أبرز أحداث ريف حمص الشمالي خلال أيار.. تعزيزات وتحركات أمنية لقوات النظام تثير مخاوف الأهالي

54

عملت قوات النظام في محافظة حمص على تغيير مواقع الحواجز العسكرية والأمنية وتعزيز حواجز أخرى، خلال شهر أيار، وسط حالة من التوتر للأهالي الريف الحمصي المتخوفين من عمليات على المستوى الأمني أو العسكري التي قدّ تطال المنطقة في وقت لاحق.

نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان في حمص أكدوا أن مدينة تلبيسة وقرية الزعفرانة وبلدة أم شرشوح وقرية الغنطو والهاشمية التي عارضت النظام خلال أعوام الثورة التي امتدت بين عامي 2011-2018 شهدت التحرك الأبرز لمواقع تمركز حواجز الفرقة 18 والفرقة 11 وكتيبة الدفاع الجوي بالإضافة لكتيبة المهام الخاصة التابعة للحرس الجمهوري منذ مطلع شهر أيار الجاري.

وبدأت جملة التغييرات بمواقع تمركز قوات النظام في مدينة تلبيسة انطلاقاً من تحصين المفارز الأمنية (الأمن العسكري- أمن الدولة)، المتاخمة لأوتوستراد حمص-حماة الدولي، لتلحق بها عناصر قوات الفرقة 18 المتمركزة داخل المدرسة الصناعية بالحي الشمالي للمدينة، بالتوازي مع  تعزيز الفرقة 11 لموقعها داخل المدرسة الابتدائية ضمن الحي الجنوبي، ورفع سواتر ترابية، وتحصين مداخلها بالإطارات بالتزامن مع إنشاء متاريس على أسقف تلك المدارس من الجهات الأربعة.

وعقب انتهاء عملية تحصين المواقع داخل مدينة تلبيسة أرسلت قيادة الفيلق الثالث مجموعة من عناصرها المزودين بسيارات رباعية الدفع محملة برشاشات دوشكا إلى أطراف مدينة تلبيسة الشرقية الفاصلة ما بين منطقة السعن (قرية الهاشمية) والأراضي الزراعية التابعة للمدينة.

(ط.ح) أحد أهالي قرية الهاشمية أكد خلال حديثه للمرصد أن عناصر الفيلق الثالث تمركزوا داخل غرفتي مسجد القرية بالإضافة لمركز (بيت الري) المتاخم للمسجد بالتزامن مع وضع غرفتين مسبقتي الصنع على مفترق الطريق الواصل ما بين القرى ذات الغالبية الشيعية وبين مدن وقرى المكون السني بريف حمص الشمالي.

وأضاف أن عناصر الحاجز بدأوا بالعمل على مضايقة أهالي المنطقة الذين يمتهنون العمل بـ الزراعة من خلال مطالبتهم بإبراز وثائقهم الرسمية (هوية شخصية – إخراج قيد..إلخ) مقابل السماح لهم بالتوجه لجني المحاصيل الزراعية ضمن أراضيهم التي تتداخل بشكل واسع مع أراضي أهالي قرى المختارية والأشرفية والنجمة ذات الغالبية الشيعية، لافتاً إلى أن الأهالي عبروا عن استياءهم من تلك التصرفات لا سيما أن معظم الفلاحين وعمال الحصادات يخشون من ضياع بطاقاتهم الشخصية أثناء العمل بحسب وصفه.

نشطاء المرصد أشاروا بتوجه عدد من وجهاء قبيلة النعيم التي يتمركز حاجز الفيلق الثالث على أطرافها مناطقها للقاء الضابط المسؤول، والذي تعهد بعدم الإصرار على إبراز المدنيين للوثائق الرسمية مقابل حصول عناصره على (رشوة مالية) 
في سياق متصل عززت قوات الفرقة 18 حاجزها الوحيد الذي يتواجد على أطراف حي حوش الديواني بريف حمص الشمالي الشرقي، من خلال رفع سواتر ترابية جديدة على أطراف الحاجز واستقدام دبابة تم توجيهها إلى الأحياء السكنية بمدينة تلبيسة.

وعلى الجهة المقابلة أعادت عناصر كتيبة الدفاع الجوي المتواجدة على الطريق الواصل ما بين مدينة تلبيسة وقرية الغنطو نشر عناصرها الذين كانوا متمركزين داخل أسوار الكتيبة، لتبدأ على إثرها حملة مضايقة المدنيين من خلال مطالبتهم بالوثائق الرسمية والتدقيق على وجهتهم علماً أن جميع أهالي المنطقة هم من المزارعين الذين يمتهنون العمل ضمن أراضيهم منذ عقود مضت.

من جهتهم لحق عناصر الفرقة 18 بركب التغيرات التي جرت غرب مدينة تلبيسة من خلال سحب أحد حواجزها القريب من مزرعة الفلسطيني والزج بهم على الطريق الزراعي، تزامناً مع تدشيم عناصرهم للكتلة المتمركزة على طريق جبورين بالقرب من مسجد عائشة بالحي الغربي لمدينة تلبيسة.

لم يكن الحال على أطراف تلبيسة الجنوبية والشمالية بأفضل مما هو عليه داخل المدينة وعلى جانبيها الشرقي والغربي حيث سحبت قوات الفرقة 11 أحد حواجزها بالقرب من مدخل قرية الفرحانية الشرقية ودعّمت به عناصر حاجز المدخل الرئيسي لقرية الزعفرانة، والذي بدى الأكثر مضايقة للأهالي باعتبارها مقصداً لأبناء الريف الراغبين بالتوجه إلى مركز سوق الهال المتواجد على مقربة من مفرق قرية الغجر ما بين مدينة تلبيسة والرستن.

