أربع جبهات محتملة للمعارك شمال شرقي سوريا

24

على مشارف بلدة تل تمر بريف محافظة الحسكة الشمالي، تمزق زخات قذائف المدفعية الثقيلة سكون الليل وصمت النهار منذ أيام، ويراقب مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مدججين بأسلحتهم وبذاتهم العسكرية يرابطون منذ أسابيع في منازل مهجورة بقرى خاوية؛ الحركة النشطة على خطوط التماس الفاصلة مع الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة موالية لها، ولا تغيب عن سماء المنطقة تحليق طائرة استطلاع «درون» تركية تنشر بأزيزها الذعر؛ قبل أن توجه ضربة خاطفة على موقع عسكري أو سيارة تقل قياديا.

و«جبهة» تل تمر بالحسكة واحدة من بين أربع جبهات عسكرية ساخنة معرضة لهجوم وتوغل تركي جديد على غرار العمليات العسكرية (نبع السلام 2019 وغصن الزيتون 2018)، التي نفذتها ضد مناطق سيطرة قوات «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، والمجال الجوي لهذه المنطقة منقسمة بين الطيران الحربي الأميركي التي توجد في قاعدة «القسرك» المجاورة لتل تمر شرقاً نحو 25 كيلومتراً، والقوات الروسية المتمركزة في قاعدة القامشلي ولديها قاعدة ثانية داخل تل تمر تقع بجهتها الغربية لحماية جنودها، والطيران التركي المسير الذي وجهت ضربات جوية موجعة استهدفت قيادات كردية بارزة.

وتشهد هذه الجبهة قصفا متبادلا عنيفا بين قوات «قسد» من جهة، وفصائل «الجيش الوطني السوري» والجيش التركي من جهة ثانية، حيث تطالب تركيا بتنفيذ كامل بنود اتفاق «سوتشي» بين موسكو وأنقرة القاضي بانسحاب القوات الكردية من منطقة حدودية مع تركيا بعمق 30 كيلومتراً وطول 440 كيلومتراً، على أن تحل مكانها القوات النظامية الموالية للرئيس السوري بضمانة ومراقبة الجيش الروسي، ومنذ توقيع الاتفاق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 سيرت الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود التركي أكثر من 50 دورية عسكرية على طول الحدود، للتأكد من تطبيق الاتفاق شملت مدن وبلدات القامشلي وعامودا والدرباسية وأبو راسين بالحسكة، إضافة لمدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي.

وانسحب القصف التركي إلى جبهة عين عيسى وهي «الجبهة الثانية» بريف مدينة الرقة الشمالي، وهذه المنطقة تشكل حلقة وصل وعقدة مواصلات تربط مناطق الإدارة الذاتية في الرقة والجزيرة السورية وريف دير الزور الشرقي، بمدينة حلب الصناعية التي يمثل سقوطها ضربة قاسمة لنجاح مشروع الإدارة وعزل مناطقها جغرافياً.

وتنتشر في عين عيسى القوات النظامية والجيش الروسي إلى جانب قوات «قسد» والأخيرة تديرها مدنياً، ومجالها الجوي يخضع لتفاهم روسي تركي وتوجد قاعدتان للقوات الروسية إحداها داخل البلدة وثانية في منطقة تل سمن، أما القوات النظامية لديها 3 نقاط وقواعد عسكرية ويقدر عدد قواتها بنحو ألف جندي، في وقت يتمركز الجيش التركي في 20 قاعدة عسكرية محاذية للطريق الدولي السريع (إم 4) في محيط بلدتي تل تمر وعين عيسى.

ويقدر خبراء ومحللون عدد القوات العسكرية الخاضعة لنفوذ «قسد» المنتشرة بالقرب من الحدود التركية بنحو 35 ألفاً من بين 110 آلاف مقاتل عدد القوات، وبحسب تصريحات سابقة لقائد القوات مظلوم عبدي كشف بأنهم شكلوا قوات حرس الحدود المؤلفة من 30 ألفاً، إلى جانب 5 آلاف مقاتل من القوات الخاصة، موزعين على الأفواج والمجالس العسكرية وعددها 15 مجلساً تنتشر على طول الحدود التركية، وكشفت صحف تركية قيام أنقرة بتجهز أكثر من 35 ألف عسكري سوري من المحتمل المشاركة في عملية عسكرية شمال شرقي البلاد.

أما «الجبهة الثالثة» الساخنة تقع في ريف حلب الشرقي وتضم مدينة عين العرب (كوباني) ذات الغالبية الكردية، ومدينة منبج وقرية العريمة العربيتين وهذه المناطق متداخلة وتشكل نقطة التقاء الجهات المحلية المتحاربة وحلفائها الداعمين الإقليميين والدوليين، ويتمركز الجيش الروسي في قاعدة بالعريمة، أما الجيش السوري ينتشر على طول خط الساجور في ريف منبج الغربي ولا يعرف عدد قواتها هناك.

وتعد جبهة تل رفعت «الجبهة الرابعة» وتقع بريف حلب الشمالي وتضم بلدات فافين وأحرص وكفر نايا إلى جانب قرى حربل وشيخ عيسى وكفر ناصح، إضافة إلى جزء من ريف ناحية شيراوا التابعة لمدينة عفرين الكردية، وتبعد 35 كيلومتراً عن مركز حلب، وتنتشر القوات الموالية للأسد في جميع أنحاء الجيب لكن إدارتها المدنية خاضعة لـ«قسد» ويقع على الطريق الرئيسي الذي كان يوصل مدينة حلب السورية بمدينة غازي عنتاب التركية، وتسعى أنقرة وموسكو لفتح هذا الطريق للاستفادة من عوائده المالية وتنشيط حركة الترانزيت بين دمشق والمدن التركية.

 

 

المصدر: الشرق الاوسط