تعمل على إضعاف النظام والمعارضة معاً دون أن يؤدي ذلك إلى سقوط الدولة وبالتالي الدخول في فوضى غير منضبطة وقد لا يمكن ضبطها ، قد تؤول إلى صراعات أكثر عنفاً وعمقاً ليس بين الأشخاص وإنما ضمن المكونات السورية المتعددة والمتنوعة بما ينذر بحرب قد لا تنتهي وقد تنعكس في تبعاتها على السلم الإقليمي و الدولي ، في ظل انحيازات الدول لهذا الطرف أو ذاك .”
ويعتقد أن مايجري في سورية إلى الٱن لا أحد من كافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية يدفع باتجاه ” السورنة ” ، أما ما يقال عن أمراء الحرب والعصابات فإنه وإن كان موجود بعض مظاهرها ، إلا أنه عندما كان أمراء الحرب في أوج قوتهم ودعمهم ويسيطرون على مساحات الأرض السورية لم تتحول سورية إلى ” السورنة ” .
وأضاف ” ولكن ما يجري اليوم بما يخص الأزمة السورية، لا زال العمل على إبقاء الملف السوري التفاوضي لإنجاز الحل السياسي في حالة تجميد ” في الفريزر ” ، مع محاولة كل طرف من الأطراف المتدخلة في سورية في كل مرحلة تحريك أوراق اللعب لديها عن طريق حروب صغيرة أو محدودة بالوكالة للضغط وتثبيت مواقع كل منها أو الامتداد بها بما يقوي حضوره ونفوذه .. ”
ووفق محدثنا، بكل الأحوال وبدون هذه ” السورنة ” ، فإن العملية السياسية في سورية في مستنقع لا يمكن الخروج منه إلا بحالتين : إما بضغط شعبي واسع نتيجة وصول الحالة السورية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً إلى حالة مأساوية فظيعة لا تطاق ، ( من الملفت أنه حتى السلطة السورية هي بذاتها تعلن من خلال مسؤوليها بأنه ليس لديها حلول أو تصور لخروج البلد من المغطس الذي هي فيه )، وإما بتوافق دولي يدفع باتجاه الانتقال السياسي عبر الضغط على الأطراف ( النظام والمعارضة ) لإنجاز الحل السياسي وفقاً للقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 2254 ، لكن فعلاً في ظل الظروف الراهنة ، وهذا الاستنقاع السياسي للقضية السورية ، ومع استمرار تفاقم الأزمات المركبة والمتصاعدة في كافة المجالات دون الولوج بأي حل إنقاذي للبلاد  ،  فإن مستقبل سورية يبقى على ” كف عفريت ” ، ومصيرها ، ومصير وحدة الدولة السورية في انتظار المجهول …

واعتبر رامز السيد ، عضو المكتب السياسي ومدير مكتب فرنسا تيار التغيير الوطني السوري، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن العملية السياسية السورية ارتسمت ملامحها منذ الفجر الأول للثورة السورية  التي أشعلها الشعب السوري ، فما كان من المجتمع الدولي إلا أن رسم ملامح الحل السياسي ووضع أسسه وتراتبياته الواضحة من خلال مخرجات جنيف 1 وجنيف 2 ، إلا أن خبث النظام السوري وامتلاكه للكثير من الأوراق الاقليمية والدولية لعب دوراً مهماً في تعطيل العملية السياسية وفرض أبعاداً جديدة لها على غير هوى المجتمع الدولي الذي وقف عاجزاً أمام تحديات المنظومة الاسدية ومن لف حولها ، حيث فرض النظام  روايته الاعلامية التي كان لها الدور الأبرز في توجيه المزاج الدولي ، طبعاً بعد منع جميع القنوات الدولية والإقليمية من العمل في الداخل السوري وبعدها قدّم روايته على أنه يحارب جماعات ارهابية مجهولة النشأة والتمويل جاءت من الخارج وبأن خطرها سيكون كبيراً على دول الجوار بالاشارة الى اسرائيل وأمنها وهنا لا بد أن تذكر تصريح رامي مخلوف رجل الاقتصاد الاسدي.
وأردف ” وبعد كل ماسبق جيّر النظام الأسدي فرقه وضباطه وأطلق لحاهم وقصّر أثوابهم وسهل لهم جميع الجرائم ليتم تصديرها فيما بعد تحت عنوان ( أنا أو الارهاب ) ، النظام السوري الذي يمسك بيد فولاذية استخباراتية بوليسية بجميع مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية وكل ما يمت الدولة بصلة قد عمل منذ عهد الاسد الاب على صوملة سوريا ولبنان أيضاً اقتصادياً وسياسيا وهو على دراية تامة بكيفية ادارة هذه الملفات واللعب على أوتار السياسة الخارجية جيداً ، لذلك يكون موضوع التقسيم ضرباً من ضروب الخيال لأنه وبكل بساطة هو الراعي الرسمي والمحتكر الوحيد لجميع الاطراف الانفصالية والجماعات الأميرية الارهابية ولا يحتاج الوضع في سوريا إلا إلى إسقاطه لتتبخر بعده جميع هذه الشراذم  “.