من يُحَرّك تنظيم داعش لاستهداف القوات الأميركية؟
انفجرت سيارة مفخخة يوم أمس الإثنين عند حاجز لقوات سوريا الديمقراطية أثناء مرور رتل عسكري أميركي يتبع لقوات التحالف الدولي؛ بمنطقة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، ما أسفر عن قتلى وجرحى.
وتسبب التفجير بمقتل خمسة من قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وإصابة عنصرين أمريكيين بجروح، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويعتبر هذا التفجير هو الثاني من نوعه ضد القوات الأميركية في شمال سوريا خلال أقل من أسبوع، وذلك بعد قتل أربعة أميركيين، بالإضافة إلى عشرة مدنيين وخمسة مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية، الأربعاء الماضي جرّاء تفجير انتحاري تبناه تنظيم داعش استهدف مطعمًا في مدينة منبج.
وتأتي هذه الاستهدافات بعد شهر من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره سحب قواته بالكامل من سوريا، بعدما حققت هدفها بـ إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش.
ما أسباب الاعتداءات المتكررة..
الخبير العسكري والاستراتيجي؛ العقيد عبد الله الأسعد، قال في حديث لـ “راديو روزنة” أن هذه التفجيرات يقف وراءها دول بعينها؛ تريد في هذا التوقيت وفق رأيه بأن تبعث بإشارات للولايات المتحدة، وإلى قيادة القوات الأميركية في منطقة شرق الفرات بأن تنظيم داعش لا يزال موجودا وقوته موجودة.
واعتبر الأسعد أن هذا التفجير قد يكون مُدبّراً من قبل القوات الكردية؛ وذلك من أجل أن تضع الولايات المتحدة في حسبانها أن الانسحاب في هذا التوقيت ليس مناسبا، فضلا عن أن “قسد” شعرت بأن الجانب الأميركي تخلى عنها.
ولفت الخبير العسكري في الوقت ذاته بأن من يشار إليهم بأصابع الاتهام؛ هم إيران وكذلك النظام السوري أيضاً؛ فالقرار الأميركي المفاجىء سيلحقه تبعات كبيرة جدا لم يكن متفق عليها؛ وفق تعبيره، مضيفاً بأن الانسحاب لم يكن بعد اتفاقات وتفاهمات أو مكاسب حصدها الأميركي، وإنما كان مفاجئا ومربكا.
وأضاف: “كل هذه الأمور تدفع للقول بأن هذا التفجير؛ قامت به أطراف لا تريد الآن أن تنسحب أميركا ريثما تكون هي طرفا في المعادلة”.
وتابع بالقول: ” عندما تم إعلان قرار الانسحاب من قبل ترامب؛ فقد أوعزت روسيا لقوات النمر (سهيل الحسن) وقوات النظام؛ بالتوجه لمنبج، من أجل أن تبدأ روسيا بمقايضة الجانب التركي على موضوع منبج؛ الذي أصبح رقماً صعباً ضمن ملفات المنطقة”.
وأشار الأسعد منوهاً إلى أن عناصر تنظيم داعش المتواجدين في شرق الفرات ويتم ملاحقته في دير الزور والميادين والبوكمال وصولا للحدود العراقية، هم من الذين تم ترحيلهم بواسطة حزب الله اللبناني والنظام السوري من منطقة عرسال والحدود اللبنانية-السورية إلى الشرق السوري؛ في آب 2017.
واعتبر أن هذه القوة التي تتبع لتنظيم داعش، هي تعمل بأوامر من النظام وإيران وتقوم بتنفيذ أعمالها في المنطقة الشرقية، مضيفاً: “عندما يتبنى تنظيم داعش بأنه هو من قام بهذا التفجير، فهو يقوم بزعزعة الاستقرار في المنطقة”.
بينما اعتبر المحلل السياسي؛ د.زكريا ملاحفجي في حديثه لـ”روزنة” أن المستفيد من هذه العمليات يكمن في الفاعل الحقيقي؛ معتقداً أن القوات الكردية في المنطقة هي المستفيد الأول من وراء هذه التفجيرات، وعزى ذلك بالانسحاب الأميركي في حال حصوله فإن ذلك يعني بداية النهاية لـ “ظاهرتهم” في المنطقة.
