أقراص “الجلة”…وسيلة جديدة للاستخدام في مناطق ريف إدلب بعد غلاء أسعار مواد التدفئة والغاز المنزلي 

155

تجبر الظروف المعيشية الراهنة الكثير من العائلات على استخدام بدائل للتدفئة وطهي الطعام وغيرها من النواحي، ومن بين هذه البدائل هو استخدام “الجلة” المصنوعة من روث الأبقار في مجالي التدفئة واشعال النار للطهي لعدم قدرة هذه العائلات على شراء الغاز المنزلي ومواد التدفئة.
وكانت تعرف “الجلة” في المناطق الريفية في سوريا وهي عبارة عن أقراص مصنوعة من روث الأبقار وتجفيفها تحت أشعة الشمس، وكانت في السابق تقوم بعض العائلات الريفية بتخزين كمية كبيرة منها خلال فصل الصيف لاستخدامها في الشتاء لإشعال النار حصراً، أما الآن فهي تستخدم أيضاً للتدفئة كبديل عن الحطب والفحم الحجري لدى العديد من العائلات ضمن مخيمات النزوح.
منذ بداية نزوحها إلى منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي، تستخدم السيدة (س.و) أقراص الجلة للطهي وأحياناً للتدفئة، وفي شهادتها لـ”المرصد السوري” تقول، أنها نزحت من منطقة ريف حماة الغربي برفقة زوجها وأطفالها إلى أحد مخيمات منطقة دير حسان، وبعد فترة من النزوح بدأت أوضاع زوجها المادية تتراجع بسبب فقدانه عمله بعد نزوحه، فلم يبقى لديه قدرة على شراء الغاز للمنزل فبدأت تستخدم “الجلة” لطهي الطعام.
مضيفة، أنها أحياناً تضع الجلة في مدفأة الحطب كوسيلة لتخفيف المصروف علماً أنها ذات أضرار كبيرة من رائحتها الكريهة، وتشتري أقراص”الجلة” من إحدى جاراتها التي بدأت تبيعها بسعر 20 ليرة تركية للكيس الواحد، ومع أنها تعاني جداً من صعوبة اشعال النار والطهي خارج الخيمة وتعاني من رائحة “الجلة” في المدفأة إلا أنها تفضلها لسعرها المنخفض والمناسب جداً مقارنة بأسعار مواد التدفئة والغاز المنزلي.
كما تؤكد أن هناك العديد من العائلات عادت من جديد لاستخدام “الجلة” لاسيما خلال الفترة الأخيرة بعد ارتفاع الأسعار وتردي الأوضاع المادية والمعيشية للعائلات ضمن مخيمات النزوح، وأصبحت بالمقابل هناك العديد من النساء يمتهن مهنة بيع “الجلة” بعد تجهيزها وتخزينها.
أما في ريف إدلب الغربي فتشهد هذه المادة انتشاراً أوسع حيث باتت تباع في بعض المحلات هناك كمادة تدفئة إلى جانب المواد الأخرى، بحسب ما أكده “ح.أ” النازح من ريف حماة الشمالي إلى قرية “مريمين” في ريف إدلب الغربي.
وفي شهادته لـ”المرصد السوري” يقول، أن “الجلة” تباع في بعض المحلات كمادة للتدفئة وللاستخدام في إشعال النار، وتشهد إقبالاً من بعض العائلات التي تعاني من الفقر الشديد ولا تستطيع تأمين ثمن إسطوانة الغاز المنزلي ولا حتى الحطب والفحم للتدفئة، حيث يباع الكيس بسعر يتراوح ما بين 20 إلى 30 ليرة تركية.
ويلفت إلى أن “الجلة” من المواد البدائية التي كانت تستعمل سابقاً في القرى الريفية ولاسيما لدى العائلات التي تملك أبقار حيث تقوم بتخزين كميات من أقراص “الجلة” خلال فصل الصيف لاستعمالها في الشتاء، وكانت بعض العائلات تبيع روث أبقارها لتجار يتنقلون بين القرى بشاحنات كبيرة.
وأجبرت الظروف المعيشية الصعبة العديد من السكان للعودة لهذه المادة، وتنتشر بشكل أكبر في قرى منطقة جسر الشغور ودركوش وقرى الجبل الوسطاني.
ويوضح (ح.أ) أن استخدام “الجلة” وغيرها من المواد البدائية والغير صحية لم يختاره السكان بل دفعهم لذلك سوء أوضاعهم المعيشية والمادية إضافة لغلاء أسعار المحروقات والغاز المنزلي ومواد التدفئة البديلة أيضاً، وبحال استمر ارتفاع الغاز المنزلي بشكل خاص لفترة أطول وبشكل أكبر نخشى أن يصبح حكراً على ميسوري الحال ومن لديهم دخل شهري جيد، وأن لا يتمكن غالبية السكان من شراء الاسطوانة.
وتشكل أسعار المحروقات بشكل عام ومن أهمها بالنسبة للعائلات “الغاز المنزلي” عائقاً كبيراً حيث وصلت مؤخراً لحدٍ يفوق قدرة غالبية العائلات، حيث تتحكم “شركة وتد للبترول” بجميع أنواع المحروقات في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وتحدد الأسعار وتحتكر المحروقات وتمنع وجود أي شركات منافسة لها في المنطقة، ولجأت مؤخراً لتثبيت الأسعار بالدولار الأمريكي بدل الليرة التركية بعد انهيار قيمتها، حيث وصل سعر اسطوانة الغاز المنزلي إلى 12 دولار أمريكي ما يعادل “161 ليرة تركية” وذلك بحسب آخر نشرة أسعار للشركة بتاريخ 23 كانون الثاني/ يناير الجاري، كما شهدت أيضاً مواد التدفئة البديلة ارتفاعاً في الأسعار بعد دخول فصل الشتاء وتراجع قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي.
ويجدر الذكر أن معظم سكان مناطق إدلب وريفها يعانون من أزمة الفقر الشديد وضعف الإمكانيات المادية، فضلاً عن شح الدعم الموجه من قبل المنظمات الإنسانية والجهات المعنية واستمرارهيئة تحرير الشام في تضييق الخناق على الحركة الاقتصادية والأسواق.