مناطق درع الفرات في تشرين الأول: أزمات واحتجاجات تشعل استياء شعبي كبير.. و9 قتلى في الاستهدافات والاقتتالات والتفجيرات

50

منذ وقوع ما يعرف بمناطق “درع الفرات” تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، ومسلسل الأزمات الإنسانية والانتهاكات والفلتان الأمني يتفاقم شيئًا فشيئًا، فلا يكاد يمر يوماً بدون انتهاك أو استهداف أو تفجير وما إلى ذلك من حوادث، ويسلط المرصد السوري في التقرير الآتي على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021.

فقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر تشرين الأول، مقتل 9 أشخاص، هم: شخص في اشتباكات مع عناصر الجيش الوطني خلال محاولتهم اعتقاله على خلفية حملة ضد “مروجي المخدرات” بمدينة اعزاز، وشاب من البوكمال متأثراً بجراحه التي أصيب بها جراء اندلاع اشتباكات بين مسلحين من أبناء مدينة الباب ومسلحين من أبناء مدينة البوكمال بريف مدينة ديرالزور في وسط مدينة الباب، وعنصر من القوات التركية باستهداف للقوات الكردية طال القاعدة العسكرية التركية في منطقة التويس بالقرب من مارع في الريف الشمالي لحلب، ورجل وامرأة وطفل نتيجة انفجار يرجح أنه نتيجة ذخائر، في مقر قيادي في السلطان مراد في قرية الدابس بريف مدينة جرابلس، وطفل من مهجري مدينة القورية بدير الزور، متأثرًا بإصابته التي أصيب بها في تفجير الدراجة المفخخة في مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي بتاريخ 28 أيلول الفائت، وشخص يعمل بترويج المخدرات باشتباكات مع الفصائل بالقرب من قرية العمارنة بريف جرابلس، وعضو مجلس قبيلة شمر قتل على يد شقيق قائد فرقة الحمزة الموالية لتركيا، في بلدة بزاعة المعقل الرئيسي لفرقة الحمزة بريف حلب الشمالي الشرقي.

وشهد شهر تشرين الأول، تفجير واقتتالين اثنين ، الاقتتال الأول كان في الثاني من الشهر، اندلعت اشتباكات عنيفة بين عشيرة” المجادمة” التابعة لـ “حركة أحرار الشام” الإسلامية من جهة، و عشيرة “الشمر” التابعة لـ “الجبهة الشامية” من جهة أٌخرى في قريتي “التفريعة” و “السكرية” ضمن مناطق نفوذ القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني” بريف مدينة الباب شرقي حلب ، وذلك على خلفية خلافات قديمة تتعلق بخطوط التهريب إلى مناطق النظام، أما الاقتتال الثاني فجرى في 16 الشهر، حين اندلعت اشتباكات عنيفة بين فصيلي لواء الشمال من جهة، والجبهة الشامية من جهة أخرى، في قرية” البليخة” بريف مدينة أخترين في ريف حلب الشمالي، وفقاً لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، حاول عناصر من لواء الشمال مداهمة منزل عنصر من فصيل “لواء الشمال، لتندلع على إثرها اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين الطرفين.

في حين التفجير الوحيد كان بتاريخ 12 تشرين، حين انفجرت عبوة ناسفة مركونة بسيارة تعود لمسؤول في “فريق ملهم التطوعي” العامل في مجال الإغاثة وذلك في مدينة الباب شرقي حلب.

في حين رصد نشطاء المرصد السوري في مناطق نفوذ الفصائل في ريفي حلب الشمالي والشرقي، حالات اعتداء وخطف واعتقال عدة خلال شهر أيلول، ففي 12 الشهر، أقدم مسلحون مجهولون يستقلون سيارة سوداء، على خطف شاب من وسط السوق المسقوف بمدينة الباب، كما اختطف ختطف 3 مسلحون مجهولون يستقلون سيارة “سنتافيه”، مواطنًا في وضح النهار في شارع “زمزم” وسط مدينة الباب بعد أن أطلقوا النار تجاهه واعتدوا عليه بالضرب المبرح، فيما اقتاده الخاطفون إلى جهة مجهولة.

وفي 22 الشهر، اعتقلت المخابرات التركية طالب جامعي من مكان سكنه في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها، وبحسب نشطاء المرصد السوري، فإن الشاب من مهجري ريف حماة الشمالي، ويدرس في كلية الإعلام بجامعة “حلب الحرة” دون معرفة أسباب ودوافع الاعتقال حتى اللحظة.

