مناطق “نبع السلام” في تموز: المظاهرات الشعبية ضد الممارسات التركية تستحوذ على المشهد.. والفصائل الموالية لأنقرة ترد بعشرات الاعتقالات
المرصد السوري يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل الموالية لأنقرة
تتصاعد معدلات الانتهاكات الحقوقية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريفي الحسكة والرقة، المعروفة بمناطق “نبع السلام”، والتي سيطرت عليها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019.
تصاعد الانتهاكات يأتي مقابل تحقيق المآرب والأطماع السياسية والاقتصادية على حساب استغلال هذه الأراضي وثرواتها ومواردها وأهلها أسوء استغلال، وقد رصد ووثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر السابع من العام 2024.
حيث بلغت حصيلة الخسائر البشرية خلال الشهر الفائت 10 قتلى جميعهم من العسكريين، توزعوا على النحو الآتي:
-1 على يد مسلحين
-9 على يد مجلس تل تمر العسكري
وجاءت التفاصيل لعمليات القتل على النحو الآتي:
-12 تموز، قتل عنصر في فصيل أحرار الشرقية المعاقب أمريكيا، في قرية الدهماء بريف رأس العين الغربي شمال غربي الحسكة، ضمن منطقة “نبع السلام” بعد خلاف بينه وبين عشيرة البو ضاهر فخذ الموسات الخاروف، بتهمة “قضية شرف”.
-17 تموز، قتل 3 عناصر من فصيل السلطان مراد الموالي لتركيا، وأصيب 5 آخرون، في قرية مشعيفة بريف أبو راسين الغربي في منطقة عمليات “نبع السلام” شمال غرب الحسكة، جراء استهداف تحركاتهم من قبل مجلس تل تمر العسكري المنضوي تحت قيادة “قسد”.
-28 تموز، قتل 4 عناصر من الفصائل الموالية لتركيا وأصيب آخرون، خلال التصدي لعملية تسلل نفذها عناصر من قوات سوريا الديمقراطية، على محور عريضة عجيل بريف تل أبيض شمال غرب الرقة.
-30 تموز، قتل عنصران من الفصائل الموالية لتركيا وأصيب 4 آخرون بجراح متفاوتة جراء استهداف مواقع ونقاط تمركز الفصائل في منطقة الأربعين في ريف الحسكة
في حين شهدت مناطق نبع السلام خلال تموز مظاهرات لأهالي مدينة رأس العين بريف الحسكة على خلفية الاعتداءات العنصرية بحق اللاجئين السوريين في تركيا، حيث قطع المتظاهرون الطرقات بإشعال الإطارات المطاطية، وهاجموا العربات العسكرية للقوات التركية التي وصلت لفض التظاهرة، وسط معلومات بتدخل فصيل ” السلطان مراد” لفض النزاع وتفريق المتظاهرين
وعلى ضوء ذلك نفذت الفصائل الموالية لأنقرة حملة اعتقالات واسعة استمرت لأيام وأسفرت عن اعتقال أكثر من 51 شخص.
ففي 3 تموز، اعتقلت الشرطة العسكرية والفصائل الموالية لتركيا، نحو 30 شخص بينهم ناشط إعلامي في مدينة تل أبيض، التي تجمع العشرات للتظاهر، وسرعان ما تم فضها بعد تدخل الأتراك وموالين لهم من الفصائل.
وفي 9 تموز، اعتقل 8 أشخاص بينهم مسلحين تابعين للفصائل ومهجرين من منطقة حمص، في مدينة رأس العين واقتادوهم إلى الأراضي التركية، بتهمة إنزال العلم التركي والمساس برمز تركيا خلال المظاهرات التي نددت بالعنصرية التركية، بينما لا يزال مصيرهم مجهولا حتى اللحظة.
وفي ذات اليوم اعتقل 4 أشخاص في مدينة رأس العين، بتهمة انتقاد السلطات التركية لقطعها شبكة الإنترنيت عن المدينة وإغلاق المعابر الحدودية مع تركيا خلال المظاهرات.
وفي 10 تموز، اعتقل 6 مدنيين، بينهم قصّر بعد عملية دهم لمنازلهم وأماكن عملهم، في مدينة تل أبيض شمالي الرقة، لانتقادهم قطع الإنترنت وإغلاق المعابر من قبل تركيا.
وفي 12 تموز، اعتقل 3 أشخاص هم: مدنيان وعنصر من فصيل “أحرار الشرقية” الموالي “للجيش الوطني” خلال مداهمة منازلهم في مدينة رأس العين ضمن منطقة “نبع السلام”، وتم نقلهم إلى الأراضي التركية بتهمة التظاهر ضد الأخيرة والإساءة للسلطات التركية والعلم التركي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحملات التعسفية جاءت بعد التحذيرات التركية للسوريين بعدم خروج بمظاهرات مناوئة للوجود التركي في المنطقة، مهددة بقطع الخدمات والصلاحيات التي منحت بشكل كامل وفرض حصار كامل على المنطقة.
وفي السياق، انسحب ما يقارب 100 عنصر من فصيل فرقة الحمزة بعتادهم الكامل من جبهات بلدة أبوراسين شمال غرب الحسكة باتجاه مساكنهم في مدينة رأس العين، تعبيرا عن رفضهم لحملات العنصرية التي يواجهها السوريون داخل الأراضي التركية خلال الأحداث الأخيرة.
بينما كانت الاستخبارات التركية “الميت التركي” عقدت اجتماعا في الثاني من تموز مع وجهاء وشيوخ العشائر وقيادات الفصائل الموالية لها في مقر “القيادة العسكرية” التركية في مدينة رأس العين شمال غرب الحسكة ضمن منطقة ” نبع السلام “، لتحذيرهم من الخروج بمظاهرات مناوئة للوجود التركي في المنطقة مهددة بكل من ينظم للمظاهرات بقطع الخدمات والصلاحيات التي منحت بشكل كامل وفرض حصار كامل على المنطقة، في حين تعهدوا بتنفيذ مطالب المخابرات التركية.
وفي سياق آخر، تشهد منطقة رأس العين في محافظة الحسكة تضييقا على أصحاب المواشي من قبل فصائل “الجيش الوطني”، حيث أفادت تقارير أن عناصر من فصائل “السلطان مراد” و”أحرار الشرقية” و”الحمزات” و”جيش الإسلام” تفرض إتاوات على أصحاب المواشي في ريف رأس العين ضمن منطقة “نبع السلام” شمال غرب الحسكة، لقاء السماح لهم برعي أغنامهم في الأراضي المحصودة بحجة حماية مناطق رعي مواشيهم.
وإجمالاً ستظل هذه الصورة القاتمة تزداد وتتمدد مع استشراء الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”، وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل والمتمثلة بعمليات سرقة وقتل ونهب وسلب واعتقال واختطاف.