مناطق الإدارة الذاتية خلال أيلول: تراجع في عمليات أذرع التنظيم بالتزامن مع تصعيد تركي مستمر وتفاقم بالأزمات والاحتجاجات

14

شهدت مناطق نفوذ الإدارة الذاتية لشمال وشمال شرق سورية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” خلال شهر أيلول/سبتمبر 2021 جملة من الاضطرابات الأمنية والأحداث التي كان لها الأثر في انتهاك حقوق المواطنين السوريين ضمن هذه المناطق، وفي ضوء ذلك قام المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره برصد ومواكبة جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر الثامن من العام 2021.

الخسائر البشرية بفعل أذرع التنظيم والاستهدافات والجرائم..
يواصل تنظيم “الدولة الإسلامية” عملياته في مناطق نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية”، عبر هجمات مسلحة وتنفيذ اغتيالات بأشكال مختلفة كإطلاق الرصاص والقتل بأداة حادة وزرع عبوات ناسفة وألغام في مختلف مناطق قسد، وتقابل قسد عمليات التنظيم بحملات أمنية بشكل دوري تقوم بها برفقة التحالف وتطال خلايا التنظيم ومتهمين بالتعامل معه، لكن جميع تلك الحملات لم تأتي بأي جديد يحمل معه الأمن والاستقرار في تلك المناطق.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الشهر الفائت، أكثر من 12 عملية قامت بها خلايا التنظيم في مناطق نفوذ قسد ضمن كل من دير الزور والحسكة وحلب والرقة، تمت تلك العمليات عبر هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات، ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري، فقد بلغت حصيلة القتلى جراء العمليات آنفة الذكر خلال أيلول، 8 أشخاص، هم: 6 مدنيين بينهم مواطنة، واثنان من التشكيلات العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية
كما وثق المرصد السوري في 17 أيلول، مقتل 4 أشخاص جراء قصف صاروخي تركي على قرية دبس بريف عين عيسى شمالي الرقة، والقتلى بينهم طفل دون سن 18 وهم جميعاً يعملون بحفر الأنفاق لصالح قوات سوريا الديمقراطية.
وفي 17 آب، استشهدت سيدة وطفلة وأصيب 12 مدني آخرين بجراح، جراء قصف صاروخي تركي على ريفي تل تمر وأبو رأسين ضمن محافظة الحسكة.

وفي الثاني من أيلول عُثر على جثة امرأة مقتولة بطلق ناري عند مفرق مفرق بكو على طريق الدولي الواصل بين مدينتي الحسكة والقامشلي، دون معرفة أسباب ودوافع القتل.
وفي الثالث من الشهر، عُثر على جثة رجل مقتولاً على طريق السد جنوب الحسكة بعد فقدان الاتصال معه أثناء عمله على تكسي آجرة.
وفي الرابع من الشهر قتل عنصر في قسد برصاص الفصائل الموالية لأنقرة على محاور منبج شرقي حلب.
وفي 11 أيلول، استشهد مواطناً متأثراً بعيارات نارية أطلقها عناصر في قوات سوريا الديمقراطية عليه، عند معبر نهري على ضفاف نهر الفرات بريف دير الزور، ضمن المناطق المقابلة لسيطرة النظام والإيرانيين غرب الفرات، وينحدر القتيل من قرية زغير بريف دير الزور الغربي.
وفي 14 الشهر، قتلت مواطنة برصاص عشوائي أثناء تواجدها على سطح منزلها في حي رميلة ضمن مدينة الرقة.
وفي 16 الشهر، قتلت سيدة على يد شقيقها في معبدة “كركي لكي” ضمن مناطق نفوذ “قسد” في ريف الحسكة، وأفادت مصادر أهلية من القرية، السيدة هربت من منزل زوجها والتجأت إلى أهلها، وهي تطلب الطلاق من زوجها إلا أن شقيقها أطلق الرصاص وارداها قتيلة.
المصادر الأهلية قالت، بأن ذوي الفتاة كانوا قد زوجوها من زوجها وابن عمها بالإكراه، مطلع شهر آذار من العام الجاري.
وفي 28 الشهر، استشهد طفلان بانفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب في بلدة البحرة بريف دير الزور الشرقي.

