مع النهب والتعفيش المستمرين…المنظمات الإنسانية والنظام يديران ظهرهما لمئات آلاف النازحين من عفرين ويشعلان استياءهم

4

تواقت النزوحان، وتتزامن المآسي، ويتواصل الألم، ليطلق صرخة واحدة، لمنطقتين توازى فيهما التقدم والهجوم والقتل والتهجير والدمار بين الروس والأتراك، فما بين عفرين وغوطة دمشق الشرقية، مسافة طويلة ووجع متشابه، إذ رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ الـ 10 من آذار / مارس من العام الجاري 2018، تصاعد عملية النزوح وبدء توجهها إلى خارج منطقة عفرين، بعد سلسلة عمليات النزوح من قرية إلى أخرى ومن بلدة إلى ثانية وصولاً للتجمع في مدينة عفرين، بعد رحلات مكث فيها بعض النازحين في كهوف لعدة أيام، لحين تراجع وتيرة القصف التركي وإيجاد ملاذ آمن وطريق يمكنهم من الوصول إلى لمدينة عفرين، فيما تعذر على آخرين الوصول، ومنهم من فارق الحياة بضربات تركية أو غارات أو رصاص قناصة، ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان نزوح مئات آلاف المواطنين من ريف عفرين ومن المدينة، لينتهي بمعظمهم المطاف، إلى النزوح بشكل جماعي عبر الجبال والطرق السالكة والوعرة والانتقال إلى مناطق في ريف حلب الشمالي، حيث توزع مئات آلاف المدنيين في مناطق تعتزم قوات عملية “غصن الزيتون” بدء عملية عسكرية فيها، حسب معلومات واردة، وذلك بعد أن كانت الفصائل خسرتها لصالح قوات سوريا الديمقراطية بريف حلب الشمالي في مطلع العام 2016، حيث وعلم الرغم من مضي اليوم الحادي عشر على التوالي، إلا أنه لا يزال مئات آلاف المدنيين يفترشون العراء ويلتحفون السماء، وسط أحوال جوية سيئة، تشهدها المنطقة.

هذه الأحوال المزرية لمئات آلاف النازحين، كانت تشهد في أيامها الأولى، إدارة كافة المنظمات الإنسانية لظهورها لهؤلاء النازحين من منطقة عفرين، فيما لا تزال المساعدات المقدمة إليهم من الهلال الأحمر، مساعدات خجولة لا ترقى لحجم المأساة والكارثة التي يشهدها مئات آلاف المهجرين من منازلهم نتيجة الهجوم التركي المدعوم من فصائل المعارضة السورية الإسلامية والمقاتلة، منذ الـ 20 من كانون الثاني / فبراير من العام الجاري، فلا مأوى يكفيهم ولا خيام ولا طعام ولا شراب، وما يجري تأمينه لا يكاد يكفي لوقت قليل، وهذا كله يجري بالتزامن مع ما تحدث عنه مصادر موثوقة للمرصد السوري لحقوق الإنسان عن استمرار عمليات نهب منازل المدنيين، إلا أن هذه المرة يجري كل شيء خلف عدسات الكاميرات، حيث يتعرض ما تبقى من منازل وممتلكات وآليات ومعدات ومزارع للسرقة والنهب، من قبل مقاتلي فصائل عملية “غصن الزيتون”، الذي امتنع جزء صغير منهم عن هذه السرقات وأبدى اعتراضه عليها، في حين أكدت المصادر أن كل المحاولات التي جرت لكبح جماع النهب لم تجد حيزاً للتنفيذ، وكانت عبارة عن تحركات إعلامية لإخماد ردود الأفعال من عمليات السرقة التي جرت أمام عدسات الكاميرا، وأكدت المصادر أن عمليات السرقات والنهب تتواصل في القرى البعيدة عن الإعلام وعن عدسات الكاميرات

صم المجتمع الدولي والمنظمات الإغاثية والإنسانية، آذانهم عن نداءات الاستغاثة لمساعدة النازحين من عفرين في ريف حلب الشمالي، والذين تمكن البعض منهم من الوصول إلى بلدتي نبل والزهراء وجرى إيواء بعضهم في منازل من قبل الأهالي، بالإضافة لاستمرار قوات النظام بمنع المواطنين من الوصول إلى مدينة حلب بدون دفع أتاوات للحواجز المنتشرة على مداخل حلب، أثار استياء أهالي عفرين النازحين، فتحدث بعضهم للمرصد السوري لحقوق الإنسان، أن النظام أمن عشرات آلاف النازحين من الغوطة الشرقية ونقلهم إلى مراكز إيواء برعاية الأمم المتحدة وإشراف من الهلال الأحمر، فإنه يدير ظهره مع المنظمات الإنسانية للمدنيين، وما زاد في الأمر سوءا ومأساوية أن الأهالي يمنعون من الوصول إلى ذويهم في مدينة حلب

عمليات التهجير الواسعة لسكان مدينة عفرين ومئات القرى في ريفها، تزامنت مع خروج مستمر منذ الـ 15 من شهر آذار / مارس من العام الجاري 2018، حيث خرج أكثر من 70 ألف مدني من مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية، إلى مناطق سيطرة قوات النظام وجرى نقلهم لمراكز إيواء بإشراف منظمات إغاثية، إذ يعاني النازحون من الغوطة من المساعدات الإنسانية الضئيلة، وسط مخاوف على حياة من تبقى داخل غوطة دمشق الشرقية، حيث كان المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر أمس الاثنين، أنه أن عناصر من المسلحين الموالين للنظام وعناصر آخرين من قوات النظام، عمدوا إلى نهب ممتلكات مواطنين في المناطق التي تمكنت قوات النظام من السيطرة عليها، منذ الـ 25 من شهر فبراير / شباط من العام الجاري 2018، وأكدت المصادر أن عمليات التعفيش جرت في ممتلكات مواطنين من منازل ومحال تجارية وسيارات وآليات، بالإضافة لعمليات النهب التي جرت في الممتلكات والمقار العسكرية في المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام والمسلحين بقيادة ضباط ومستشارين روس، والتي وصلت إلى الآن لنحو 83% من مساحة مناطق سيطرة الفصائل في غوطة دمشق الشرقية، والتي تشهد منذ ظهر اليوم معارك عنيفة نتيجة هجوم من قبل جيش الإسلام على محيط دوما من جهة مسرابا، وهجوم من فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام في بلدة كفربطنا، والتي ترافقت مع عمليات قصف جوي ومدفعي متجدد تسببت في استشهاد نحو 20 مدني اليوم وإصابة عشرات آخرين بجراح متفاوتة الخطورة.

عمليات النهب التي تجري من خلف عدسات آلات التصوير التي كانت تقوم بتصوير الدمار والقصف الجوي على الغوطة الشرقية، بالتزامن مع عمليات خروج عشرات آلاف المواطنين، تواقتت مع عمليات النهب والتعفيش التي رصدتها الكاميرات في مدينة عفرين والتي نفذها مقاتلون من الفصائل العاملة في عملية “غصن الزيتون” التي سيطرت أمس الأحد الـ 18 من آذار / مارس من العام الجاري 2018، على منطقة عفرين بشكل كامل بعد انسحاب وحدات حماية الشعب الكردي منها ونزوح مئات آلاف المدنيين نحو مناطق سيطرة المسلحين الموالين للنظام، ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الساعات الفائتة أنه مع استمرار الأوضاع المأساوية لعشرات آلاف النازحين، من أهالي مدينة عفرين، ممن لا يزالون يفترشون العراء في مناطق انتشار قوات النظام بريف حلب الشمالي.