موسكو تعلن تمديد هدنة حلب… و«الائتلاف» يحذر من التهجير
أعلنت موسكو أمس تمديد هدنة حلب إلى مساء اليوم لإعطاء فرصة للأمم المتحدة لبدء إخراج مدنيين وجرحى من الأحياء الشرقية بعد تبادل القصف بين القوات النظامية وفصائل معارضة صباح أمس، في وقت شكك «الائتلاف الوطني السوري» المعارضة في خطة الأمم المتحدة وتفريغ المدينة من سكانها كما حصل في مناطق أخرى.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أامس تمديد الهدنة 24 ساعة إلى مساء اليوم بدلاً من الموعد السابق لانتهائها مساء أمس، مشيرة إلى التزام القوات النظامية ذلك.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال في ختام قمة روسية – فرنسية – ألمانية في برلين مساء الأربعاء إن بلاده مستعدة «لتمديد وقف ضرباتها الجوية (…) قدر الإمكان» على حلب حيث دخلت الهدنة الإنسانية التي أعلنت عنها موسكو حيز التنفيذ.
وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي نقل وقائعه التلفزيون الروسي: «أبدينا رغبتنا في تمديد وقف غاراتنا الجوية قدر الإمكان وتبعاً للوضع الفعلي على الأرض».
وأدلى بوتين بتصريحه في ختام قمة جمعته بنظيره الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اللذين أكدا في أعقابها في مؤتمر صحافي منفصل استعدادهما لفرض عقوبات على موسكو بسبب استهدافها المدنيين في شرق حلب.
ولم يوضح الرئيس الروسي مدة التمديد التي يتحدث عنها في حلب حيث دخلت الهدنة الإسانية حيز التنفيذ عند الساعة الثامنة صباحاً، والهدف وفق موسكو إجلاء مدنيين ومقاتلين راغبين في مغادرة أحياء المدينة الشرقية.
وأعلن الجيش النظامي السوري مساء الأربعاء أن الهدنة الإنسانية في الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في حلب ستطبق على مدى ثلاثة أيام لثماني ساعات يومياً.
وكان الموفد الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا صرح أن هذه الهدنة «كافية» لإخراج مئتي جريح فقط.
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند: «نحن نخرج من هذا اللقاء ولدينا انطباع بأنه يمكن تمديد الهدنة، ولكن يعود للنظام السوري ولروسيا أن يبرهنا عن ذلك».
وكانت المحادثات بين القادة الثلاثة صريحة. وذهب الرئيس الفرنسي إلى حد وصف الضربات الجوية الروسية السورية على الأحياء الشرقية من حلب بـ «جرائم حرب» بينما دانت المستشارة الألمانية طابعها «اللاإنساني».
وتحدثت ميركل عن حوار «واضح وصعب» مع بوتين، بينما أشار هولاند إلى حديث «مباشر». وصرح الرئيس الفرنسي «قلنا أشياء كثيرة».
ودخلت الهدنة الإنسانية التي أعلنت عنها روسيا في مدينة حلب حيز التنفيذ عند الساعة الثامنة (05.00 ت غ) من الخميس بهدف إجلاء مدنيين ومقاتلين راغبين في مغادرة أحياء المدينة الشرقية، وفق موسكو.
وبدأ الجيش السوري في 22 الشهر الماضي هجوماً للسيطرة على الأحياء الشرقية في حلب، ونجح في إحراز بعض التقدم بدعم جوي روسي كثيف. وأوقع القصف الروسي والسوري مئات القتلى وألحق دماراً كبيراً لم تسلم منه المستشفيات.
وقال الناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ينس لايركي في بيان: «لقد أبلغت روسيا الأمم المتحدة بأنها ستلتزم هدنة مدتها 11 ساعة في اليوم، على مدى ثلاثة أيام، بدءاً من الخميس»، وذلك بعدما أعلن الجيش السوري الأربعاء أن الهدنة الإنسانية في الأحياء الشرقية في مدينة حلب ستطبق على مدى ثلاثة أيام لكن لثماني ساعات يومياً فقط.
