موسكو لاستئناف أعمال اللجنة الدستورية السورية
أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جولة محادثات مع المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن ركزت على ملفات التسوية السورية والتحضيرات الجارية لعقد جولة جديدة من المفاوضات في إطار اللجنة الدستورية السورية.
ووصف معلقون روس زيارة بيدرسن الخامسة إلى العاصمة الروسية منذ تولي مهامه، بأنها تدخل في إطار المشاورات التي يجريها المبعوث الدولي للإعلان عن موعد جديد لانعقاد اللجنة الدستورية بعدما كانت موسكو عولت في وقت سابق على انعقادها خلال الشهر الماضي.
واستهل لافروف اللقاء الذي جرى أول من أمس، بالتأكيد على أنه «رغم الصعوبات الموضوعية، وفي مقدمها وباء الفيروس التاجي، فإن عملية التسوية السورية تمضي قدماً». وزاد أن الوضع في جزء كبير من الأراضي السورية «استقر بشكل ملحوظ»، لكنه لفت في الوقت ذاته إلى أن «الحرب ضد الإرهابيين لا تزال تكتسب أهمية كبرى نظراً لاستمرار وجود بؤر إرهابية على أراضي الجمهورية العربية السورية».
في الوقت ذاته، لفت الوزير الروسي إلى أن المهام الملحة حالياً تتمثل في «إقامة حياة سلمية في البلاد، وتقديم المساعدة الإنسانية للسكان المدنيين، وبطبيعة الحال، تهيئة الظروف لعودة اللاجئين، التي كرس لها المؤتمر الدولي الذي عقد في دمشق أخيراً».
وقال لافروف إن «احتياجات إضافية تبرز لتكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية سياسية، ونرى الخطوات التي تتخذونها لاستئناف أنشطة اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن. ونأمل أن تكون الخطط التي اتفقنا عليها مع الأطراف السورية، بما في ذلك دمشق، لا تزال قيد التنفيذ».
وفي إشارة إلى دعم موسكو الجهود التي يقوم بها بيدرسن لتحديد موعد جديد لانعقاد الدستورية، أعلن الوزير الروسي أن بلاده «تشعر بمسؤولية خاصة عن نجاح هذا العمل تحت قيادتكم. وقد تم إنشاء اللجنة الدستورية بمبادرة من الترويكا في آستانة، والتي لا تزال تعمل وتواكب عملية التسوية السورية من جميع جوانبها، المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الرقم 2254»، مذكراً بأن القرار الدولي ينص على «الاحترام غير المشروط من قبل جميع أعضاء المجتمع الدولي لسيادة الجمهورية العربية السورية وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي». وفي إشارة إلى تحركات الولايات المتحدة في منطقة شرق الفرات، زاد أن «الوجود الأجنبي المستمر في سوريا الذي لا يستوفي هذه المعايير هو جزء آخر من المشكلة التي يجب معالجتها».
وأفادت الخارجية الروسية أمس بأن بيدرسن عقد بعد لقائه مع لافروف جلسة عمل تفصيلية مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. وأوضحت، في بيان، أن الحديث تناول «تطورات الوضع في سوريا ومحيطها، مع تركيز الاهتمام على قضايا تسوية الأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2254، بما في ذلك عمل اللجنة الدستورية السورية». وأضاف أنه «جرى التأكيد على أهمية تكثيف الجهود الدولية على المساعدة في عودة اللاجئين السوريين، مع الأخذ بالاعتبار نتائج المؤتمر الدولي بهذا الشأن، الذي عقد في دمشق يومي 11 و12 نوفمبر (تشرين الثاني)».
في غضون ذلك، انتقدت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الموقف الأميركي حيال مؤتمر اللاجئين الذي انعقد أخيراً في دمشق، وقالت إنه «يعكس استمرار واشنطن في عرقلة عملية عودة اللاجئين السوريين».
وفي إيجاز صحافي أسبوعي، قالت الدبلوماسية الروسية: «نرى أن التعليقات الانتقادية للدبلوماسيين الأميركيين تتماشى مع نهج واشنطن الدائم في عرقلة عملية عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم… ونأسف لاستمرار الخارجية الأميركية في ممارسة هذه السياسة الاستعراضية المدمرة فيما يتعلق بالمؤتمر الذي عقد في دمشق».
وأشارت زاخاروفا إلى أن المؤتمر انعقد رغم معارضة الولايات المتحدة الشديدة ومقاطعة الاتحاد الأوروبي.
وكانت الخارجية الأميركية وصفت الدعم الذي تقدمه روسيا وحكومة دمشق للسوريين الذين اضطروا إلى ترك ديارهم بسبب الحرب، بأنه «سطحي»، مضيفة أن المؤتمر الدولي الخاص بعودة اللاجئين والنازحين السوريين الذي استضافته دمشق مؤخراً «مجرد مسرحية» و«لا يمثل محاولة ذات مصداقية لتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين إلى سوريا طوعاً وبشكل آمن».
وأشارت الوزارة إلى أن المؤتمر الأخير لم يحظ إلا بدعم مجموعة ضيقة من حلفاء الحكومة السورية، مضيفة أن هذا الأمر «يظهر أن العالم لا يرى في حيل كهذه إلا ما هي عليه، أي مجرد مسرحية».
واتهمت الخارجية الأميركية حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بمحاولة استغلال ملايين اللاجئين لأغراض سياسية و«السعي للادعاء بشكل باطل أن النزاع قد انتهى»، محملة حكومة دمشق «المسؤولية عن مقتل أكثر من نصف مليون سوري ومنع الملايين الآخرين من الوصول إلى المساعدات، بالإضافة إلى قصف العديد من المستشفيات».
وشددت الوزارة على أن الولايات المتحدة لا تزال «أكبر مانح إنساني في النزاع السوري»، مشيرة إلى أن واشنطن قدمت خلال العام الأخير مساعدات إنسانية بقيمة نحو 1.6 مليار دولار لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات المستضيفة لهم.
المصدر: الشرق الاوسط