نموذج لأحد ضحايا الحرب السورية.. سيدة أربعينية تعول أسرة من ذوي الاحتياجات الخاصة وسط ظروف إنسانية كارثية
في قبو أرضي يفتقر لأدنى مقومات الحياة، تعيش السيدة (أ.ح) مع أسرة مكونة من 4 أفراد جميعهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، لا يجد الفرح سبيلاً للوصول إليها، فهي دائمة الحزن مشغولة الفكر، تحاول أن تؤمن ما قدر لها من مستلزمات المعيشة لأولادها المعاقين، بعد أن باتت تلعب دور الأم والأب بعد اعتقال زوجها من قبل قوات النظام منذ عام 2012. تعيش السيدة (أ.ح) ظروفا قاسية، فهي تعاني من الفقر الشديد وعدم توفر معظم مستلزمات الحياة.
وضمن محاولات توثيق أوضاع المدنيين السوريين التي نتجت عن الأزمة، حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على شهادة (أ.ح)، التي قالت فيها: “عمري 47 عاماً، من مدينة إدلب، تم اعتقال زوجي منذ عام 2012 على أحد الحواجز الأمنية في ريف إدلب، ومنذ ذلك الحين لا نعرف عنه أي شيء، حتى أنني أصبحت أعده في عداد الموتى. بعد اعتقاله تحولت حياتي تحولا كبيرا، حيث أصبحت أتحمل مسؤوليات كبيرة وفوق طاقتي، وعلى الرغم من حالتنا المادية الضعيفة حتى قبل اعتقاله، لكنه كان أحياناً يتدبر أمور الأسرة ويعمل في مجالات مختلفة لكسب قوت يومه وأسرته، أما أنا فلا يمكنني فعل أي شيء حيال الوضع المعيشي الصعب الذي نعيشه الآن، سوى مناشدتي لبعض المتبرعين والمنظمات الإنسانية والمجالس المحلية لتأمين بعض المواد اللازمة لأسرتي المكونة من 4 أفراد، جميعهم من ذوي الاحتياجات الخاصة”.
وتابعت (أ.ح)، في شهادتها لـ”المرصد السوري”: “منذ ولادتهم يعانون من أمراض مختلفة، فالابن الأكبر يعاني من شلل رباعي كامل ولا يستطيع الحركة، أقوم أنا بمساعدته في كل حركة يقوم بها، حتى لقضاء حاجته واستحمامه وطعامه ولباسه. أما الثاني وأخته الثالثة يعانيان من ضمور في الدماغ كامل، وحركتهم ضعيفة جداً، ويعانيان أيضاً من مرض التبول اللاإرادي، ويحتاجان الكثير من المصاريف لشراء الفوط الصحية. أما أختهم الرابعة، فتعاني شللا في قدميها و ضمور في الدماغ أيضاً، إضافة للتبول اللاإرادي. أعيش بينهم حالة صعبة جداً، فأنا من يتوجب عليه تأمين قوت يومهم ورعايتهم والقيام على خدمتهم، ومساعدتهم في جميع تفاصيل حياتهم اليومية ونقلهم من مكان لآخر”.
وأضافت السيدة الأربعينية: “أعيش في قبو أرضي صغيرة، يخلو من جميع مقومات الحياة، فهو عبارة عن غرفة واحدة، إضافة لمطبخ وحمام صغيرة، وهو قبو قديم جداً، ويصبح الجو فيه، في فصل الشتاء بارد جداً، ويفتقر أيضاً للأثاث، ناشدت الكثير من المنظمات وذهب لمكاتبها ومقراتها في عدة مناطق، في محاولة لتأمين علاج لهم، أو تأمين كفالة مالية لهم حتى أستطيع تأمين مستلزماتهم الشخصية، فلم أعد قادرة على تحمل المزيد من الأعباء، أعيش على ما يتفضل به على بعض المتبرعين بمبالغ صغيرة جداً وعلى فترات متباعدة، إضافة لما احصل عليه من هذه المنظمات المنتشرة بكثرة في مدينة إدلب، بعد عناء طويل وبحث ومناشدات، ولا أدري إلى متى سوف استمر على هذه الحال”.
وتابعت، في شهادتها لـ”المرصد السوري”: “أحتاج للكثير من المستلزمات والأشياء الضرورية، ترميم القبو الذين نسكن فيه وإصلاح الأبواب، وتزويده بالأثاث، إضافة لتزويدنا بمواد تدفئة مع حلول فصل الشتاء، ومياه للشرب، كما يحتاج أولادي جميعهم للعلاج الفيزيائي، ومنحهم كفالات مالية لسد احتياجاتهم، حيث أقوم بشراء فوط صحية بسعر مرتفع يبلغ 5 آلاف ليرة سورية للطرد الواحد 5 كغ. ونحتاج أيضاً مواد غذائية بشكل شهري، وآمل أيضاً أن يتم توفير فرصة عمل لي في مجال الأعمال النسوية، مثل الخياطة أو بيع الألبسة، لأتمكن من توفير قوت أسرتي بنفسي دون مساعدة أحد، فلا كلام يصف ما أعاني منه معهم، دون مساعدة أحد، حتى أن أهل زوجي تخلو عني وعن أولادي، بقي منهم شقيق زوجي الوحيد الذي كان يساعدنا بشكل دائم، ولكنه توفي في بداية العام الجاري 2019، وأخيراً آمل أن يتم إيجاد علاج لأولادي يجعلهم يتحسنون ولو بشكل جزئي”.