وتابع: “أما تبني داعش فهي الشركة التي تنفذ حيث يرغب المستثمر، وكثير من العمليات السابقة كانت” pyd” وراءها لكن المخرج داعش، أما التركي فبقاء الأميركي مع دعم “pyd ” هو غير مستفيد، ربما يفيده وجود الأميركي لوقف التغول الروسي لكن بدون الاعتماد على “pyd” وهذه نقطة الخلاف”.
بينما رأى ملاحفجي أن الجانب الإيراني يفيده انسحاب القوات الأميركية من سوريا، مما يعني استبعاد إمكانية وقوفهم وراء هذه التفجيرات والاستهداف المقصود للقوات الأميركية.
مضيفاً: “وجود الأميركي في المنطقة بظل تصاعد العقوبات الأمريكية على إيران، وسعي الامريكان لتقليم أظافر إيران في المنطقة، فالإيراني يفيده خروج الأميركي، ولا ننسى خط الطاقة الذي سعى الروسي لتخريبه بسوريا، ووجود الأمريكي يعني عدم قدرة الروسي على إنجاح مشروعهم بسوريا”.
ما تأثير الاعتداءات على الانسحاب الأميركي..
مجلة “واشنطن اكسماينر” كانت قد أشارت في تقرير لها؛ الأسبوع الفائت، بأن السيناتور الجمهوري مايكل ماكول من لجنة الشؤون الدولية بمجلس الشيوخ الأميركي، دعا ترامب إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وضمان عدم سحب الجيش الأميركي من سوريا، إلا بعد القضاء الكامل على “داعش”.
وحول هذا الشأن اعتبر الباحث السياسي؛ بسام بربندي في حديث لـ “راديو روزنة”، أن قرار الانسحاب الأميركي من سوريا متعلق بالسياسة الداخلية الأمريكية، وكذلك متعلق بالبرنامج الانتخابي للرئيس ترامب، والذي لا يهتم كثيرا بتفاصيل السياسة الخارجية إلا بقدر أن تحقق مصالحه أمام ناخبيه؛ وفق رأي بربندي.
وتابع: “بالنسبة (لترامب) فإن سحب التواجد الأميركي في سوريا سهل؛ لأن عدد القوات صغير نسبياً، مقارنة بالتواجد الأميركي في مناطق أخرى من العالم، ويمكن أن يتم بسرعة بحيث يقول لناخبيه أنه ينفذ وعوده الإنتخابية، بغض النظر عن الضرر الذي سيلحق بالأهداف الأميركية بالمنطقة مجملا، وعلى ضوء ذلك لا أتوقع تغييراً جوهرياً بوتيرة الانسحاب المقررة خلال شهور معدودة”.
من جانبه أشار الخبير العسكري؛ العقيد عبد الله الأسعد إلى أنه بعد ضغوط من قبل مسؤولين في الإدارة الأميركية على ترامب بشأن الانسحاب وتأثيره على واشنطن، ما كان شأنه بأن دفع ترامب للتريث وتمديد فترة الانسحاب، ليلحق ذلك الإعلان بأن قواعد أميركية ستبقى في سوريا مثل قاعدة التنف.
ونوه الأسعد في حديثه لـ “روزنة”معتقداً بأن قواعد أميركية كبرى ستبقى في المنطقة ولن تنسحب بشكل كامل، مرجحاً بإمكانية بقاء جزء من القوات أو حتى أن يتم استبدالهم بقوات أخرى.
وتابع حول هذا الشأن: “هذه القواعد تضمن تحقيق وجودا أميركيا مترابطا في سوريا والعراق، لذلك لن تتخلى واشنطن عن هذا الوجود؛ وإنما فقط ممكن تسحب بعض القواعد، فضلاً عن أن الولايات المتحدة لن تسمح لروسيا أو إيران أو حتى النظام السوري بالتمدد في تلك المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار بضمان حماية حليفهم الكردي في شرق الفرات”.
المصدر: rozana