منذ انهيار النظام البائد.. المرصد السوري يوثق بالأسماء استشهاد 10885 معتقل تحت وطأة التعذيب… وارتفاع العدد إلى 59725 منذ بداية الثورة السورية
مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، أطلق النظام البائد يد أجهزته الأمنية لشنّ حملات اعتقال عشوائية طالت كل من جرؤ على رفع صوته ضد الظلم، من رجال ونساء، وحتى الأطفال، وكبار السن، لم يسلموا من قبضة الأجهزة الأمنية التي امتلأت معتقلاتها بمئات آلاف الأرواح البريئة.
وتُعتبر سجون النظام البائد بمثابة كابوس حقيقي، حيث واجه المعتقلون أبشع أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، من الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، واقتلاع الأظافر، والحرمان من الطعام والنوم، كلها أساليب اعتاد النظام على استخدامها لتحطيم إرادة المعتقلين، أما سجن صيدنايا، فقد تجاوز حدود الوصف، حيث أُطلق عليه “المسلخ البشري”، هناك، لم يكن الموت احتمالاً، بل مصيرًاً شبه محتوم، إذ شهد المعتقلون عمليات إعدام جماعية وتعذيب ممنهج أودى بحياة الآلاف، الصور التي ظهرت مؤخراً من هذا السجن بعد سقوط النظام وهروب بشار الأسد في 8 كانون الأول الجاري، أظهرت مشاهد لأجساد مشوهة بفعل التعذيب، لتكون شاهدة على فظاعة الجرائم التي ارتُكبت.
ولم يكتفِ النظام بتعذيب المعتقلين حتى الموت، بل لجأ إلى أساليب إجرامية لإخفاء الأدلة على جرائمه، شملت هذه الأساليب التخلص من الجثث عبر مكابس الحديد التي كانت تكبس فيها الجثث بعد وفاتها، أو إذابتها باستخدام الملح أو الأسيد، هذه الجرائم، التي ارتُكبت خلف جدران المعتقلات، تُظهر مدى وحشية الأجهزة الأمنية وسعيها الدائم لإخفاء آثار الجرائم التي طالت عشرات الآلاف من السوريين.
ومنذ بداية الثورة السورية، كان المرصد السوري لحقوق الإنسان من بين المؤسسات الحقوقية التي تحملت مسؤولية توثيق هذه الانتهاكات، عمل المرصد السوري على تسجيل أعداد المعتقلين والمغيبين قسرًا، وتوثيق الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب، ومع انهيار النظام، ظهرت الوثائق التي خلفتها أجهزته الأمنية، والتي كشفت عن استشهاد 10,885 معتقل، وهو العدد الذي تمكن المرصد من توثيقه رسمياً لكن الواقع يشير إلى أن الأعداد الحقيقية تفوق ذلك بكثير.
ومنذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد 59,725 شخصاً بأسمائهم، داخل المعتقلات، وذلك من أصل أكثر من 105,000 شخص علم المرصد السوري أنهم فارقوا الحياة داخل هذه السجون.
ما حدث في سجون النظام البائد ليس مجرد سلسلة من الانتهاكات، بل هو جرائم ضد الإنسانية بامتياز. هذه الجرائم تظهر منهجية النظام في قمع الشعب السوري وإسكات صوته بأي وسيلة، ورغم سقوط النظام، تبقى ذكرى هذه الجرائم شاهدة على معاناة السوريين، وتذكر بضرورة محاسبة المسؤولين عنها.
المرصد السوري لحقوق الإنسان يدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عاجلة وملموسة لضمان محاسبة مرتكبي جرائم التعذيب والقتل تحت التعذيب التي ارتكبها النظام البائد خلال فترة حكمه، ويجب أن تكون هذه المحاكمات داخل الأراضي السورية، وتُشرف عليها هيئات دولية مستقلة.
إن محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم في سوريا تُعد ضرورة لتحقيق العدالة الحقيقية، ولضمان أن تصل أصوات الضحايا الناجين وأسر الشهداء إلى هذه المحاكم، لتقديم شهاداتهم.
ويشدد المرصد السوري على أن إقامة هذه المحاكمات ستكون خطوة نحو بناء دولة القانون التي طالما حلم بها السوريون، كما أن ذلك سيضمن وصول أصحاب الشهادات والناجين من التعذيب لتقديم شهاداتهم أمام العالم، ليكشفوا حقيقة ما تعرضوا له من ممارسات وحشية، مؤكداً أن العدالة ليست خياراً، بل هي حق أساسي وواجب على المجتمع الدولي دعمه وتحقيقه.