معارك للسيطرة على آخر معابر حلب… وكر وفر في اللاذقية
أعلنت دمشق أن القوات النظامية السورية والميلشيات الموالية أحكمت الحصار على الأحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال البلاد بعد تمكنه من التقدم ليقطع في شكل كامل آخر منفذ إلى تلك الأحياء التي يقطنها عشرات آلاف المواطنين، في وقت شنت فصائل معارضة هجوماً معاكساً لمنع السيطرة على هذا المعبر. واستمرت معارك كر وفر في ريف اللاذقية، فيما جددت القوات النظامية هجومها على داريا جنوب غربي دمشق.
وبعد عشرة أيام على قطع قوات النظام طريق الكاستيلو نارياً، فشلت الفصائل الإسلامية والمقاتلة في وقف تقدم تلك القوات باتجاه الطريق المذكورة، خصوصاً أن الأخيرة تدعمها طائرات حربية سورية وروسية على السواء.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير: «لا تزال الاشتباكات متواصلة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، قرب منطقة الليرمون وفي محيط طريق الكاستيلو في محاولة من الفصائل استعادة السيطرة على الطريق وإبعاد قوات النظام عنه»، ذلك بعدما قال سابقاً أن القوات النظامية والميلشيات الموالية «قطعت طريق الكاستيلو في شكل رسمي بعد وصولها إلى أسفل الطريق من جهة الليرمون (غرب الطريق)»، مضيفاً: «تحاصرت الأحياء الشرقية في شكل رسمي وكامل». وأوضح أن «قوات النظام تقدمت في شمال مدينة حلب بغطاء جوي روسي».
وقتل الأحد، بحسب «المرصد»، «16 مقاتلاً من الفصائل أثناء معارك تقدم قوات النظام». وأضاف أنه «قتل 8 أشخاص، وأصيب نحو 40 آخرين بجروح، جراء مجزرة نفذتها الطائرات الحربية في بلدة الأتارب بريف حلب الغربي، حيث استهدفت تلك الطائرات أماكن في المنطقة الصناعية في البلدة، وعدد الشهداء مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى بعضهم في حالات خطرة»، في وقت «استمرت المعارك العنيفة متواصلة في منطقة الليرمون ومحيط حي بني زيد بأطراف مدينة حلب، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جهة أخرى، بالتزامن مع قصف لقوات النظام على مناطق الاشتباك وأماكن في حي بني زيد، وقصف للطيران المروحي على أماكن في المنطقة». كما «قصفت قوات النظام مناطق في بلدات معارة الأرتيق وحريتان وكفر حمرة، وأماكن في مناطق الشقيف وضهرة عبد ربه والملاح وطريق الكاستيلو بشمال مدينة حلب، بالتزامن مع قصف للطيران المروحي بالبراميل المتفجرة على أماكن في منطقة الشقيف ومحيط بني زيد».
كما استهدفت الطائرات الحربية مناطق في أحياء حلب الشرقية، في حين استهدفت الفصائل تمركزات لقوات النظام قرب منطقتي مدارس التجارة وحديقة الزنكي في مدينة حلب بحسب «المرصد»، وأفاد عن مقتل 4 مواطنين جراء سقوط قذائف على مناطق في حيي الشهباء والجميلية بمدينة حلب.
من جهتها، أفادت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة أن «غرفة عمليات فتح حلب استعادت السيطرة على عدد من النقاط الملاصقة لطريق الكاستيلو كان الثوار قد خسروها صباح اليوم (أمس) بعد أن تقدمت إليها الميليشيات المساندة لقوات الأسد». وأشارت إلى أنها «شنت هجوماً معاكساً على الميليشيات التي سيطرت على نقطتين مرتفعتين وتطلان في شكل مباشر على الطريق المعبد، وتمكنت من استردادها بعد قتل عشرات العناصر».
وتأتي المعارك على طريق الكاستيلو بعد عشرة أيام من تمكن قوات النظام من قطعه نارياً إثر سيطرتها على مزارع الملاح الجنوبية المطلة عليه من الجهة الشرقية. وتدور منذ السابع من تموز (يوليو) معارك ضارية في محيط الكاستيلو من الجهتين الشرقية والغربية إذ شنت الفصائل الإسلامية والمقاتلة هجمات عدة في محاولة لمنع تقدم قوات النظام، إلا أنها فشلت في تحقيق مسعاها. وفي حال ثبات السيطرة على الموقع، تكون الأحياء الشرقية التي يقطنها أكثر من مئتي ألف شخص، منذ ذلك الحين محاصرة عملياً. وأكد مقاتل في فصيل «ثوار حلب» لوكالة فرانس برس «حوصرت حلب مئة في المئة» وأضاف المقاتل: «وصل الجيش إلى الطريق وبات الآن على الإسفلت، ويضع الآن حواجز ترابية».