أبو سعيد وهو اسم مستعار للضرورة الأمنية وهو أحد أبناء قرية المكرمية تحدث للمرصد عن عزوف العشرات من أهالي المدينة من التوجه إلى سوق الهال الذي شكل مقصداً للأهالي الباحثين عن فرصة عمل، أو بأقل تقدير الباحثين عن خضراوات رخيصة نسبياً عما هو الحال ضمن محلات البيع في القرية.

وأشار إلى أن الأهالي يتخوفون من عمليات الاعتقال التي قدّ تطالهم في حال قرروا اجتياز الحاجز الذي بدأ يطالب بإبراز البطاقات الشخصية من جميع المارة.

إلى ذلك رصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان وصول تعزيزات بشرية إلى معسكر معرض ملوك جنوب مدينة تلبيسة خلال الأيام الماضية قبل أن تجري عملة توزيعهم على الحواجز المتواجدة على أطراف المدينة، بالوقت الذي تمّ تعيين ضابط برتبة لواء (في سابقة هي الأولى من نوعها) لإدارة عناصر كتيبة المهام الخاصة التابعة للحرس الجمهوري والمقابلة لمعرض ملوك الذي تتمركز داخله عناصر من قوات النظام.

ودعا رؤساء الأفرع الأمنية في محافظة حمص أهالي مدينة تلبيسة في السابع عشر من الشهر الجاري لإرسال وفد من الوجهاء للوقوف على عدة مطالب رئيسية لتجنب الحل العسكري في المنطقة، والتي تمثّلت آنذاك بإنهاء ظاهرة تجارة المخدرات والخطف والسلب بالإضافة للمظاهر المسلحة، وإعداد قوائم بأسماء الرافضين لتنفيذ البنود لترحيلهم نحو الشمال السوري، الأمر الذي رفض الاعتراف به من قبل أبناء المدينة الذين وضحوا خلال اجتماعاتهم الداخلية مع وفد الوجهاء في مسجد المصطفى أن التهم التي تم إلقاءها من قبل رؤساء الأفرع الأمنية ما هي إلا ذريعة لدخول المنطقة التي تخضع لإتفاقية خفض التصعيد بموجب الضامن الروسي، والتي تمنع بموجبها أي عمل عسكري من قبل قوات النظام بحق المنطقة.

وعقب جملة من اللقاءات أقرّ ممثلين عن عائلات مدينة تلبيسة بضرورة محاربة تجار المخدرات الذين يلقون دعمهم من قبل شخصيات مقربة من حزب الله اللبناني والفرقة الرابعة، كما هو واقع الحال بما يخص رجل المخدرات الأول في المنطقة جعفر جعفر الذي ينحدر من بلدة الحازمية، والمسؤول الأكبر عن عمليات الخطف بريف حمص الغربي المدعو شجاع العلي.

وأصدر أهالي المدينة بياناً في الثالث والعشرين من الشهر الجاري أكدوا من خلاله تعهدهم بمحاربة تجار المخدرات ومكافحة الجريمة المنظمة والغير منظمة، وإلغاء المظاهر المسلحة وفوضى السلاح داخل المدينة بالإضافة لتشكيل قوة عسكرية من أبناء المدينة تزيد عن 300 شخص لحماية مداخل المدينة وأوتوستراد حمص حماة.

وبحسب أحد وجهاء المدينة الذي طلب عدم الكشف عن هويته -لأسباب تتعلق بالسلامة- فإن إجماع الأهالي على محاربة الفساد يأتي بالدرجة الأولى لسحب البساط من تحت رؤساء أفرع المخابرات وعدم منحهم الذريعة لدخول المدينة، الاأمر الذي سيؤجج الموقف على الصعيد الأمني ويسفر عن حدوث مواجهات مسلحة تعيد المنطقة إلى ما كانت عليه قبل توقيع اتفاق خفض التصعيد بضمانة روسية.

وأشار المصدر أن تتالي الأحداث من جهة وتلويح رئيس شعبة المخابرات العسكرية العامة بدمشق اللواء حسام لوقا باللجوء إلى الحل العسكري دفع بأبناء المنطقة للمطالبة بتفعيل بنود اتفاقية خفض التصعيد التي ضمنتها روسيا والتي تمنع دخول قوات النظام ومفارزه الأمنية إلى المدينة، وتمنع ملاحقة أي شخص أمنياً بتهمة المشاركة بالحراك الثوري سابقاً في حال خضوعهم لتسوية سياسية مع النظام.

تجدر الإشارة إلى أن المرصد السوري لحقوق الانسان حصل على معلومات خاصة تؤكد إجراء غرفة عمليات مطار حميميم الروسية جملة من الاتصالات الهاتفية مع أبناء مدينة تلبيسة خلال الفترة الماضية للوقوف على مطالبهم بإعادة تفعيل اتفاقية خفض التصعيد، وتحمل مسؤولياتها من خلال كبح جماح أطماع رؤساء الأفرع الأمنية الراغبة بدخول المدينة واعتقال أبناءها، الأمر الذي دفع بالجانب الروسي بالتعهد باتخاذ خطوات سريعة لعدم تأجيج الوضع على الصعيد الأمني في المنطقة الخاضعة للإتفاق.