واشنطن تهدد وروسيا مستمرة

32

التوتر الاميركي – الروسي حافظ على وتيرته العالية واستمرت واشنطن بإرسال تهديدات عبر اعتماد الخيار العسكري ووقف الهدنة لكن ذلك لم يمنع الروس من مواصلة التأكيد على دعم النظام السوري وقد اعلنت روسيا عبر صحيفة ازفستيا الروسية عن تعزيز القاعدة الجوية في سوريا ليكشف مدى التصعيد بين الدولتين والاصرار الروسي على الحسم العسكري في حلب.
وذكرت صحيفة إزفستيا الروسية أن موسكو عززت قاعدتها الجوية في سوريا بعدد من قاذفات القنابل وتستعد لإرسال طائرات هجوم أرضي إلى هناك في الوقت الذي تكثف فيه دعمها للقوات الحكومية السورية بعد انهيار خطة لوقف إطلاق النار.
ونقلت صحيفة إزفستيا عن مسؤول عسكري روسي قوله إن عددا من المقاتلات من طراز (سوخوي-24) و(سوخوي-34) وصلت إلى قاعدة حميميم الجوية. وقال المسؤول «إذا دعت الحاجة ستعزز القوة الجوية خلال ما بين يومين وثلاثة أيام».
وأضاف «طائرات الهجوم الأرضي سوخوي-25 المقرر أن تتجه إلى حميميم اختيرت من وحداتها وأطقمها في حالة الاستعداد بانتظار أوامر القادة».
ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على الفور على طلب من رويترز للتعليق.

ـ تقدم للجيش السوري ـ

الى ذلك تواصلت المعارك العنيفة في حلب وريف حماه.
وأكدت مصادر إعلامية مقتل 16 مدنيا على الأقل وإصابة 60 آخرين بقصف المسلحين الأحياء السكنية شمالي مدينة حلب.
وقالت المصادر إن المسلحين قصفوا أحياء سليمان الحلبي والميدان والفيلات السكنية شمالي المدينة، فيما تدور اشتباكات عنيفة بين وحدات الجيش السوري والمسلحين وسط قصف جوي ومدفعي.
وقال مصدر عسكري  سوري: «اشتبكت وحدات من الجيش مع مجموعات إرهابية في منطقة سليمان الحلبي وتمكنت من استعادة عدد من كتل الأبنية من ضمنها نادي حلب وبناء الكهرباء والمرآب». وأضاف المصدر: «الطيران الحربي نفذ طلعات جوية على خطوط إمداد وتحرك التنظيمات الإرهابية في الريف الشمالي أسفرت عن تدمير عدد من العربات المدرعة والآليات المزودة برشاشات وإيقاع قتلى بين صفوفهم في معارة الأرتيق وكفر حمرا وعندان».
وذكرت الوكالة أن وحدات من الجيش بالتعاون مع القوات الرديفة قضت على مجموعات مسلحة تسللت إلى نقاط في مخيم حندرات ووسعت نطاق سيطرتها باتجاه مشفى الكندي إلى الشرق من المخيم في ريف حلب الشمالي.
على صعيد آخر وسع الجيش السوري نطاق سيطرته في الاحياء الشرقية في حلب والقى منشورات تضمنت توجيهات للاهالي عن الطرقات التي يمكن ان يسلكوها لمغادرة الاحياء الشرقية لان قرار الدخول اتخذته القيادة العسكري كما القيت مناشير فوق بلد خان شيخون دعت المسلحين للاستسلام.
وفي ريف دمشق استهدف الجيش تحركات المسلحين في بلدة الهامة شمال غرب العاصمة دمشق، كما استهدفهم في غوطة دمشق الغربية وفي عربين وكفر بطنا في الغوطة الشرقية.
وفي حماة أحبط الجيش السوري هجوما لمسلحي «جبهة النصرة» على بلدة طيبة الاسم في ريف المحافظة الشمالي الشرقي.
وذكرت «سانا» أن غارات الطيران الحربي طالت محاور تحرك المجموعات المسلحة التابعة لـ «جيش الفتح» في قرى وبلدات عطشان وسكيك والشعثة والطليسية والكبارية وكوكب ووادي العذيب وصوران وشمال معان ومحيط كراح شمال مدينة حماه.
وأضافت أن الغارات أسفرت عن تدمير عدد من الدبابات وعشرات الآليات، إضافة إلى سقوط العديد من القتلى والمصابين غالبيتهم من تنظيم «جبهة النصرة».
من جهة أخرى استهدفت وحدة من الجيش السوري تحركات لمسلحي تنظيم «داعش» في قريتي برد والقصر في ريف السويداء.
وذكر مصدر عسكري أن وحدات من الجيش «وجهت ضربات مكثفة على تجمعات لإرهابيي «داعش» كانت تقوم بأعمال التحصين وحفر الخنادق» في القريتين.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن المعارك في شرق حلب المحاصر أسفرت عن مقتل 338 شخصا منذ 23 أيلول بينهم 106 أطفال وإصابة 846 بينهم 261 طفلا.
وقال ريك برينان مدير إدارة الطوارئ والاستجابة الإنسانية في المنظمة خلال إفادة للأمم المتحدة في جنيف «نطلب أربعة أشياء… أوقفوا القتل… أوقفوا الهجمات على الرعاية الصحية… اسمحوا بخروج المرضى والمصابين واسمحوا بدخول المساعدات».

