منبج: دوريات أميركية واستنفار على الجبهات

5

على الرغم من اقتراب انسحاب القوات الأميركية بشكل كامل من شمال سوريا بما شكلت من دعم للفصائل الكردية المنتشرة في المنطقة ولا سيما في منبج، تستمر العربات المصفحة للجيش الأميركي في شق طريقها وسط المدنيين في المدينة الاستراتيجية القريبة من الحدود التركية، فيما تشهد الجبهات القريبة استنفاراً عسكرياً من قوات عدة من بينها الجيش التركي الذي يعتبر تلك القوى الكردية فصيلاً إرهابياً.

ففي منبج حيث يُسيطر القلق على المدنيين المتخوفين من نُذر حرب شرسة، تسير دورية عسكرية أميركية مؤلفة من أربع عربات بهدوء داخل المدينة، ووقف وراء المدفع الرشاش لكلّ منها جندي بكامل سلاحه، ثم تتوجه الدورية إلى قاعدة أميركية خارج المدينة.

وفيما يسيطر الأميركيون إلى الآن على الهدوء بانتظار انسحابهم من المدينة قبل تحرك عسكري تركي حسب تصريحات كبار المسؤولين في أنقرة منهم الرئيس رجب طيب أردوغان، تشهد الأسواق حركة طبيعية برغم الاضطراب الذي يعتري السكان إزاء ما يخبئه لهم المستقبل. وتقع المدينة في محافظة حلب، وهي خاضعة لسيطرة فصائل منضوية في صفوف «قوات سوريا الديموقراطية» المدعومة أميركياً في الحرب ضد «داعش» الإرهابي، الذي رأى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه تمت هزيمته.

وأعلنت قوات النظام السوري يوم الجمعة الماضي أن وحدات تابعة له دخلت منطقة منبج بعد وقت قصير من إعلان «وحدات حماية الشعب» الكردية دعوتها النظام إلى نشر قواته لـ«حماية منطقة منبج أمام تهديدات تركيا» التي تعتبر تلك الوحدات قوى إرهابية.

وأثار إعلان الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي قراره سحب قواته من سوريا بعدما أنجزت مهمتها، على حد قوله، بإلحاق «الهزيمة» بتنظيم «داعش»، خشية الأكراد من أن يُشكل ذلك ضوءاً أخضر لتركيا كي تبدأ هجومها ضد المناطق القريبة من حدودها الجنوبية.

وقرب مطاحن الحبوب وسط مدينة منبج، تمر دورية أميركية أخرى مؤلفة من خمس عربات مصفحة وكاسحة ألغام رافعة الأعلام الأميركية، وتكمل طريقها إلى خارج المدينة التي تشهد مداخلها لليوم الثاني على التوالي استنفاراً من مقاتلين محليين يتولون تفتيش السيارات والتدقيق في هويات المارة.

وقالت مصادر إعلامية من المدينة إن مروحيات تابعة للجيش الأميركي حلقت صباحاً لأكثر من ساعة.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم قوات حماية الشعب الكردية نوري محمود «لا تزال القوات الأميركية في قواعدها ولم يتم البدء بالانسحاب حتى اللحظة» تنفيذاً لقرار ترامب.

ولكن ذكرت مصادر أن الجيش الأميركي بدأ بإخلاء بعض ثكناته ومخازنه شمالي سوريا، عقب إعلان ترامب عزم بلاده الانسحاب من سوريا في غضون 100 يوم.

وإزاء التطورات المتلاحقة والاستنفار من جميع الأطراف في المنطقة، يعتري القلق العديد من سكان منبج، بينهم محمود أحمد (28 عاماً)، مالك محل تجاري، وهو قال إن «الوجود الأميركي يجعل الناس تشعر بالاطمئنان والراحة. منذ سمعنا الأنباء عن قرار انسحابهم بات الوضع متوتراً».

ويوضح أن «وجود التحالف الأميركي قوة لمنبج وخروجه منها يجعلها ضعيفة أمام تركيا والجيش الحر» في إشارة إلى الفصائل الموالية لأنقرة.

وعلى غرار العديد من سكان المدينة، يفضّل أحمد عودة قوات النظام للحؤول دون حصول هجوم تركي. ويقول «إذا انسحب الأميركي من الأفضل أن يرجع النظام».

وبدأت وحدات من قوات النظام الانتشار في منطقة منبج، وبحسب المرصد السوري انتشر أكثر من 300 عنصر في ريفي منبج الغربي والشمالي.

وقال مصدر ميداني إن وحدات من قوات النظام تنتشر عند خطوط التماس بين مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية» ومناطق سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، في المنطقة الممتدة من شمال منبج حتى مدينة الباب غربها.

وأوضح أن إحدى نقاط قوات النظام على بعد نحو 500 متر من موقع للقوات التركية والفصائل الموالية لها.

ويواكب عسكريون روس وفق المصدر ذاته، انتشار وحدات القوى التابعة للأسد. وتنتشر القوات الروسية داخل مركز تابع لها في بلدة العريمة الواقعة على بعد 25 كيلومتراً غرب مدينة منبج.

وذكرت مسؤولة محلية في مدينة منبج قبل يومين أن روسيا تولت التفاوض بين الوحدات الكردية ودمشق.

وعلى بعد نحو ستين كيلومتراً غرب مدينة منبج، يجري مقاتلون تابعون لفصيل سوري موالٍ لأنقرة تدريبات عسكرية مُكثفة بانتظار تعليمات تركية للتوجه إلى تخوم منطقة منبج، على غرار العديد من الفصائل الأخرى الموجودة في محافظة حلب.

ويتجمع في قرية أرشاف في ريف حلب الشمالي نحو 500 مقاتل ينتمون إلى فصيل «لواء المعتصم»، وهو فصيل معارض تلقى دعماً أميركياً قبل أن يبدي استعداده أخيراً للقتال مع القوات التركية.

ويقول رئيس أركان اللواء المعارض يوسف أبو ممدوح: «جهّزنا نخبة من المقاتلين بعد تلقيهم التدريبات اللازمة للقتال في فترة الشتاء».

ويضيف «انتهينا من التجهيز للبدء في عملية السيطرة على مدينة منبج».

وفي خطوة تهدف إلى تعزيز الضغط على الأكراد، أرسلت تركيا أخيراً تعزيزات عسكرية إضافية إلى حدودها الجنوبية. وعززت انتشارها العسكري على تخوم منبج برغم إعلان الرئيس التركي تعليق الهجوم حالياً، ولكن من دون إلغائه.

فقد عزّز الجيش التركي قواته على الحدود مع سوريا في إطار استعداداته لشن عملية عسكرية تهدف للقضاء على المسلحين الأكراد في منبج وشرق الفرات شمالي سوريا، وأرسل الجيش التركي صباح الأحد 50 شاحنة محملة بدبابات ومدافع إلى مدينتي شانلي أورفا وغازي عنتاب الحدوديتين مع سوريا.

وكانت أنقرة أرسلت تعزيزات جديدة للجيش في وقت سابق إلى منطقة إيلبايلي في ولاية كليس من أجل نشرها على مناطق حدودية مع سوريا، وضمت التعزيزات التي أرسلت مركبات عسكرية وناقلات جند مدرعة وشاحنات محملة بالعتاد العسكري.

المصدر: المستقبل