مناطق “نبع السلام” في شباط: اغتـ ـيـ ـالات تطال عسكريين من “الجيش الوطني”.. وانتـ ـهـ ـاكـ ـات مستمرة ترتكبها الفصائل الموالية لأنقرة
المرصد السوري يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل الموالية لأنقرة
تتصاعد معدلات الانتهاكات الحقوقية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريفي الحسكة والرقة، المعروفة بمناطق “نبع السلام”، والتي سيطرت عليها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019.
تصاعد الانتهاكات يأتي مقابل تحقيق المآرب والأطماع السياسية والاقتصادية على حساب استغلال هذه الأراضي وثرواتها ومواردها وأهلها أسوء استغلال، وقد رصد ووثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر الثاني من العام 2023.
حيث بلغت حصيلة الخسائر البشرية خلال الشهر الفائت 3 قتلى من المدنيين والعسكريين وفقاً لتوثيقات المرصد السوري، توزعوا على النحو التالي:
– مدني قضى على يد قوات حرس الحدود التركية بريف رأس العين شمال غربي الحسكة.
– 2 من الفصائل الموالية لأنقرة، قتلا برصاص مجهولين بعمليتي اغتيال منفصلتين.
ولم تشهد مناطق نبع السلام أي اقتتالات أو تفجيرات خلال شهر شباط، لكنها شهدت حادثتي اغتيال لعسكريين، الأولى في الخامس عشر من شباط، حين قتل عنصر من فصيل “جيش الإسلام” الموالي لتركيا، على يد مسلحين مجهولين يستقلون دراجات نارية، عبر إطلاق الرصاص المباشر عليه، أمام منزله، في مدينة رأس العين، قبل أن يلوذوا بالفرار إلى جهة مجهولة.
والثانية، حين قتل عنصر من “فيلق المجد” التابع لفصائل “الجيش الوطني” بعملية اغتيال من قبل مسلحين مجهولين، يستقلون دراجة نارية، على طريق سلوك بريف تل أبيض شمالي الرقة.
على صعيد آخر، أصيبت طفلة 9 سنوات وشقيقها 8 سنوات بجروح بليغة، جراء انفجار مقذوف من مخلفات الحرب في حارة الليل بمدينة تل أبيض ضمن منطقة “نبع السلام” شمال محافظة الرقة، وذلك بتاريخ 26 شباط، حيث جرى نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وبالانتقال إلى ملف الانتهاكات، فرصد المرصد السوري جملة من الانتهاكات خلال الشهر الثاني من العام الجديد، ففي 19 الشهر، اعتقلت الشرطة العسكرية، ناشط إعلامي، لقيامه بتصوير مدينة رأس العين، ضمن منطقة “نبع السلام”، شمال غرب الحسكة، والتي تسيطر عليها الفصائل الموالية لتركيا، دون معرفة مصيره حتى اللحظة.
وفي السادس عشر من الشهر، أفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن أهالي تل أبيض بريف الرقة بنوا خيام “شوادر” مفروشة ومجهزة بكل ما يلزم من تدفئة وبطانيات وحمامات خارجية للقادمين من تركيا من أهالي دير الزور والحسكة والرقة ومنبج والقامشلي وريف حلب.
وبحسب نشطاء المرصد السوري، فإن سبب إنشاء هذه الخيام الجماعية فهي للقادمين من أبناء دير الزور والحسكة ومنبج والرقة الذين خرجوا بثيابهم أثناء تهدم منازلهم بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا، وبلغ عددهم قرابة الـ 1000 شخص بين رجل وامرأة وطفل، حيث عمدت “الحكومة السورية المؤقتة” وفصائل “الجيش الوطني” إلى إغلاق نقاط العبور من مناطق نبع السلام إلى مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، ليبقى المئات عالقين في خيام جماعية، واستغل ضعاف النفوس المهربين وضعهم الإنساني الحرج وطلبوا مبالغ طائلة لتهريب كل شخص تتراوح بين 200 – 1000 دولار أمريكي، لتهريبهم نحو مناطق قسد.
فالناس الذين خرجوا بثيابهم لايملكون ثمن الطعام ليملكوا الثمن الذي يطلبه المهربين مما دفع الأهالي بإنشاء هذه الخيام الجماعية كفالة إسعافية ريثما تُفتح المعابر.
كما أغلقت مدارس في ريف رأس العين، ضمن منطقة “نبع السلام” شمال غرب الحسكة أبوابها، أوائل شباط، بعد رفض الأهالي إرسال أبنائهم إلى المدارس، لعدم توفر مازوت التدفئة في المدارس، وارتفاع أجور النقل، بالتزامن مع هطول الثلوج والأمطار الغزيرة في المنطقة.
وبحسب المعلومات التي حصل عليها نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن سعر المازوت وصل إلى 5 آلاف ليرة سورية للتر الواحد، حيث يصل عبر معابر التهريب من مناطق “قسد”، ويقتصر شرائه على ميسوري الحال، أما المدارس والمؤسسات الأخرى لا تتلقى الدعم والاهتمام، ويقتصر التعليم على بعض مناهج الفصائل ويدرس باللغة التركية.
وفي سياق آخر، وصلت صباح 26 شباط، 6 سيارات “جيب” خاصة بمنظمة الأمم المتحدة وسيارة شحن كبيرة بحماية 4 مدرعات عسكرية روسية برفقة عربة لمكتب التنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية بحماية جوية من طائرتين مروحيتين روسيتين إلى قرية الأسدية شمالي بلدة أبو راسين والتي تعتبر النقطة الفاصلة بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ومنطقة “نبع السلام” الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا.
ووفقاً لنشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإنه وبعد وصول السيارات عبرت منطقة “نبع السلام” بحماية تركية واتجهت نحو مدينة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي، فيما لم يتسنى معرفة ما تحمله السيارات التي عبرت نحو مدينة راس العين أو المهمة التي ستقوم بها هناك.
وإجمالاً ستظل هذه الصورة القاتمة تزداد وتتمدد مع استشراء الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”، وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل والمتمثلة بعمليات سرقة وقتل ونهب وسلب واعتقال واختطاف.