وفي 26 الشهر اختطف مسلحون مجهولون يستقلون سيارة “بيك آب” مواطنًا من مكتبه العقاري في وسط مدينة الباب الخاضعة لنفوذ الفصائل الموالية لتركيا بريف حلب الشمالي الشرقي، واقتاده الخاطفون إلى جهة مجهولة.

بينما شهد الثاني من تشرين الأول، إعلان 7 فصائل من “الجيش الوطني” الموالي لأنقرة اندماجها تحت مسمى “حركة ثائرون” ضمن غرفة القيادة الموحدة “عزم” وضمت الحركة الجديدة “لواء الشمال والفرقة التاسعة ولواء المنتصر والسلطان مراد وفيلق الشام ولواء ١١٢ و ثوار الشام” وذلك ضمن مناطق سيطرة فصائل “الجيش الوطني” والقوات التركية بريف حلب.

وتأسست غرفة القيادة الموحدة “عزم” في منتصف تموز الماضي، وضمت آنذاك “الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد” وفصائل أُخرى موالية لتركيا.
وفي 18 الشهر، اندمجت 6 فصائل موالية لتركيا ضمن مرتبات الفيلق الثالث في “الجيش الوطني”، حيث أعلنت فصائل الجبهة الشامية وجيش الإسلام وفيلق المجد والفرقة 51 وفرقة ملكشاه ولواء السلام اندماجها الكامل ضمن الفيلق الثالث العامل في مناطق تواجد القوات التركية.

وبالانتقال إلى مسلسل الانتهاكات والاحتجاجات والأزمات، فقد شهد يوم 12 تشرين الأول، خروج مجموعة من الأهالي بمظاهرة في منطقة الراعي شمالي حلب، طالبوا من خلالها بتحسين الواقع الخدمي من تزفيت الطرقات وإيصال الكهرباء إلى المنطقة، حيث عمد المتظاهرون إلى قطع الطريق الواصل بين بلدة الراعي وقرية تلت عيشة تعبيرًا عن استيائهم حيال ذلك.

وفي 13 الشهر، دعا معلمون تابعون لمديرة التربية في الحكومة السورية المؤقتة في مناطق مايعرف بـ”درع الفرات” و”غصن الزيتون” إلى إضراب عام يوم الغد الخميس، احتجاجًا على تدني مستوى أجور المعلمين في المناطق التي تديرها الحكومة المؤقتة في ريف حلب.

وفي سياق ذلك، أعلن عدد كبير من المعلمين الانضمام للحراك الذي أطلق في مدينة الباب وبلدة قباسين، في حين أعلن عدد كبير من المعلمين في مدينة إعزاز تلبيتهم للدعوة التي أطلقها العاملين في التعليم في مدينة الباب وريفها.

وأكد المعلمون بأنهم سيشاركون في الإضراب بشكل فردي في حال لم تصدر بيان من قبل إدارة التعليم في مدينة إعزاز.

وتأتي الدعوة على الإضراب العام احتجاجاً على تدني مستوى الأجور والذي يبلغ 750 ليرة تركية، أي ما يعادل 80 دولار أمريكي، وطالبوا برفع سقف الأجور إلى 2000 ليرة تركية، لتتناسب مع واقع الغلاء الحاصل في معظم المواد الغذائية والاحتياجات اليومية.

وهدد المعلمون بخطوات تصعيدية إن لم يتم الاستجابة لمطالبهم والتي تتضمن تحسين الوضع التعليمي بجوانبه كافة، بالإضافة إلى زيادة الراتب، وأن تكون الزيادة دورية للحفاظ على حياة كريمة للمعلم، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال تعرض المعلمين لأي ضغوط من قبل الإدارة.

وفي اليوم الذي تلاه، أصدر ممثلون عن مدارس مدينة الباب وريفها بيانًا أعلنوا من خلاله البدء بإضراب تعبيرًا عن استيائهم حيال الواقع التعليمي المتردي في ظل شح الدعم المقدم للمدارس وللمطالبة برفع رواتبهم الشهرية وفق بيان صادر عنهم حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على نسخة منه وجاء فيه: نحن ممثلي مدارس مدينة الباب وقباسين وريفهما وبعد الاجتماعات المكثفة التي أبلغنا من خلالها الجهات المعنية بالوضع المزري الذي وصلت إليه العملية التعليمية في مدارسنا طلاباً ومعلمين . وبعد الكتب التي خاطبنا بها أصحاب القرار . وبعد الوقفات العديدة التي قمنا بها أمام مديرية التربية وتحت تغطيتها عبر وسائل الإعلام في المدينة .

