من يؤخر عودة اللاجئين السوريين؟

4

مر أكثر من 75 يوما على فتح الحدود بين الأردن وسوريا، لكن للأسف ما يزال الهدف الأردني الأساسي لفتح الحدود غير متحقق إلا بنسب ضئيلة جدا، والمقصود هنا هو عودة اللاجئين السوريين الى ديارهم بعد انتهاء المظاهر المسلحة في الجنوب السوري وسيطرة الدولة السورية على أراضيها هناك.

فالأرقام الرسمية الصادرة في آخر يوم من السنة المنتهية تشير الى ان 45884 لاجئا سوريا عادوا من الأردن الى بلادهم عبر معبر جابر- نصيب منهم 13790امرأة و23387 طفلا.

وبالتوازي، سجلت نتائج استطلاع لمركز نماء للاستشارات الاستراتيجية نتائج مخيبة للآمال حول نوايا اللاجئين في العودة لديارهم حيث أجاب 15% منهم فقط إنهم مصرون على العودة فيما أكد 34% من المستطلعة آراؤهم إنهم لن يعودوا.

لا نعرف دقة هذه الأرقام لكن مشكلة حقيقية قائمة تتلخص في أن عودة اللاجئين تتم بطريقة بطيئة وفردية لا تنبئ بخير للأردن الذي تتلخص مصلحته بعودة اللاجئين الى ديارهم بأسرع وقت ممكن وعدم تكرار تجارب اللجوء السابقة، حيث تحول الأردن منذ نشأته الى إسفنجة امتصت كل الأزمات الديمغرافية حوله.

نعرف ان الدولة السورية غير متعجلة لعودة اللاجئين لأسباب داخلية وخارجية منها الاقتصادي والأمني، ونعرف ان ثمة عوامل تمنع اللاجئ من العودة الى دياره، مثل اعتقاد الكثيرين منهم بان الصراع هناك لم ينته وان المنطقة غير آمنة وان الدولة السورية لم تصدر عفوا عاما عنهم، وبعضهم ليس لديه وثائق وآخرون مطلوبون للدولة السورية لأسباب متنوعة.

لكن ما مصلحة الأردن في التلكؤ في فتح هذا الملف وهو يعرف الكلفة المادية والأمنية والديمغرافية لاستمرار وجود اللاجئين السوريين على أراضيه؟ ولماذا لا تشكل الحكومة مركزا لترتيب وتنظيم عودة اللاجئين؟ ولماذا لم تجب الحكومة للان على المقترحات الروسية في هذا الأمر؟

والحقيقة المرة إن الأردن منذ نشأته عام 1921 وهو يتعامل مع موجات اللاجئين بدون توقف، الا انه لم يتعلم من تجاربه المستمرة على مدار 97 عاما لأنه دائما كان يفكر من منطلق عاطفي لا عملي وعلى قاعدة البعد القومي والديني (الأخوة- الأنصار والمهاجرين)، الأمر الذي جعله ثاني اكبر دولة مستضيفة للاجئين في العالم بنسبة لاجئ الى كل 11مواطن.

اليوم نحن أمام معضلة كبيرة ستوثر في مستقبلنا إذا صحت نتائج استطلاع الرأي، وهذا الأمر تتحمله الحكومة التي يفترض ان تعمل من أجل مصلحة الدولة الأردنية وتبادر الى تشجيع اللاجئين للعودة وتسهيل أمورهم وعدم الاكتفاء بمقولة «لن نرغم لاجئا على العودة». نعم العودة طوعية متطلب دولي وأخلاقي لكن على الحكومة السعي الى تهيئة الأجواء وتقديم التسهيلات بل وحتى إغراءات للاجئين للعودة.

الأخطر من التلكؤ الحكومي هو ان نسمع تصريحات الناطق باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مفادها ان الأردن مع نهاية عام 2018 أصدر 122 ألف تصريح عمل للاجئين سوريين، وسبقها توقيع اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ لتشجيع تصدير المنتجات الأردنية عبر إيجاد فرص عمل للاجئين السوريين.

هل يعني هذا إن الأردن نسعى الى تشجيع اللاجئين على البقاء تمهيدا لاستيعابهم وتوطينهم؟ هل نكرر أخطاءنا السابقة؟ هل نبقى ننتظر المجتمع الدولي «لينقط في حلوقنا» ونحن نجلس على الخازوق؟ المبادرة بأيدينا، حتى لا تلعننا الأجيال القادمة التي لن نترك لها سوى المشاكل المادية والاجتماعية.

نبيل الغيشان
المصدر: الرأي