
ناشطات سوريات: نساء بلادنا بين مطرقة الحرب وسندان العادات وصراع البقاء
تستمر الانتهاكات بحق السوريات برغم التنديد الدولي الواسع، فلا عين رأت ولا أذن سمعت خاصة في ظل تواصل سياسة الإفلات من العقاب وغياب دولة القانون.. تجاوزات خطيرة عاشتها السوريات وسط القمع واللامبالاة.
وبرغم النزوح واللجوء والقهر والجوع تمسكت المرأة السورية بمطالبها في العيش ضمن مجتمع ترفرف عليه راية دولة حرة ديمقراطية تضمن الحق في الاختلاف والعيش بكرامة.
ظلت المرأة السورية حبيسة بين تداعيات رحى حرب مدمّرة ومسؤولية إعالة أسرتها وتوفير الأساسيات في ظل فقدان الزوج أو غيابه، فهي أمام مسؤولية لم تعهدها من قبل في ظلّ الصعوبات الحياتية، كابدت من أجل وضع أفضل وتمسكت بكل خيط أمل في سورية جديدة.
وترى الناشطة الحقوقية، الدكتورة ريما حربات، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ تقييم واقع النساء يتحدث عن نفسه، حيث إنّ المعاناة لا زالت مستمرة على جميع الأصعدة، بل تفاقمت بشكل كبير مع تدهور الوضع الاقتصادي وتحول سورية إلى دولة كبتاغون ، فضلا ازدياد تضخم الليرة السورية والغلاء الفاحش الذي يترتب عليه مزيد من التحديات لتأمين موارد لاستمرار الحياة ، خاصة أن المجتمع السوري بعد الحرب ومع ما يقارب المليون بين شهيد ومفقود، إضافة إلى هجرة الشباب والرجال عموما، أرخى بأثقاله على كتف النساء من الناحية الاقتصادية وهذا ينعكس على بنية العلاقات الاجتماعية التي تزداد سوءً بسبب ضغط قوانين العرف المتخلفة مع غياب دولة القانون، أمّا عن الحياة السياسية فهي بالأصل لم تكن موجودة في واقع تأثير النفس العسكري الديكتاتوري.
وتابعت: لم تتلقَّ النساء السوريات الدعم الكافي للأسباب آنفة الذكر ما أدى إلى فقر بالحياة المدنية ، وعدم وجود تأثير فعلي لمؤسسات المجتمع المدني التي تعتبر منبرا حقيقيا لنقل المعاناة وللضغط من أجل الحصول على انجازات عملية على أرض الواقع تدعم المرأة وتصون مختلف حقوقها، لذلك، ومن وجهة نظري تحتاج هذه المؤسسات إلى كوادر مدربة مختصة لنقل هذه المعاناة، وإلى دعم حقيقي وإدارة نزيهة وشفافة.
وختمت بالقول: البنية الداخلية لمنظومة المجتمع المدني النسوي بحاجة إلى عمل فعال، إضافة إلى عدم جدية المنظمات الدولية بدعم القضية السورية عموما والنساء السوريات خصوصا.
من جانبها وجهت مفيدة الخطيب، الناشطة النسوية في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان ، تحية نضالية للسوريات اللواتي يكابدن كل الظروف الصعبة للدفاع عن حقوقهن وافتكاكها من الأنظمة الاستبدادية، مشيرة إلى معاناة السوريات حيث يصعب تقييم وضعهن في ظل الظروف الراهنة المتأرجحة بين الصراع وماخلفه الزلزال المدمر.
ولفتت إلى أن النظام السوري سعى سنوات إلى تهميش دور النساء وتغييبهن واستبعادهن من الحياة العامة والسياسة حيث إن مايكابدنه الآن هو نتيجة حتمية لسنوات المر برغم نضالاتهن وكسر حاجز الخوف من أجل تحسين أوضاعهن، مشددة على أن الماضي السوري يشهد بتهميش النساء وبسياسة استغلالهن لصالح السلطة ووضعهن شكليا فقط سواء في الحكومة أو ما يسمى الاتحاد النسائي.
وتطرقت إلى الأوضاع الصعبة التي دفعت السوريات ثمنها بين الجوع والقهر والنزوح واللجوء، حيث يكافحن أيضا في المهجر وضعا صعبا برغم أنهن يعتبرن أفضل حالا من نساء الداخل.
وأفادت محدثتنا بأن الحركة النسوية لم تستطع القيام بدورها الحقيقي في ظل هذه الظروف حيث تكبل السلطة وحتى المعارضة دور المرأة وتضع حواجز أمام مساعيها للتحرر والتطور،إذ استُغلت النساء من قبل المعارضة والنظام وحتى من قبل الحركة النسوية حيث استفادت بعض الشخصيات فقط من المنظمات في عملية التمويل.. ومن هنا فإن النهوض بواقع النساء يكون برحيل كل من تاجر بهن ومن حول سورية إلى ميدان للصراع.
وعبرت عن ثقتها في السوريات للنهوض مجددا وبناء سورية الديمقراطية الحرة.
بدروها، عنونت الناشطة في مجال حقوق الإنسان، راقية الشاعر ، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، واقع المرأة السورية:” نساء بين مطرقة الحرب والدمار وسندان العادات والتقاليد والعرف الاجتماعي”، وقالت: لا أبالغ حين أؤكد أن المرأة في سورية قد دفعت فاتورة الحرب أضعاف مادفع أي شخص آخر ، فهي الأم التي فقدت أبناءها بين شهيد ومهجر ومخطوف ومفقود، وهي الزوجة التي فقدت زوجها ومعيل أسرتها، والابنة التي فقدت والدها ما دفعها إلى أن تتقمص دور الأب والأخ والزوج، إضافة إلى تقديمها تضحيات جسيمة في واقع حرب دمرت البشر والشجر والحجر، وكانت عرضة للاعتقال والسبي والاغتصاب والنفي والتهجير والمساومة ولكل أشكال العنف سواء من النظام الحاكم أو من الطرف الآخر، وظلت المراة السورية في هذه الظروف تقاتل وتقاوم وحدها وعلى كافة الجبهات ، فلا جهات حكومية تحميها ولا منظمات مدنية تنصفها.
وتحدثت عن عودة زواج القاصرات بشكل واضح وارتفاع نسبة جرائم الشرف وحرمان المرأة من حقها بالميراث وهي مظاهر تتعمق مع الأزمات في أوقات الصراع.
وختمت بالقول: واقع الحرب المأساوي فرض واقعا اقتصاديا سيئا جدا دفع المرأة إلى القبول بأي عمل مقابل أجور زهيدة جدا لإعالة أسرتها التي غالبا مايكون فيها رب الأسرة متغيبا إما مهاجرا أو مفقودا أو مقتولا أو مخطوفا، ولازالت المرأة السورية ثابتة وقوية ومصدرا للأمل، ويمكن القول إنها هي من كان صمام الأمان لأسرتها ووطنها في هذه الظروف التي لا أعتقد أن أي بلد بالعالم تعرض لمثلها أو حتى لجزء بسيط منها.