وبعد بيان الممثلين الصادر مؤخراً بتاریخ ۲۹ / صفر / 1443 هـ ، والموافق لـ۲۰۲۱ / ۱۰ / ٧ م .

وبعد الاجتماع المكثف بتاريخ 4 / ربيع الأول / 1443 هـ ، والموافق لـ۲۰۲۱ / ۱۰ / ١١ م . قررنا ما يلي : الإضراب يوم غد الخميس الموافق لـ 7 / ربيع الأول والواقع في ۲۰۲۱ / ۱۰ / ١٤ م

وإن لم تتم الاستجابة لمطالبنا بتحسين الوضع التعليمي بجوانبه كافة ، وزيادة الراتب ليصل إلى ما لا يقل عن ٢٠٠٠ ليرة تركية ، وأن تكون هذه الزيادة دورية للحفاظ على حياة كريمة للمعلم . وعليه سنبدأ بتنفيذ الخطوات التصعيدية التي وعدنا بها . وفي حال تعرض أي معلم لأي ضغط وجداني أو إداري فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي دونه.

وفي 19 الشهر، أصدرت المجالس المحلية في مناطق “درع الفرات” الخاضعة لنفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها بيانًا هددت من خلاله المدرسين بالفصل والاقتطاع من رواتبهم على عدد الأيام التي تغيبوا بها عن المدارس بعد إضرابهم عن التدريس بسبب تردي الرواتب الشهرية مقارنة بالمعيشة ومطالبهم بتحسين العملية التعليمية، حيث أمهلت المدرسين حتى يوم الغد للرجوع إلى مدراسهم وإلا سيتم فصل كل مُدرس لا يلتحق بمدرسته بعد يوم غد، ولاقى البيان حالة من الاستياء لدى الأهالي والمدرسين واصفين إياه بـ”التشبيحي” إذ حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على نسخة منه وجاء فيه: فيما يتعلق بموضوع إضراب المعلمين عن الدوام وعدم التحاقهم بوظائفهم في مركز المدينة والقرى التابعة لها وذلك بسبب قلة الراتب سيتم إتخاذ الإجراءات التالية

_ سيبدأ اقتطاع من الرواتب بعدد الأيام المتغيب عنها حتى يوم الأربعاء 20,10,2021

وفي حال التغيب المستمر من يوم الأربعاء تاريخ 20/10/2021 سيتم إنهاء وظيفته وذلك بموجب النظام الداخلي للمجلس المحلي

يجب على المعلمين العودة إلى مدارسهم حتى لا يتعرضوا إلى إنهاء وظيفتهم بالفصل

يعتبر هذا التعميم بمثابة قرار إلزامي وذلك لحماية حق التعليم لأطفالنا الذي يعد حق من حقوق الإنسانية

يبلغ إلى جميع المعلمين.

في حين فرض فصيل الجبهة الشامية المسيطر على مدينة إعزاز ضمن مناطق درع الفرات الخاضعة للنفوذ التركي والفصائل الموالية لها في ريف حلب إتاوات على التجار وأصحاب المنشآت التجارية في مدينة إعزاز بذريعة حمايتهم من أعمال الخطف والسرقة .

وفي هذا السياق، أرسل فصيل الجبهة الشامية خلال الأسبوع المنصرم مندوبين لها إلى التجار وأصحاب المنشآت الصناعية المرخصة من قبل غرفة تجار إعزاز، تطالبهم بالحضور إلى مقر الجبهة الشامية في مدينة إعزاز، لإخطارهم بالقرار الجديد التي اصدرتهُ مايسمى بالمكتب الأمني في الجبهة الشامية تحت مسمى “ضريبة حماية” ، وبحسب القرار الجديد فإنه يترتب على جميع التجار وأصحاب المنشآت التجارية تسجيل أسمائهم لدى المكتب الأمني ودفع رسوم شهرية تتناسب مع حجم ثروة كل تاجر.

ويتخوف التجار وأصحاب المنشآت الصناعية من القرار الجديد أن يكون ذريعة من قبل فصيل الجبهة الشامية، لكشف الأموال الذي يملكها التجار وأصحاب المنشآت التجارية وابتزازهم لاحقاً أو خطفهم وترهيبهم، بهدف تحصيل فدية مالية منهم وفرض إتاوات كبيرة عليهم لتأمين الحماية لهم.

ومما سبق يتضح جليًا أن مسلسل الانتهاكات في مناطق “درع الفرات” لن تتوقف حلقاته، طالما تستمر القوات التركية والفصائل التابعة لها في مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون رادع لها يكبح جماح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب السوري في تلك المناطق، رغم التحذيرات المتكررة من قبل المرصد السوري مما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك.