أنقرة تهدد بعملية شرق الفرات بالتزامن مع مباحثات جيفري

53
تزامناً مع بدء المبعوث الأميركي جيمس جيفري مباحثاته في أنقرة، هددت تركيا، أمس (الاثنين)، بشن عملية عسكرية في شرق الفرات، شمال شرقي سوريا، إذا لم تتأسس منطقة آمنة اقترحتها الولايات المتحدة. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية: «ستكون هناك عملية عسكرية تركية في شرق الفرات إذا لم تأسس منطقة آمنة».
وتجري تركيا محادثات مع الولايات المتحدة بشأن إقامة منطقة آمنة عبر الحدود شمال شرقي سوريا، حيث تدعم واشنطن «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعدّها أنقرة «منظمة إرهابية»، وتطالب بأن تكون لها وحدها السيطرة على المنطقة التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقب إعلانه قرار انسحاب القوات الأميركية من سوريا. وأضاف جاويش أوغلو أنه يأمل في التوصل إلى اتفاق بعد المحادثات مع المبعوث الأميركي الخاص بسوريا جيمس جيفري، الذي يزور أنقرة. وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت وصول جيفري إلى تركيا لإجراء مباحثات مع المسؤولين الأتراك حول الملف السوري تتناول مخاوف أنقرة الأمنية والمستجدات الأخيرة في سوريا. وذكرت في بيان أن المباحثات مع المسؤولين الأتراك، التي تستمر يومين، ستتناول المخاوف الأمنية «الشرعية» لأنقرة، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي حول إيجاد حلول للأزمة السورية، وضمان هزيمة دائمة لتنظيم «داعش» الإرهابي.
وقالت مصادر تركية إن مباحثات جيفري تركز بشكل أساسي على موضوعات المنطقة الآمنة، وسحب «الوحدات» الكردية من منبج إلى شرق الفرات بموجب اتفاق خريطة الطريق مع تركيا، والتسوية السياسية في سوريا.
في غضون ذلك، واصل الجيش التركي، عشية بدء المباحثات مع جيفري، تعزيز قواته العسكرية المنتشرة في المناطق الحدودية المتاخمة لشرق الفرات، وذلك ضمن التحضيرات التي تجريها تركيا للعملية العسكرية المحتملة. وأرسل ليل الأحد – الاثنين، تعزيزات عسكرية إلى قضاء أكجا قلعة في ولاية شانلي أورفا (جنوب شرقي تركيا قبالة تل أبيض) تمهيداً لنقلها إلى وحداته المنتشرة على الحدود مع سوريا، تتضمن شاحنات محملة بالمدافع والدبابات والذخيرة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن، الأسبوع الماضي، عن خطوات مرتقبة لبلاده في تل أبيض وتل رفعت ومنبج بهدف تحويلها إلى مناطق آمنة لإعادة اللاجئين السوريين إليها.
في سياق متصل، قال جاويش أوغلو إن المسؤولية تقع على روسيا في وقف الحملة العسكرية التي يشنها النظام السوري على إدلب بدعم من موسكو، مؤكداً: «المسؤولية عن وقف هجمات النظام السوري تقع على عاتق جارتنا روسيا».
وكانت موسكو حملت الجانب التركي، في مايو (أيار) الماضي، مسؤولية وقف إطلاق النار في محافظة إدلب وإنهاء وجود الجماعات المتشددة داخلها بموجب اتفاق سوتشي الذي أعلنه الجانبان في 17 سبتمبر (أيلول) 2018.
وتتعرض محافظة إدلب وريفا حماه الشمالي والغربي لهجمات جوية مكثفة من طيران النظام السوري والطيران الروسي، في إطار الحملة العسكرية التي بدأتها قوات الأسد على المنطقة، منذ فبراير (شباط) الماضي. 
وتصاعدت وتيرة الهجمات في الأيام القليلة الماضية وتركزت على مدن خان شيخون وكفر نبل ومعرة النعمان، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين.