في الوقت الذي تواصل قوات سوريا الديمقراطية وبدعم من التحالف الدولي حملاتها الأمنية المكثفة، محاولةً الحد من نشاط التنظيم، ولاسيما في دير الزور بالدرجة الأولى والحسكة بالدرجة الثانية، وأسفرت تلك الحملات وفقاً لما رصده نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر حزيران، عن اعتقال 39 شخص بتهم “الانتماء والتعامل مع خلايا التنظيم” وتهم أخر بينهم قيادات في تنظيم “الدولة الإسلامية”، وذلك في كل من ذيبان وابريهه والشحيل وأبو حمام والعزبة ضمن دير الزور، ومدينة الحسكة، والشدادي وتل الجاير بريف الشدادي، وأماكن أخرى شمال وشرق سورية، أفرج عن قسم منهم بينما لا يزال البقية قيد الاعتقال.

على صعيد آخر، شهد مطلع أيلول، اجتماعاً جرى خلال الساعات الفائتة في الرقة، بين قيادات في قوات سوريا الديمقراطية من جانب، وممثلين عن القوات الأميركية من جانب آخر، وتمحور الاجتماع حول منطقة شمال شرق سورية والتصعيد التركي، ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن الجانب الأميركي أفاد بأن لا نية للجانب التركي بشن عمليات عسكرية جديدة في المنطقة، في المقابل يجب على قيادات وعناصر حزب العمال الكردستاني مغادرة الأراضي السورية لأن الأتراك سيواصلون استهدافهم بالطيران المسير في حال لم ينسحبوا من سورية، وهو ما يفسر التصعيد التركي مؤخراً بالاستهدافات الجوية.
وأضافت مصادر المرصد السوري، بأن الجانب الأميركي وعد بتحسن الوضع بشكل ملفت خلال الفترة القادم في عموم منطقة شمال شرق سورية، وبأنهم سيواصلون تقديم الدعم اللوجستي والمادي لقسد ورصد مبالغ مالية طائلة لمكافحة الفساد، كما سيكون هناك خطة عمل لضمان عودة أهالي رأس العين (سري كانييه) وتل أبيض إلى مناطقهم بطريقة آمنة وستنسحب الفصائل الموالية لأنقرة من تلك المناطق.

قرارات واحتجاجات وأزمات..

أصدرت “الإدارة الذاتية” لمناطق شمال وشرق سوريا قرارا جديدا بخصوص”الخدمة الإلزامية” في قوات “الدفاع الذاتي” أعفت من خلاله الشبان من مواليد 1990 حتى مواليد 1997 من أداء الخدمة الإلزامية وفق بيان رسمي حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على نسخة منه وجاء فيه: بناءً على مقتضيات المصلحة العامة وحسن سير العمل، الرئاسة المشتركة لمكتب “الدفاع الذاتي” لشمال وشرق سوريا تقرر مايلي: 1- تعفى المواليد من 1990 لغاية مواليد 1997 من أداء واجب الدفاع الذاتي اعتبارًا من تاريخه
2-المواليد المطلوبة لخدمة واجب الدفاع الذاتي من أتم الثامنة عشر لغاية مواليد 1998
3- لايشمل القرار من هم على رأس عملهم والفارين من قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي والانضباط العسكري.