ـ المواجهة بين واشنطن وموسكو ـ

الى ذلك، اعتبر المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر أنه «من الصعب مواصلة الاعتقاد بجدوى عملية دبلوماسية بشأن سوريا حالياً في ضوء الأحداث على الأرض»، موضحا أن «الحديث يدور في واشنطن عن الخيارات المتاحة في سوريا».
وكشف تونر في مؤتمر صحافي «أننا لسنا قريبين من تفاهم دبلوماسي مع روسيا بخصوص سوريا»، مشددا على أنه «لا يمكن تحديد سقف زمني للوصول إلى تفاهم مع روسيا بشأن سوريا»، مؤكدا أن «موقفنا لم يتغير من الانتهاكات الروسية في حلب ووزير الخارجية جون كيري يدينها».
ولم يستعبد احتمال فرض عقوبات على روسيا في حال فشل الدبلوماسية في سوريا.
في مجال آخر، تتجه الامم المتحدة الى فتح تحقيق حول الهجوم الأخير على قافلة المساعدات الانسانية على طريق الراموسة في حلب.

ـ اتصالات بين كيري ولافروف ـ

وقد أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأميركي جون كيري بأن موسكو لا تزال منفتحة على الحوار مع الولايات المتحدة بشأن جميع القضايا الرئيسة للتسوية في سوريا.
وجاء في بيان للخارجية الروسية أن الوزيرين بحثا هاتفيا إمكانية العمل معا لتطبيع الوضع في مدينة حلب السورية.
ومن اللافت أن المكالمة الهاتفية بين الوزيرين جرت على خلفية تهديدات واشنطن بتعليق تعاونها مع روسيا بشأن سوريا قريبا، بعد تصعيد الوضع الميداني في حلب السورية.
وردا على التصريحات الأخيرة لنظيرها الأميركي جون كيربي، أعربت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية عن دهشتها من إعلانه عن المكالمة الهاتفية التي جرت يوم الخميس بين كيري ولافروف.
وأوضحت الدبلوماسية الروسية في تصريحات: «طلب منا وزير الخارجية الأميركي عدم الإعلان عن هذه المكالمة. وماذا حصل بعد ساعة؟ خرج السيد كيربي إلى الصحفيين وتحدث عن هذه المكالمة».
وأكدت زاخاروفا أن هذه المكالمة، مثل الأغلبية الساحقة من المكالمات الأخرى بين الوزيرين، جرت بمبادرة الجانب الأميركي.
واضاف لافروف إن عددا متزايدا من الدلال يدفع روسيا للاعتقاد أن واشنطن خططت منذ البداية لتجنيب «النصرة» الضربة لاستخدامها لاحقا لإسقاط حكومة بشار الأسد.
وقال: «في كل مرة عندما نوجه ضربة إلى «النصرة»، يقولون لنا: إنهم أشخاص طيبون يوجدون وسط مواقع «جبهة النصرة». إنها دائرة مفرغة. ولا يمكننا محاربة الإرهابيين، طالما لم نتفق أن أولئك الذين يريدون أن يكونوا جزءا من حل النزاع ونظام وقف العنف يجب أن يغادروا مواقع النصرة». مشيرا الى ان الارهابيين كانوا يستغلون الهدنة لزيادة تسليحهم.
أكد لافروف أن روسيا لا تريد أن تكون تخدع من جديد، ولذلك يتطلب استمرار تعاونها مع واشنطن تنسيق خريطة مواقع تنظيم «جبهة النصرة» في سوريا من قبل العسكريين الروس والأميركيين.
