مع بداية هطول الأمطار.. دعم المنظمات الإنسانية يغيب عن المخيمات العشوائية في إدلب
تنتشر عشرات المخيمات بشكل عشوائي شيدها نازحون مع بدء حركة النزوح التي تعد هي الأكبر من نوعها ما بين عامي 2019 – 2020 والتي شملت أكثر من مليون نسمة توجهوا للشمال السوري، بسبب كثافة التصعيد من أرياف إدلب وحلب وحماة آنذاك.
وتعاني هذه المخيمات أوضاعاً مأساوية، في حين أنها غير مسجلة على قوائم الدعم الإغاثي لما تعرف “بإدارة شؤون المهجرين” التابعة “لحكومة الإنقاذ” ولا تتلقى دعماً بشكل منتظم من المنظمات الإنسانية.
على أطراف بلدات سلقين وكفرتخاريم وأرمناز في ريف إدلب الشمالي تتوزع العديد من هذه المخيمات، كذلك في مناطق الدانا ودير حسان وكفرلوسين وسرمدا، وفي ريف إدلب الغربي أيضاً، تنتشر الكثير منها على أطراف مدينتي جسر الشغور ودركوش، عانت هذه المخيمات خلال فصل الصيف بشكل كبير من درجات الحرارة المرتفعة صيفًا، وعدم تجهيزها أو مد يد العون لها من قبل المنظمات الإنسانية التي تتحرك بناءً على توجيهات”إدارة شؤون المهجرين” التابعة”لحكومة الإنقاذ”الجناح التنفيذي القائم في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام”.
مخيم”شحشبو” يقع في الجهة الشمالية من بلدة أرمناز في ريف إدلب الشمالي يقطنه نحو 150 عائلة من منطقة جبل شحشبو في ريف حماة الغربي، أقيم المخيم منتصف العام 2019.
المخيم أقيم بجهود فردية من قبل الأهالي دون مساعدة أي منظمة إنسانية، بعد أن تم استئجار الأرض المقام عليها من قبل مالكها، ويقع في منطقة وعرة صخرية ويعاني سكانه من أحوال معيشية تفاقمت مع هطول الأمطار لهذا العام.
وفي شهادته لـ”المرصد السوري” يتحدث (م.ق) أحد سكان المخيم قائلاً، مع هطول الأمطار أصبح الطريق الوحيد الواصل للمخيم طينيًا يصعب سلكه، ونخشى أن يتفاقم حال هذا الطريق خلال الأمطار في فصل الشتاء لهذا العام، حيث أن البية الخيام هي عبارة عن شوادر مهترئة لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، ولا يستطيع سكان المخيم تجديدها أو تجهيز أرضية المخيم وطريقه لعدم وجود قدرة مالية، فغالبيتهم كانوا مزارعين قبل نزوحهم وقد تراجعت أحوالهم المادية بشكل كبير بعد نزوحهم.
مضيفاً، أن المخيم يفتقر لأبسط مقومات الحياة من صرف صحي وغذاء وعلاج وتعليم وغيرها من الأساسيات ويضطر الجميع للخروج من المخيم باتجاه البلدات القريبة لشراء حاجاتهم وتلقي العلاج والتعليم للأطفال، وقد طالبنا العديد من المنظمات الإنسانية بتحسين وضع المخيم وتقديم خدمات له والعمل على تجهيزه لكن دون فائدة.
ويوضح أنه ومنذ أكثر من خمسة أشهر لم يتلقى أحد من سكان المخيم دعماً غذائياً من قبل المنظمات التي تقتصر مشاريعها على الدعم النفسي والتوعية من فيروس كورونا- كوفيد 19 وغيرها من المشاريع التي وإن كانت مهمة إلا أن هناك حاجة مهمة أكثر وهي الغذاء والعلاج وتجهيز المخيم خدمياً قبل تأزم حالته مع الأمطار، علماً أنه وخلال العام الفائت تعرض لعاصفة مطرية وعاصفة أخرى هوائية ما تسبب باقتلاع الكثير من الخيام وتضرر سكانها.
“مخيم شحشبو” لا يختلف حاله كثيراً عن حال العشرات من المخيمات العشوائية الأخرى، فمخيم” الحمام” الواقع في منطقة دركوش في ريف إدلب الغربي ليس بأفضل حالاً، ويعاني ظروفاً مأساوية كما يصفها ( أ.ص) أحد سكان المخيم، وفي شهادته لـ”المرصد السوري” يقول، أن المخيم يضم نحو 75 عائلة، يقع في منطقة حمام الشيخ عيسى في ريف إدلب الغربي، وهناك نسبة كبيرة من العائلات في المخيم تعيش دون معيل.
ويضيف، أن المخيم على سفح جبل وتتخوف العائلات من سقوط الصخور في حال كانت هناك أمطار غزيرة وسيول، ومع هطول الأمطار تتجمع المياه أمام الخيام وتشكل صعوبة بالغة بالنسبة للنازحين في التحرك والخروج من الخيام، وتحتاج الخيام بشكل سريع لتركيب عوازل مطرية لعدم تضررها خلال الأمطار في الأيام القادمة، والمخيم شبه منعزل عن المنطقة وبعيد عن البلدات الرئيسية ولا يوجد فيه نقطة طبية أو مركز لفرق الإنقاذ.
مشيراً، إلى أن المخيم لم يتلقى أي دعم من قبل المنظمات الإنسانية سوى منظمة واحدة تقوم بتوزيع سلة غذائية لكل عائلة وبشكل غير منتظم، وذلك لاعتباره مخيماً عشوائياً لا يتبع لـ”حكومة الإنقاذ”، أما من ناحية التعليم فهناك مدرسة تم إقامتها من قبل سكان المخيم ولم يقدم لها أي نوع من أنواع الدعم حتى هذه اللحظة، ويحتاج المخيم حالياً للكثير من المستلزمات من مواد تدفئة وأغطية وعوازل مطرية وألبسة شتوية ليستطيع سكانه مواجهة البرد الشديد.
وتعمل في منطقة إدلب وريفها نحو 200 منظمة إنسانية غالبيتها مرخصة في تركيا وتتلقى دعماً من تركيا و الاتحاد الأوروبي وداعمين آخرين، وتعمل هذه المنظمات بالتنسيق مع “حكومة الإنقاذ” التي تفرض ضرائب مالية تصل لأكثر من 15 بالمئة عن جميع المساعدات التي تدخل معبر “باب الهوى” والكتل المالية لإقامة المشاريع، وتوجه “حكومة الإنقاذ” هذه المنظمات للمخيمات التابعة لها.
يشار أن الليرة التركية المعتمدة في إدلب لا تزال في انهيار متواصل ما يؤثر سلباً على أسعار المواد الغذائية وجميع السلع التي يحتاجها المدنيون في الشمال السوري، حيث وصل سعر الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي 10 ليرات، كما شهدت أيضاً أسعار المحروقات التي تحتكرها شركة”وتد” في إدلب ارتفاعاً كبيراً خلال الساعات الماضية.