معارضون سوريون : لابديل عن رحيل الأسد

8

16203127235

تتسع يومًا بعد يوم الهوة بين موقف المعارضة السورية المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد كحل وحيد لإنهاء الأزمة الحالية في البلاد، وبين موقف النظام الرافض لطرح هذه الفكرة من الأساس مصرًا على المضي قدمًا في الحل القائم على الحسم العسكري، رغم سقوط أكثر من ستين ألف قتيل منذ اندلاع الثورة السورية وحتى الآن، فيما يبدو معه أن مواقف الجانبين باتت مثل قضبان القطار التي لا يمكن أن تلتقي أبدًا مهما طالت مسيرة القطار. فعلى الرغم من سيطرة الجيش السوري الحر على أجزاء واسعة من البلاد في الشمال وأجزاء واسعة من الريف، مع استمرار المعارك في مدن عدة مثل حلب وحمص وداريا وإدلب ودرعا، وسيطرة المعارضة على أجزاء واسعة من الشرق وقيامهم بتنفيذ عمليات نوعية في الجنوب، إلا أن الجيش النظامي يؤكد في المقابل أن المعركة في دمشق انتهت وأنه في سبيله للقضاء على باقي البؤر التي بها توترات، حسب زعمه، مما يبين مدى اتساع الهوة بين مواقف الجانبين. واستمرارًا في سياسة المناورة التي اعتاد عليها النظام السوري منذ اندلاع الثورة، قالت دمشق: إنها مستعدة للتجاوب مع أي مبادرة إقليمية أو دولية لحل الأزمة بالحوار، حسبما قال رئيس الوزراء وائل الحلقي في خطاب ألقاه في مجلس الشعب مؤخرًا، رغم استمرار الجيش النظامي في عملياته على الأرض من خلال القصف المستمر لمختلف المدن والبلدات. وأضاف الحلقي: ” إن الحكومة تعمل على دعم مشروع المصالحة الوطنية وتتجاوب مع أي مبادرة إقليمية أو دولية من شأنها حل الأزمة الراهنة بالحوار والطرق السلمية ومنع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية، واعتبار ما يجري في البلاد شأنًا سوريًا يحله السوريون بأنفسهم دون ضغوط أو إملاءات خارجية”. إلا أن رد المعارضة على كل تلك الدعوات كان واضحًا منذ إطلاقها، حيث أكدت بعض شخصيات الائتلاف الوطني السوري أن الحل الوحيد للأزمة الراهنة يتمثل في ” رحيل بشار الأسد عن السلطة ” وبدء عمليات نقل السلطة على الأماكن التي استطاع الجيش السوري الحر تحريرها في مواجهاته مع قوات النظام منذ أكثر من عشرين شهرًا. وشددت شخصيات بالائتلاف الوطني السوري في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية “قنا” على أن أي حديث عن حوار مع النظام السوري ” هو حديث لا طائل ولا جدوى منه “، مشيرين في هذا الصدد إلى الدعوة التي وجهها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لإجراء حوار بين النظام والمعارضة.
وفي هذا الإطار .. قال زياد أبو حمدان عضو الائتلاف الوطني السوري في تصريح للوكالة: إن الحديث عن بقاء الأسد على رأس السلطة هو في حد ذاته سبب كافٍ لرفض الحوار مع هذا النظام، مؤكدًا أنه يجب على الأسد ورموزه الرحيل أولاً عن السلطة ثم سيكون هناك حديث عن مستقبل سوريا ما بعد الأسد. وأكد أبو حمدان رفض الائتلاف للدعوة التي وجهها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى بدء حوار بين المعارضة والنظام السوري الذي ارتكب أبشع أنواع الجرائم ومارس حرب الإبادة بحق شعبه المطالب بالحرية، لذا فإن هذا الحديث لا طائل منه. وحول أداء الائتلاف الوطني خلال المرحلة القصيرة الماضية .. قال: إن الائتلاف أعلن عن تشكيله بالدوحة في شهر نوفمبر الماضي وقد لقي ترحيبًا كبيرًا من المجتمع الدولي واعتبر ممثلاً شرعيًا للشعب السوري ومظلة لتنسيق وتوحيد قوى المعارضة. واعترف أبو حمدان بوجود بعض الأخطاء في الممارسة ولكنها ترجع إلى الظرف التاريخي الصعب الذي تعيشه الثورة السورية، مؤكدًا أن الائتلاف قادر على قيادة المرحلة الحالية