وأوضح يان إيغلاند الذي يرأس مجموعة العمل حول المساعدة الإنسانية في سورية الخميس، أن الأمم المتحدة تأمل بأن تتمكن من إجلاء الدفعة الأولى من الجرحى من الأحياء المتمردة المحاصرة في شرق حلب، ابتداء من الجمعة.
وقال إيغلاند في جنيف: «نأمل بأن تحصل أولى عمليات الإجلاء الطبية غداً»، موضحاً أن الأمم المتحدة حصلت على موافقة روسيا والنظام السوري و «مجموعات مسلحة في المعارضة». وأضاف «نأمل بأن تجري عمليات الإجلاء الطبي الأولى غداً» الجمعة.
ويحتاج حوالى مئتي شخص جرحى أو مرضى إلى إجلائهم بسرعة من شرق حلب المنطقة الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة وتتعرض لعمليات قصف منذ الهجوم الذي شنته دمشق لاستعادة القطاع الذي يعيش فيه حوالى 275 ألف شخص وفق الأمم المتحدة.
ودخلت «الهدنة الإنسانية» التي أعلنتها موسكو حيز التنفيذ الخميس في حلب لكن لم يسلك أي من سكان الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة الممرات المحددة لإجلاء المدنيين والمقاتلين الراغبين في ذلك.
وقال إيغلاند إن الأمم المتحدة لم تتمكن من بدء عمليات إجلاء الجرحى الخميس في غياب ضوء أخضر حول الضمانات المطلوبة من كل الأطراف. وعبر عن أمل الأمم المتحدة بأن تستمر الهدنة فترة أطول ليتم نقل المساعدة الإنسانية إلى شرق حلب. وقال: «نأمل بأن نتمكن من نقل (…) مواد غذائية ومعدات إنسانية».
ودارت اشتباكات يرافقها قصف مدفعي متبادل عند معبر بين شطري مدينة حلب السورية مشمول بالهدنة الروسية، بعد وقت قصير من دخول هذه الهدنة حيز التنفيذ، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.
وحددت موسكو ثمانية معابر لخروج المدنيين والمقاتلين من الأحياء الشرقية المحاصرة من قوات النظام السوري والواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في حلب. والمعبر الذي يشهد اشتباكات هو معبر بستان القصر (من الجهة الشرقية) – مشارقة (من الجهة الغربية)، وقالت موسكو إنه مخصص لخروج المقاتلين ومن يرغب من المدنيين. ويطلق عليه أيضاً اسم سوق الهال.
وأفاد المراسل الموجود في الجهة الشرقية من معبر بستان القصر عن اشتباكات وقصف مدفعي متبادل. وأكد مصور لفرانس برس من الجهة الغربية للمعبر سماع طلقات نارية وسقوط خمس قذائف على المعبر.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ذكرت أن «التنظيمات الإرهابية تستهدف معبر بستان القصر بقذيفة صاروخية وطلقات رشاشة وقناصة». وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن «سقوط ثماني قذائف على حي المشارقة».
وخصص طريق الكاستيلو شمال حلب أيضاً للمقاتلين، وفق الإعلان الروسي.
في المقابل، أوضح مسؤولون في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أن مبادرة الأمم المتحدة حول حلب «قاصرة ولا تستند إلى القرارات الدولية ذات الصلة»، مؤكدين أنها تجري في الوقت الذي يجبر نظام الأسد سكان المدن والبلدات المحيطة بالعاصمة دمشق على الهجرة نحو إدلب.
وقال أمين سر الهيئة السياسية في «الائتلاف» رياض الحسن إن «المبادرة تركز على إخراج السكان من دون ذكر إدخال المساعدات الإنسانية أو ضمان حمايتها من فرق الأمم المتحدة»، لافتاً إلى أن «المبادرة إضافة إلى الاجتماعات التي جرت في جنيف تتجاهل تماماً القضية الأساسية المسببة للأزمة في حلب، وهي استمرار نظام الأسد وروسيا بارتكاب جرائم الحرب بحق المدنيين، واستهداف المستشفيات والمراكز الحيوية، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ذات الأثر العشوائي وسط المدنيين».
المصدر: الحياة