مقابلة إتهامية جداً مع الأسد

46

لم تكن مقابلة عادية مع رئيس اعتاد المشاوفة وإطلاق الشعارات الفخمة، بل كانت عملية إحراج شديد لرئيس انخرط في تمزيق شعبه وبلده، وفي تحويله مسرحاً مُرتهناً للعبة الأمم التي تطحنه وتدفع به الى التقسيم، سواء جاء صراحة عبر فيديرالية يطرحها حلفاؤه الروس، أم جاء عبر دومينو تفتيتي أميركي لن يتوقف عند حدود هذا البلد المدمر.

انه الرئيس بشار الأسد وهي سوريا، أو “مأساة العصر” كما يكرر بان كي – مون، والذي اجرى المقابلة لشبكة “إيه آر دي” [ARD] التلفزيونية الالمانية كان توماس آدر الخبير في شؤون الشرق الاوسط، الذي طرح عليه أسئلة إتهامية قاسية، لم يكن الأسد ليتحملها لو كانت الأمور لا تزال في يده كما يحاول ان يوحي منذ دخول الروس عسكرياً لدعمه، حيث يتبيّن ان الدعم سينتهي بفيديرالية تقيم الدولة العلوية وتمزق ما يتبقى من سوريا، بين دولة كردية في الشمال يعكف الأميركيون على دعمها، وفوضى إرهابية في الجنوب الشرقي.
قال الصحافي الالماني للأسد: لقد رأيت في حمص صوراً لا تصدق، صوراً كأنها من نهاية العالم، ولهذا فإن سؤالي الشخصي هو “هل تستطيع النوم ليلاً”؟ الأسد الذي يفهم جيداً الخلفية الإتهامية في السؤال أجاب: “لا يهم اذا نمت ام لا، لا ننام ليس لأننا لا نستطيع النوم، بل لأننا ينبغي ان نعمل”!
الجواب لم يرق الصحافي الذي لم يتردد في توجيه إشارات واضحة تتهم الأسد وجيشه بتدمير البلاد وبالتفريط بسيادة سوريا، ولهذا بادر الى طرح سؤال أقسى: “ولكن هل تستطيع القول ان سوريا دولة ذات سيادة، أم ان سياساتكم باتت تُرسم أصلاً في طهران أو الكرملين”؟
المثير ان الأسد إبتلع السؤال ليعترف مداورة بأن السيادة في سوريا باتت منقوصة، فقال: “ان السيادة مصطلح نسبي، ولهذا لا يمكن الحديث عن سيادة كاملة”. لكن الصحافي ذهب الى ما هو أبعد وكأنه يسأل فلاديمير بوتين وليس الأسد: “ومن يقرر اذا كنتم تقاتلون ارهابيين أو تقاتلون المعارضة، لماذا تقولون دائماً أنكم تحاربون إرهابيين فقط”؟
بعد تكرار الأسد النظرية التي تبناها بوتين عن ان كل من يقاتل النظام هو ارهابي يجب ان يسلم سلاحه، وبعد إفراطه في الحديث عن الدستور على رغم إعترافه السابق بالسيادة المنقوصة، جاءه السؤال الأكثر إتهامية ضمناً: “سيادة الرئيس، هل الدستور أو استقرار سوريا هو أكثر أهمية من حياة مئات آلاف الأشخاص، خصوصاً انكم والروس تقصفون حتى المدارس والمستشفيات”؟
في زمن آخر كان توماس آدر ذهب الى بيت خالته في سجن المزة!