ألمانيا: «المؤبد المشدد» لمتهم بجـ ـر ا ئـ ـم حرب في سوريا

«جزار اليرموك» قتل 7 مدنيين بقذيفة صاروخية عام 2014

29

أصدرت المحكمة الإقليمية في برلين حكماً مشدداً بالسجن مدى الحياة على المتهم موفق د. بجرائم حرب ارتكبت في سوريا عام 2014.
وأدين موفق الذي يحمل لقب «جزار اليرموك» بتهم قتل 7 مدنيين والتسبب بإصابة آخرين، بعد أن أطلق عليهم قذيفة «آر بي جي» أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات غذائية من الأمم المتحدة في مخيم اليرموك عام 2014، الذي كان آنذاك تحت الحصار من قبل ميليشيات فلسطينية بأوامر من النظام السوري. واستمعت المحكمة طوال 28 جلسة بدأت في أغسطس (آب) الماضي، إلى المتهم الذي كان ينتمي لجماعة «فلسطين حرة»، والذي كان قد أطلق القذيفة على المدنيين انتقاماً لمقتل ابنة شقيقته في المخيم. وتحدث شهود أمام المحكمة عن أنهم شاهدوا موفق في المخيم. وقالت إحدى الشاهدات إنها رأته يرفع الـ«آر بي جي» على كتفه ويطلق القذيفة على المدنيين.
واستمعت المحكمة طوال الأشهر الماضية لشهادات شهود وأطباء وخبراء تحدثوا عن وضع المخيم آنذاك، كما استمعت كذلك إلى المحامي والناشط الحقوقي أنور البني كخبير في الملف السوري، وكونه مسؤولاً عن جمع شهادات السوريين ما أدى إلى توقيف موفق وبدء الإجراءات القانونية ضده.
وقال محامي المدعين باتريك كروكر، بعد صدور القرار، إن حكم المؤبد المشدد يعني أن المدان لن يتمكن من طلب إطلاق سراح بعد 15 عاماً، بل بعد 20 عاماً، بحسب القانون الألماني.
وعبر كروكر عن رضاه الكبير من الحكم الذي قال إنه «أقسى» من الحكم الصادر العام الماضي من محكمة كوبلنز ضد الضابط السوري السابق أنور رسلان. وكان رسلان أدين بالمؤبد غير المشدد في يناير (كانون الثاني) العام الماضي عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. واتهم بتعذيب قرابة الـ4 آلاف سجين، والتسبب بقتل 58 سجيناً تحت التعذيب بين عامي 2011 و2012.
وقال كروكر رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن سبب إنزال عقوبة «أقسى» بموفق رغم أن جرائم رسلان كانت أكبر، إنه لن يعلق على المدة الزمنية للعقوبة، لكنه أشار إلى أن القاضية في محكمة برلين الإقليمية استندت إلى أن موفق استهدف مدنيين كانوا يعانون من الجوع والضعف ولم يكونوا أصلاً معتقلين أو متهمين بشيء. وأضاف أن فريق الدفاع يمكنه استئناف الحكم خلال أسبوعين، ثم سيتعين عليه الانتظار لغاية تسلم قرار الحكم مكتوباً، ما يستغرق شهوراً، لتقديم حجج الاستئناف. وشرح بأنه سيتعين عليه إيجاد حجج قانونية يستند إليها للنقض في القرار، مشيراً إلى صعوبة ذلك. وأشار إلى أن حظوظ الاستئناف «قليلة». وفي حال نجح بالاستئناف سيكون عليه القيام بذلك في المحكمة الفيدرالية في كارلسرو.
وأسهبت القاضية في شرح قرارها بإعطاء خلفية حول وضع مخيم اليرموك في الفترة التي سبقت وقوع المجزرة، وكيف أنه كان خاضعاً لحصار من قبل ميليشيات تابعة للنظام السوري، من بينها ميليشيا «فلسطين حرة».
وطوال فترة محاكمته، رفض موفق الكلام واكتفى بالحديث عبر محاميه. ونفى التهم الموجهة إليه، قائلاً إنه كان قد ترك الميليشيا قبل عامين من وقوع المجزرة المتهم بها، أي عام 2012. وأضاف أنه في تلك الفترة كان يعمل في الإغاثة ويقدم المساعدات لسكان المخيم. وأظهر ورقة للمحكمة تقول إنه كان في المستشفى أثناء وقوع المجزرة، ولكن الوثيقة لم تكن تحمل تاريخاً، ما دفع بالمحكمة لرفضها. وموفق هو ثالث مجرم حرب سوري تصدر بحقه عقوبة في ألمانيا، التي بدأت بمحاكمة مجرمين ارتكبوا جرائم حرب في سوريا بعد عام 2011، مستندة إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يتيح لدولة بمحاكمة مجرمين لا ينتمون إليها على جرائم ارتكبت في دول أخرى، إذا كانت تتعلق بجرائم حرب.
وأدين إلى جانب رسلان، المجند السابق إياد الغريب بالمساعدة على قتل معتقلين في دمشق، عبر اعتقالهم وإرسالهم إلى السجن حيث خضعوا لتعذيب ومنهم من قتل تحت التعذيب. وحكم على الغريب بالسجن لـ4 سنوات ونصف السنة.
وما زالت محكمة فرانكفورت مستمرة في محاكمة الطبيب السوري علاء، المتهم بتعذيب وقتل معتقلين سوريين بين عامي 2011 و2012 في مستشفى حمص العسكري.
ويقود الناشط الحقوقي البني جهود مطاردة المجرمين الذين وصلوا إلى ألمانيا وأوروبا لاجئين، ويجمع أدلة ضدهم ثم يقدمها للشرطة والادعاء العام الذي يتسلم القضية ويصدر مذكرات توقيف في حال كفاية الأدلة.

المصدر: الشرق الأوسط

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.