أطفال ونساء يعتاشون على مخلفات المطاعم وأكوام القمامة في إدلب 

25

على الرغم من وجود عشرات المنظمات الإنسانية في إدلب وتحت مسمع ومرأى الجهات المعنية، وعلى بعد أمتار أحياناً من الشركات الفارهة والمطاعم والمشاريع الاستثمارية الضخمة، أصبح من المعتاد بعد مرور عقد من عمر أحداث الثورة السورية أن ترى طفلاً أو امرأة أو مسناً يجمع بقايا الطعام من القمامة ليأكل أو ليتلقط منها قطع البلاستيك لكسب قوت يومه وسد رمق عائلته.
واقع مرير تعددت أسبابه وتشعبت تفاصيله لكثرتها وقساوتها، لكن النتيجة واحدة والمتضرر واحد، الطفل الذي يحمل على كتفيه مع بداية كل يوم كيساً يجمع فيه القمامة، ويحمل في قلبه هم عائلة فقدت معيلها لتجبره الظروف بأن يحل مكانه.
في الوقت الذي يتوجه الأطفال في دول أخرى لمدارسهم، يبدأ دوام الطفل ( ع.أ) “13 عاماً ” بالتجول في منطقة “دير حسان” في ريف إدلب الشمالي وهو نازح من ريف حماة الغربي لجمع قطع البلاستيك والخردة والعلب الفارغة، ويفرح عندما يجد “علب مشروب الطاقة” لأنها الأغلى ثمناً “على حد تعبيره”
وفي حديثه لـ”المرصد السوري” يقول، أنه يمضي نحو 7 ساعات في جمع البلاستيك ثم يضع ما جمعه أمام خيمته منتظراً أحد الباعة الجوالة الذي يقوم بشراء ما جمعه بسعر لا يتجاوز 10 ليرات تركية يومياً، ليشتري فيها الخبز وبعض احتياجات عائلته
مشيراً أنه اضطر لهذا العمل بعد تركه لدراسته ونزوحه وليتمكن من مساعدة والده على تكاليف المعيشة اليومية، نتيجة غلاء الأسعار وعدم توفر عمل لوالده، فقرر جمع البلاستيك من القمامة وبيعها رغم صعوبة العمل.
ويأمل أن يعود به الزمن لقريته قبل أن ينزح إلى الشمال السوري وأن يتابع دراسته، كما يأمل في الوقت ذاته أن يجد في الوقت الراهن عملاً لوالده ليتحسن واقع عائلته المعيشي، مؤكداً أنه وخلال عمله تعرض للكثير من المضايقات والإهانات النفسية والجسدية.
الشاب (ح.ب) نزح مع عائلته من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيمات الشمال السوري، وبعد أن تردت أوضاعه المعيشية بدأ يعمل برفقة أطفاله في جمع البلاستيك من القمامة وبيعه، وفي شهادته لـ”المرصد السوري” يقول، بعد أن وصل بنا الحال إلى مخيمات النزوح وتدهورت الأوضاع المعيشية أجبر على بدء العمل برفقة أطفاله الثلاث بجمع البلاستيك من القمامة وبيعه لسد حاجات عائلته اليومية.
ويؤكد، أنه لا يتلقى من المساعدات الإنسانية سوى سلة غذائية واحدة شهرياً لا تكاد تكفي العائلة لعدة أيام، كما يفتقر المخيم الذي يقطنه لأبسط مقومات الحياة.
بدوره يتحدث ( م.أ) وهو ناشط يقيم في ريف إدلب الشمالي لـ “المرصد السوري” عن ظاهرة عمالة الأطفال والنساء في جمع القمامة قائلاً، ينتشر وبشكل لافت عمل الكثير من النساء والأطفال في جمع البلاستيك والخردة من أكوام القمامة والحاويات، حيث اصبحت إحدى مصادر الدخل للعديد من العائلات التي تعاني من فقدان المعيل والفقر الشديد أو لعدم توفر فرص عمل مناسبة،وبعد أن طالت فترة النزوح.
مضيفاً، بأن أعمار الأطفال يتراوح ما بين 10 إلى 15 عاماً، يقومون بجمع الخردة والبلاستيك وحتى الحديد والنحاس ثم يتم بيعها لأشخاص آخرين يتجولون عبر سياراتهم في المنطقة ويأخذونها بدورهم لتجار ومعامل خاصة لإعادة التدوير.
ويوضح، أن السبب الرئيسي الذي يدفع السيدات والأطفال لمثل هذا العمل هو انعدام فرص العمل وغلاء أسعار المواد الغذائية، فضلاً عن عدم توجيه الدعم اللازم لفئة الأطفال بما يساعدهم على الاستغناء عن العمل والتوجه للدراسة بدل ذلك.
ويدعو المنظمات الإنسانية والجهات المعنية لتأمين المساعدة لهؤلاء الأطفال والنساء وتجنيبهن مخاطر العمل في مكبات وحاويات القمامة التي قد تتسبب لهم بأضرار صحية وجسدية.
ويقطن ضمن منطقة إدلب وريفها شمال غربي سوريا نحو 4 مليون نسمة، بعد حملات النزوح العديدة التي شهدتها المنطقة، ويعتاش معظمهم على المساعدات الأممية وما تقدمه بعض الجمعيات المحلية وسط تحكم كامل من قبل”تحرير الشام” و”حكومة الإنقاذ” بمصادر دخل المدنيين وجميع الجوانب الاقتصادية.