وأضاف لافروف أن موسكو مازالت تنتظر من واشنطن رد فعل على تصريحات للهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن «معارضة الرياض»، إذ أعلنت على لسان رئيسها رياض حجاب أن «جبهة النصرة» ليست منظمة إرهابية، وأصر على أن هذا التنظيم الذي قطع علاقاته بتنظيم «القاعدة» يجب أن يصبح مشاركا محترما في العملية السياسية، قائلا: «سألت كيري أمس ما إذا كان يشاطر الهيئة هذا الموقف. وأجاب كيري بالنفي. وسألته: لماذا لا تطرحون هذا الموقف علنا؟ ومازالت أنتظر الإجابة حتى الآن».
وكشف لافروف على أنه سيجري مكالمة جديدة مع كيري بطلب من وزارة الخارجية الاميركية.
وشدد على أن الاتفاق الروسي – الأميركي ما زال ساري المفعول، معيدا إلى الأذهان أن روسيا أكدت استعدادها لتنفيذ بنود الاتفاق شريطة عدم المماطلة في الفصل بين المعارضة والإرهابيين.
وأكد الوزير أنه إذا وفت الولايات المتحدة بالتزاماتها فعلا، فإن روسيا ستصر على وقف الأعمال القتالية فورا لتشمل الهدنة الجميع باستثناء إرهابيي «النصرة» و«داعش».
واعتبر الكرملين أن أهم النتائج التي حققتها العملية العسكرية الروسية في سوريا خلال عامها الأول يكمن في الحيلولة دون سقوط دمشق بأيدي الإرهابيين.
وقال دميتري بيسكوف الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي أمس الجمعة إن تقييم مدى نجاح العملية العسكرية التي انطلقت منذ عام، شأن الخبراء العسكريين. وتابع: «لكن يمكننا أن نقول شيئا واحدا: لا يوجد «داعش» و«القاعدة» و«جبهة النصرة» اليوم في دمشق، وهو، كما يبدو، النتيجة الإيجابية الرئيسية للدعم الذي يقدمه طيراننا للقوات المسلحة السورية الشرعية».
وردا على سؤال عما إذا كان الكرملين يتوقع أن تستمر العملية بسوريا لأكثر من عام، قال بيسكوف إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، لم يعلن أبدا أي توقعات أو تقييمات بشأن مدى العملية. وذكر بأن بوتين أعلن أن الهدف الرئيس للعملية هو مساعدة السوريين والجيش السوري في محاربة الإرهابيين الذين كانوا وقت انطلاق العملية العسكرية، يسيطرون على الجزء الأكبر من أراضي سوريا.
وأكد بيسكوف أن القيادة الروسية تشكك في صحة البيانات التي يعلنها المرصد السوري لحقوق الإنسان حول الضحايا المدنيين جراء المعارك بسوريا.
وقال المسؤول ردا على سؤال حول إعلان المرصد عن مقتل ما يربو عن 3.8 آلاف شخص منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية في سوريا «إننا لا نعتبر أن المعلومات حول الأحداث في سوريا التي تصدر عن منظمة تأخذ من بريطانيا مقرا لها، تستحق الثقة».

 

المصدر : الديار