ونقلت صفحة «مركز حلب الإعلامي» على «فايسبوك» عن ناشطين تحذيراً للمدنيين من محاولة عبور الكاستيلو «بعد قيام قوات النظام بأسر مدنيين كانوا يساعدون سيارة تحاول عبور الطريق». وأفاد مراسل فرانس برس في الأحياء الشرقية أن أصوات الاشتباكات العنيفة مسموعة داخل هذه الأحياء التي تتعرض أيضا لقصف جوي عنيف.
وفي 12 تموز، حذر «الائتلاف الوطني السوري» المعارض من أزمة إنسانية في أحياء حلب الشرقية نتيجة هجوم قوات النظام. وقال رئيس «الائتلاف» أنس العبدة: «نحن قلقون جداً لأن قطع طريق الكاستيلو في شكل كامل يعني تجويع أكثر من 300 ألف مدني».
وكان سكان الأحياء الشرقية بدأوا يعانون نقصاً في التموين جراء قطع طريق الكاستيلو نارياً. وتحولت سياسة الحصار خلال سنوات النزاع الذي تشهده سورية منذ العام 2011 إلى سلاح حرب رئيسي تستخدمه جميع الأطراف المتنازعة. ويعيش بحسب الأمم المتحدة نحو 600 ألف شخص في مناطق محاصرة بغالبيتها من قوات النظام.
وتتقاسم قوات النظام والفصائل منذ العام 2012 السيطرة على أحياء مدينة حلب، ثاني كبرى مدن سورية وإحدى المعارك المحورية في الحرب. وفي نهاية حزيران (يونيو) وصف الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني حسن نصرالله المعركة في حلب بأنها «المعركة الاستراتيجية الكبرى» في سورية.
وكانت قوات النظام السوري بدعم من حزب الله شنت في شباط (فبراير) الماضي هجوماً واسع النطاق في ريف حلب الشمالي وتمكنت من السيطرة على مناطق عدة وضيقت الخناق على الأحياء الشرقية، إلا أنه في 27 شباط فرضت واشنطن وموسكو اتفاقاً لوقف الأعمال القتالية في مناطق عدة في سورية.
وانهار هذا الاتفاق في مدينة حلب بعد نحو شهرين من دخوله حيز التنفيذ، لتعود تلك المدينة، العاصمة الاقتصادية السابقة لسورية، إلى واجهة الأحداث.
ويأتي ذلك غداة إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو أنهما توصلا إلى اتفاق حول «إجراءات ملموسة» لإنقاذ الهدنة ومحاربة الجماعات المتطرفة في سورية من دون كشف تفاصيله.
في شمال غربي البلاد، قال «المرصد» في تقرير: «تدور اشتباكات طاحنة داخل بلدة كنسبا وبمحيطها في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من جانب، وجبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني والفصائل المقاتلة والإسلامية من جانب آخر، وبدأت الاشتباكات إثر هجوم عنيف للأخير على البلدة ومحيطها، بعد تمكن قوات النظام خلال الـ 48 ساعة الفائتة من استعادة السيطرة عليها وعلى مناطق عدة في جبل الأكراد في الريف الشمالي للاذقية، وتترافق الاشتباكات مع قصف عنيف ومتبادل بين الطرفين، ومعلومات مؤكدة عن خسائر بشرية في صفوفهما».
وقالت «الدرر الشامية» إن «الثوار استعادوا مناطق وتلال استراتيجية خسروها يوم (أول من) أمس لصالح قوات الأسد في ريف اللاذقية بعد معارك عنيفة استمرت ساعات». وزاد إن «الثوار أحكموا السيطرة من جديد على قرية كنسبا، وقلعة الشلف، والحمرات، وعين القنطرة، وشير قبوع، ملحقين خسائر في قوات الأسد تقدر بعشرات القتلى».
وكانت الفصائل المُقاتِلة أطلقت قبل عدة أسابيع عمليةً عسكرية سيطرت خلالها على أكثر من 20 منطقة وتلة في جبل الأكراد، وجبل التركمان بريف اللاذقية.
في الجنوب، قال «المرصد» إنه «ارتفع إلى 12 على الأقل، عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي منذ صباح اليوم (أمس) على مناطق في مدينة داريا بالغوطة الغربية، ترافق مع قصف طائرات حربية وقصف قوات النظام على مناطق في المدينة، بينما سقطت عدة قذائف على مناطق في بلدة أشرفية صحنايا الخاضعة لسيطرة قوات النظام. كما نفذت طائرات حربية ما لا يقل عن 8 غارات على مناطق في بلدة حوش نصري ومحيط بلدة الميدعاني وأطراف مدينة دوما، بينما استشهد مقاتل من الفصائل الإسلامية، خلال اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في محيط مدينة داريا بالغوطة الغربية».
المصدر: الحياة