بكل اقتدار. وشدد على حق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه ضد العنف الذي تمارسه قوات الأسد، مؤكدًا أن هذا النظام فقد شرعيته وعليه أن يرحل بعد أن تخطى كافة الخطوط الحمراء في مواجهة الثورة ووصلت إلى حد استخدام صواريخ “سكود” ضد المدنيين. من جهته رفض أحمد سيد رمضان عضو المجلس الوطني السوري هو الآخر أي دعوات للحوار مع نظام الأسد الفاقد للشرعية، متهمًا المجتمع الدولي بالتخاذل عن مساندة الشعب السوري. وقال في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا”: إن البحث عن تسوية الهدف منه هو حماية النظام في وقت توشك الثورة على تحقيق أهدافها، مؤكدًا رفض المعارضة أن تتضمن العملية الانتقالية حوارًا مع نظام الأسد أو تشمل بقاء مكوناته في تلك المرحلة. ووجه رمضان انتقادًا شديدًا لكل الأطراف التي تزود نظام الأسد بالسلاح لقمع الثورة، موضحًا أن كل من وفر الغطاء السياسي والعسكري لنظام الأسد لاستخدام طائراته وصواريخه ومدافعه الثقيلة هم من دفعوا المعارضة السورية إلى حمل السلاح للدفاع عن نفسها.
بدوره .. قال وليد البني عضو الائتلاف الوطني السوري في تصريح لـ “قنا”: إن الائتلاف لن يقبل بأي حل سياسي يشمل عائلة الأسد وأركان نظامه الذين ارتكبوا المجازر بحق الشعب السوري. ورفض البني إصرار البعض على ترديد مقولة أن سوريا تتجه إلى حرب طائفية، وقال: إن من يريد أن يقسم البلاد هو نظام الأسد، ولا خوف على المستقبل بعد رحيل أركان النظام السوري والشعب قادر على البقاء موحدًا. وحمل البني المجتمع الدولي مسؤولية استمرار القتل بأبشع صوره الذى يتعرض له الشعب السوري على يد كتائب الأسد، مطالبًا كل من يمنح الغطاء لهذا النظام بالتوقف عن ذلك حتى يحصل الشعب السوري على حريته. وفي ظل تلك المواقف المتباينة، أعلن المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي عن وجود مقترح للحل قد يحظى بموافقة الجميع ويمكن أن يتبناه المجتمع الدولي، حيث يستند إلى إعلان جنيف الصادر في يونيو 2012، ويتضمن وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات وخطوات تؤدي إلى انتخابات إما رئاسية أو برلمانية. وكان اتفاق جنيف، الذي توصلت إليه مجموعة العمل حول سوريا والتي تضم الدول الخمس الكبرى وتركيا والجامعة العربية برعاية الموفد الدولي السابق إلى سوريا كوفي عنان، على تشكيل حكومة انتقالية وبدء حوار من دون أن يأتي على ذكر تنحي الأسد. كما يتزامن ذلك مع تسريبات لمصادر أعلنت فيها أن نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد نقل رسالة من الأسد إلى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف مؤخرًا تضمنت مواقفة الرئيس السوري على خريطة الحل المصطلح على تسميتها (جنيف 2)، في حال عدم الاعتراض على ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2014 مع مرشحين آخرين. وتتضمن بنود التسوية ” وقف إطلاق النار وحضور مراقبين دوليين إلى سوريا للإشراف على تطبيقه وإنشاء لجنة تأسيسية لتعديل الدستور، وتأليف حكومة وحدة وطنية، وانتخاب مجلس نواب عبر انتخابات حرة بمراقبة دولية”. وفي ظل استمرار حالة التجاذب الواضحة بين مواقف الجانبين، تبقي الأزمة معلقة بيد المجتمع الدولي ومدى قدرته على اتخاذ قرار يفرض بمقتضاه واقعًا جديدًا، إما على النظام السوري بإجباره على الحل الذي يرضي شعبه ويتنحى بموجبه الرئيس بشار الأسد عن السلطة بشكل واضح هو وأركان نظامه، أو على المعارضة من خلال استمرار دعمها على استحياء، مما يطول معه أمد تلك الأزمة، والتي لا يدفع ثمنًا لها إلا الشعب السوري وحده الذي فقد عشرات الآلاف في تلك المجازر اليومية.

 

الراي