وفي العاشر من أيلول، اندلع شجار مسلح اندلع بين عائلتي العباوي من عشيرة الجوالة وعائلة الخزيم من عشيرة البو عاصي بالأسلحة الرشاشة،في حارة علايا جنوب مدينة القامشلي، راح ضحيتها سيدة، دون معرفة أسباب ودوافع الشجار، حيث جرى اخلاء المنازل من قبل عائلة الخزيم وهروبهم من الحي قبل أن تدخل قوى الأمن الداخلي “الأسايش” تقوم بحراسة المنازل خوفا من ردة فعل عائلة العباوي، وفي سياق متصل، عمدت قوات الجمارك التابعة للإدارة الذاتية إلى ملاحقة شخص يستقل صهريج على طريق الرقة – الحسكة وأثناء ملاحقتها دخل صاحب الصهريج إلى أحد المنازل في قرية ام المدفع واندلعت على اثرها اشتباكات بينهم أُصيب على إثرها شخصين، عقب ذلك استنفرت عشيرة “الكليزات” وعمدت إلى قطع طريق الرقة – الحسكة أمام السيارات العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، قبل أن يتدخل شيخ عشيرة “الكليزات” وينتهي الخلاف الحاصل.

وعلى وقع الأزمات، خرجت مظاهرة في بلدة الصبحة بريف دير الزور الشرقي، بتاريخ 12 أيلول، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في سجون “قسد”، في حين أطلق أحد المسؤولين في قوى الأمن الداخلي، النار لتفريق التظاهرة، ليقوم الأهالي بطرده من المنطقة.
على صعيد متصل، خرجت مظاهرة عند مفرق القهاوي في بلدة أبوحمام بمنطقة الشعيطات بريف دير الزور الشرقي، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وكشف مصير المفقودين.
كما طالب المتظاهرون بتوفير مياه الشرب ومياه الري والمحروقات وعبروا عن رفضهم للتجنيد الإجباري الذي تفرضه “قسد”، والاستمرار في المظاهرات حتى الاستجابة لمطالبهم.

