هجوم دمشق للاستعادة حلب كاملة يسقط اتفاق الهدنة نهائيا
شنت طائرات حربية ضربات جوية مكثفة على الأحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في حلب الجمعة بعد أن أعلن الجيش السوري المدعوم من روسيا عن هجوم للسيطرة الكاملة على أكبر مدن سوريا، الأمر الذي بدد أي أمل في إنعاش وقف لإطلاق النار.
وقال سكان إن الشوارع كانت خالية إذ لا يزال 250 ألف شخص في القطاع المحاصر الخاضع لسيطرة المعارضة في حلب يحاولون الاحتماء من الضربات الجوية.
ووصف مصدر عسكري الهجوم حلب بأنه “عملية كاملة” تشمل هجوما بريا. وقال إن الهجمات الجوية والمدفعية التحضيرية قد تستمر “لفترة من الزمن”.
وذكر معارضون والمرصد السوري لحقوق الإنسان أن الغارات من تنفيذ طائرات متطورة قالوا إنها لا بد وأن تكون طائرات روسية. وتحدث سكان أيضا عن هجمات بطائرات هليكوبتر تستخدم براميل متفجرة وهو أسلوب عادة ما ينسب للجيش السوري.
وقال محمد أبو رجب وهو خبير أشعة “هل يمكنك سماعها؟ الصواريخ تصيب الحي الآن. يمكننا سماع الطائرات الآن.. الطائرات لا تغادر السماء.. طائرات هليكوبتر وبراميل متفجرة وطائرات حربية”.
ولم يترك القصف المكثف مجالا للشك في أن الحكومة السورية وحليفتها روسيا تجاهلتا مناشدة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري لوقف الطلعات الجوية من أجل إحياء وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعا قبل أن ينهار يوم الاثنين.
وقال قيادي بالمعارضة إن هذه أعنف انفجارات شهدتها المدينة.
وأضاف في تسجيل صوتي أرسله لرويترز أنه استيقظ على “زلزال” قوي رغم أنه كان بعيدا عن موقع سقوط الصاروخ. وقال إن “شهداء” من جماعته تحت الأنقاض في ثلاثة مواقع.
وفي وقت متأخر مساء أمس الخميس أعلن الجيش السوري في بيان بدء عملياته في أحياء شرق حلب ودعا الناس إلى الابتعاد عن مقار ومواقع “العصابات الإرهابية المسلحة”.
وقال المصدر العسكري اليوم الجمعة “العملية بدأت لكن العملية قد تستمر بالنسبة للضربات الجوية والضربات الأرضية فترة من الزمن (وهذا) مرتبط بالموقف الميداني وبخسائر الإرهابيين وبمعطيات أخرى يقدرها القادة الميدانيون”.
وأضاف “لكن مثل أي عملية عسكرية تبدأ بتمهيد جوي ومدفعي ومن ثم القوات البرية تعمل وفق نتائج الضربات وتأثيرها”.
ولم يرد تعليق من الجيشين الروسي أو السوري بشأن الضربات الجوية الجمعة.
وتزامن إعلان الجيش السوري عن الهجوم مع اجتماعات دولية بشأن سوريا في نيويورك في أحدث جهود دبلوماسية رامية إلى إحياء الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة وروسيا.
وكان انهيار الهدنة هو نفس مصير جميع الجهود السابقة لإنهاء الحرب المستمرة من خمسة أعوام ونصف العام والتي قتل فيها مئات الآلاف من السوريين. وقد يكون انهيار الهدنة آخر محاولة لتحقيق انفراجة في مساعي السلام قبل أن يترك الرئيس الأميركي باراك أوباما منصبه.
“إبادة”
شددت الحكومة السورية المدعومة بالقوة الجوية الروسية والفصائل الشيعية المدعومة من إيران قبضتها على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب هذا العام وحققت هذا الصيف هدفا طال انتظاره وهو تطويق المنطقة بالكامل.
وتسيطر الحكومة بالفعل على النصف الغربي للمدينة حيث فر عدد أقل من الناس. وقبل الحرب كان يقطن المدينة نحو ثلاثة ملايين نسمة وكانت المركز الاقتصادي لسوريا.
وستمثل استعادة السيطرة الكاملة على حلب أهم انتصار في الحرب حتى الآن للرئيس السوري بشار الأسد الذي سعى إلى تشديد قبضته على المدن الغربية حيث كانت تعيش الغالبية العظمى من السوريين قبل أن يدفع القتال نصف سكان البلاد إلى ترك ديارهم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 40 ضربة جوية على الأقل نفذت منذ منتصف الليل.
وقال عمار السلمو مدير الدفاع المدني في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شرق حلب إن قصفا عنيفا لهذه المناطق أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصا وتدمير 40 مبنى على الأقل منذ صباح الجمعة.
وأكد السلمو أن ثلاثة مراكز من أصل أربعة في حلب تعرضت للقصف. وقال إن ما يحدث الآن “إبادة” وإن القصف أعنف الجمعة، وشارك فيه عدد أكبر من الطائرات.
واستهدفت طائرات حربية مناطق المعارضة بحلب في ثاني أيام القصف العنيف بعدما أعلن الجيش السوري عن بدء عملية للسيطرة على كامل المدينة.
ويمثل الاتفاق الأميركي الروسي ثاني محاولة للجانبين هذا العام لإنهاء الحرب.
وكان يفترض أن يحقق الاتفاق وقف إطلاق النار في عموم البلاد ويحسن إيصال المساعدات الإنسانية ويشمل تعاونا أميركيا روسيا ضد الجماعات المتشددة بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا قبل إعلان انفصالها عن التنظيم.
اجتماع مطول وشاق ومخيب للآمال
لكن وقف إطلاق النار انهار وتجدد القصف يوم الاثنين وشمل قصف قافلة مساعدات ألقت فيه واشنطن باللوم على موسكو التي نفت مسؤوليتها.
ويبقى الأسد على تحديه إذ قال الخميس إنه يتوقع أن يمتد الصراع ما دام جزءا من صراع عالمي تقاتله فيه جماعات مدعومة من السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة.
وفي الأمم المتحدة أخفقت الولايات المتحدة وروسيا أمس الخميس في التوصل لاتفاق لإحياء وقف إطلاق النار خلال ما وصفه ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا بأنه اجتماع “مطول وشاق ومخيب للآمال”.
واجتمعت المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم موسكو وواشنطن وقوى كبرى أخرى على هامش الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال كيري “تبادلنا الأفكار مع الروس ونعتزم التشاور غدا بشأن تلك الأفكار” وعبر عن قلقه من التقارير التي تحدثت عن هجوم سوري جديد مزمع. وقال “أنا أقل عزما اليوم عما كنت بالأمس بل أكثر شعورا بخيبة الأمل”.
ودعمت دول غربية دعوة كيري لوقف تحليق الطائرات من أجل تهيئة الظروف للهدنة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو إن رد فعل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على مقترح منع الطائرات الحربية من التحليق “غير مرض”.
المصدر : ميدل ايست اونلاين