وبدأ التصعيد على إدلب مع ختام الجولة الـ12 من محادثات «آستانة»، في 26 أبريل (نيسان) الماضي، التي لم تتفق فيها الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) على تشكيل لجنة صياغة الدستور في سوريا. وتخضع المنطقة لاتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا الذي نص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين النظام والمعارضة، ووقف إطلاق نار بين الطرفين، لكنه تعرض لخروقات واسعة من النظام السوري بدعم من روسيا.
في السياق، بحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في اتصال هاتفي مع نظيرته الفرنسية فلورنسا بارلي، أمس، عدداً من القضايا الثنائية والإقليمية؛ في مقدمتها التطورات في سوريا.
على صعيد أزمة اللاجئين السوريين في تركيا، أعلنت ولاية إسطنبول أمس إجراءات جديدة فيما يتعلق بمواجهة الهجرة غير الشرعية، إلى جانب التعامل مع ملف اللاجئين السوريين المقيمين في الولاية. وقالت الولاية، في بيان، إن السوريين المسجلين في ولايات أخرى تحت نظام الحماية المؤقتة سيتم منحهم مهلة مؤقتة تستمر حتى 20 أغسطس (آب) المقبل ليعودوا إلى تلك الولايات، وبعد انقضاء المهلة سيتم ترحيل من يتم ضبطه من دون إذن سفر، إلى الولاية المسجل فيها. أما السوريون الذين لا يملكون حق الإقامة الشرعية في إسطنبول، فسيتم ترحيلهم إلى ولايات تركية أخرى تحدد وفقاً لتعليمات وزارة الداخلية. وطلب البيان من الأجانب الذين يملكون حق الإقامة في إسطنبول أن يحملوا وثائق الحماية المؤقتة أو جوازات السفر لإبرازها للقوات الأمنية حين الطلب، وذلك للحيلولة دون وقوع أضرار.
وأشار البيان إلى أنه سيتم التدقيق على «وثيقة إذن السفر» في إسطنبول، لا سيما في المطار ومحطات الحافلات والقطارات، وسيتم ترحيل الذين لا يملكون إذن السفر إلى الولايات المسجلين فيها.
في السياق ذاته، أعلنت المفوضية الأوروبية عزمها إطلاق مجموعة جديدة من التدابير لدعم اللاجئين في تركيا بمبلغ مليار و400 مليون يورو، لتمويل برامج تركز على مجالات الصحة والحماية والدعم الاجتماعي والاقتصادي، والبنية التحتية البلدية.
وقال يوهانس هان، «مفوض السياسة الأوروبية للجوار ومفاوضات التوسع»، إن الاتحاد الأوروبي يواصل الوفاء بالتزامه بدعم تركيا في استضافة أكبر مجموعة من اللاجئين في العالم. وأكد عزم المفوضية على توقيع العقود بحلول نهاية عام 2020، وإكمال الإجراءات بحلول منتصف عام 2025 على أبعد تقدير. وتوصل الاتحاد الأوروبي وتركيا في مارس (آذار) 2016 إلى اتفاق ينص على تقديم الدعم للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم في تركيا بقيمة 6 مليارات يورو، مقابل إيقاف تدفق اللاجئين نحو أوروبا. وأشار الاتحاد إلى أنه تم بالفعل صرف أكثر من 2.35 مليار يورو، وأنه تمت تعاقدات مع منظمات المجتمع المدني والوزارات التركية بقيمة 3.5 مليار يورو، وتخصيصات بقيمة 5.6 مليار يورو.
في الشأن ذاته، هدد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بأن تفتح تركيا أبوابها لتدفق اللاجئين نحو أوروبا، قائلاً إن الحكومات الأوروبية لن تستطيع الصمود 6 أشهر، إذا ما فتحت بلاده أبوابها أمام المهاجرين وسمحت لهم بالعبور نحو القارة. وأضاف صويلو، خلال لقاء مع قائد خفر السواحل التركي: «سنقوم بما يلزم، وسننزل ضربة موجعة بالذين يريدون أن يجعلوا من تركيا مركزاً للهجرة غير الشرعية، وسنقطع الماء والهواء عن مهربي المهاجرين». ورأى وزير الداخلية التركي أن الاتحاد الأوروبي ترك تركيا وحيدة في مواجهة موجات الهجرة غير الشرعية.

المصدر: الشرق الأوسط

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.