وأشار المرصد السوري في 13 الشهر، إلى أن مدينة الرقة الخاضعة لنفوذ قوات سوريا الديمقراطية، تشهد استياء في الأوساط المدنية، بعد ارتفاع أسعار المحروقات في المدينة بشكل ملفت، حيث بلغ سعر لتر المازوت 700 ليرة سورية بعد أن كان 400 ليرة، بينما وصل سعر لتر البنزين إلى 1300 ليرة سورية بدلاً من 1000 ليرة، فضلاً عن انتشار تلك المحروقات في السوق السوداء بأسعار متفاوتة، وهو ما يثير استياء المدنيين في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها الرقة وعموم الأراضي السورية على اختلاف القوى المسيطرة.
وفي 15 أيلول، خرج عشرات من طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية بمظاهرة في مدينة عين العرب (كوباني) طالبوا من خلالها “الإدارة الذاتية” لمناطق شمال وشرق سوريا بالسماح بتدريس مناهج النظام السوري التعليمية، إلا أن قوات “الأسايش” فرقتهم وهددتهم بالاعتقال والضرب في حال تكررت المظاهرات، وتصاعد الاستياء من قِبل طلاب الشهادات في مناطق “الإدارة الذاتية” كون مناهجها التعليمية غير معترف بها بالإضافة إلى أن الكثير من مسؤولي “الإدارة الذاتية” يرسلون أبناءهم إلى مدارس وجامعات النظام السوري إلا أنهم يمنعون تدريس مناهج النظام في مناطقهم.
في حين قامت الإدارة الذاتية بتاريخ 19 أيلول، بتحديد سعر رغيف الخبز الحجري الذي يعتمد عليه نسبة كبيرة من سكان المنطقة، نظراً لفقدان الخبز الآلي في معظم الأحيان، حيث أصدرت”الإدارة الذاتية” أمس السبت 18 أيلول/ سبتمبر الجاري، قراراً ينص على تحديد سعر الرغيف الواحد من الخبز الحجري بـ 500 ليرة سورية على أن يكون وزنه 300 غرام.
ولاقى القرار الصادر عن”الإدارة الذاتية” ردود أفعال مختلفة عبر مواقع التواصل الإجتماعي فيما عبر المواطنون عن استيائهم، حيث كتب أحدهم عبر صفحته الشخصية على منصة”فيسبوك” ( عاجل : الأمم المتحدة تبدي قلقها من عودة ظهور جملة (بناءً على مقتضيات المصلحة العام) في مناطق شمال شرق سوريا)
بدوره علق شاب ناشط على القرار بمنشور له على صفحته الشخصية في منصة “فيسبوك” قال فيه ( بيحسسوك أنو رايح عليهم كتير مصاري وضروري يعوضوها بأسرع وقت، منافسة محمومة ورفع أسعار على ابو موزرة، رغيف الخبز بـ 500 ليرة، المازوت 710 ليرة، المازوت 410 المازوت 250 ليرة المازوت 150 ليرة مفقود، المازوت 75 ليرة منقرض، عزيزي المسؤول معليش تراجع شوي أسعارك وتخف علينا)
ونقل نشطاء “المرصد السوري” عن أحد سكان مدينة القامشلي قوله “بعد الحالة المزرية التي وصلت إليها مناطقنا من الحرمان والفقر والتهجير نتيجة لبعض الأخطاء التي يمكن تداركها بكل سهولة وإيجاد حلول اقتصادية، فإن مثل هكذا قرارات تنعكس سلباً على حياة المواطن الذي يعيش في ظروف اقتصادية صعبة، وإن رفع الأسعار بهذا الشكل سواء أسعار الوقود أو الخبز يدفع بالمواطن إلى البحث عن الهجرة خارج الوطن ليبحث عن وضع أفضل”.
كما عبر (ق.ع) عن رأيه بالقرار قائلاً ” بأنهم كانوا يتقصدون هذا النوع من الخبز “الخبز الحجري ” لأن الخبز الآلي لا يكون متوفراً بشكل دائم، وأنه أفضل نوعية وجودة من الآلي، لكن وبعد رفع سعره إلى الـ500 ليرة ” لن يعود قادراً على شرائه لأنه يشتري بشكل يومي 10 أرغفة تكفي عائلته لليوم التالي وهذا سيشكل عليه عبء مادي كبير لا يستطيع تحمله.
(ح.س) صاحب أحد الأفران يقول، بأن بيع الخبز تراجع إلى أكثر من النصف بعد أن قررت “الإدارة الذاتية” رفع سعر الخبز لأن المواطن لم يعد بمقدوره شراء الخبز، مشيراً إلى أنه كان يخبز 50 كيساً من الطحين وتراجع الخّبز إلى 28 كيساً بعد رفع سعر الخبز.
وتعاني عموم سوريا من ظروف معيشية صعبة نتيجة ظروف الحرب التي تمر بها البلاد منذ نحو 11 عاماً، وتعيش مناطق “قوات سوريا الديمقراطية” الظروف ذاتها رغم غنى مناطقها بالنفط والثروات الطبيعية والباطنية.
وفي 20 أيلول، رصد المرصد السوري وقفة احتجاجية نظمها أهالي وأبناء معتقلين إداريين تابعين لـ “الإدارة الذاتية” لمناطق شمال وشرق سوريا، وذلك أمام مقر الأمم المتحدة في مدينة القامشلي، طالبوا من خلالها الكشف عن مصير المعتقلين القابعين في السجون الأمنية وتبيان التهم الموجه لهم بالوثائق وتقديمهم للمحاكم ليتمكنوا من تعيين محامين لهم.
وكانت “الإدارة الذاتية” قد اعتقلت العشرات خلال الأشهر الماضية ضمن حملة تهدف “لمحاكمة الفساد” بحسب مسؤولي الإدارة الذاتية.

على صعيد آخر، أشار المرصد السوري منتصف شهر أيلول، إلى دخول نحو 200 صهريج نفط لرجل الأعمال التابع النظام “القاطرجي” إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، عبر معبر “الهورة” التابع لمدينة الطبقة بريف الرقة الغربي، وذلك لنقل النفط إلى مناطق سيطرة النظام السوري بعد انقطاع دام نحو 30 يومًا.