إدانة شركة دنماركية بخرق الحظر الأوروبي على سوريا وبيع وقود للجيش الروسي

حكم ضد وزيرة سابقة لأنها فصلت أزواجاً بعضهم عن بعض

30

أدينت شركة دنماركية مختصة في التزويد بالوقود ومديرها التنفيذي، الثلاثاء، في محاكمة نادرة، بتهمة انتهاك الحظر الأوروبي على سوريا عبر بيع الوقود للقوات الجوية الروسية العاملة في هذا البلد، في وقت أدانت فيه محكمة دنماركية وزيرة الهجرة السابقة، إنغر ستويبرغ، في قضية اتخاذ قرار غير قانوني يقضي بفصل الأزواج الصغار من طالبي اللجوء؛ كان بينهم سوريون.
وقالت محكمة أودنسه في وسط الدنمارك، حيث تجرى المحاكمة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في نص الحكم إن «عمليات التسليم تعدّ انتهاكات موضوعية للعقوبات الأوروبية» المفروضة على نظام بشار الأسد.
وأدانت محكمة أودنسه في وسط الدنمارك شركة «دان بانكيرينغ» ومجموعتها الأم «بانكر هولدينغ» ببيع إجمالي 172 ألف طن من الوقود في 33 مناسبة بين 2015 و2017 إلى شركتين روسيتين. وفرضت على الشركتين الدنماركيتين غرامة بقيمة إجمالية بلغت 34 مليون كرونه (4.6 مليون يورو).
هذه الكميات الكبرى من الوقود البالغة قيمتها نحو 90 مليون يورو سلمت لاحقاً إلى سوريا حيث استخدمت لتزويد مقاتلات روسية في البلاد.
وحكم على مدير «بانكر هولدينغ» التنفيذي، كيلد ديمانت، بالسجن 4 أشهر مع وقف التنفيذ. وخرج من المحكمة دون الإدلاء بأي تعليق؛ كما أفادت به مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية.
ودفع محامو الشركة ومديرها بالبراءة، عادّين أنه لا يمكنهم ضبط كيفية استخدام الوقود من قبل زبائنهم الروس الذين لم يكونوا خاضعين لحظر. إلا إن المحكمة عدّت أنه «كان يتعين على مدير الشركة أن يدرك أنه من المحتمل للغاية أن يستخدم الجيش الروسي الوقود في سوريا».
ونفذت الشركة الدنماركية الطلبات عبر فرعها في كالينينغراد (روسيا)، ولم يسبق أن طلبت الشركتان الروسيتان الوقود مطلقاً من «مجموعة بانكر هولدينغ» قبل التدخل الروسي في سوريا عام 2015، ويعرف مديرها التنفيذي أنهما توردان للجيش الروسي، بحسب المحكمة.
وأضافت أن عمليات التسليم التي جرت بين أكتوبر 2015 ومايو (أيار) 2017 تمت في شرق البحر المتوسط، وأحياناً في عمليات نقل من سفينة إلى سفينة، ثم فرغ الزبائن الروس الحمولة في ميناء بانياس السوري.
في هذه المحاكمة النادرة بتهم انتهاك الحظر الأوروبي على سوريا، كانت النيابة طلبت السجن عامين مع النفاذ ضد مدير هذه المجموعة وتغريم الشركة بمبلغ 400 مليون كرونه، أي بأكثر من 50 مليون يورو.

وقال جاكوب سكود راسموسن، محامي شركة «دان بانكيرينغ»، للصحافيين، إن محامي الدفاع «لم يتخذوا قراراً بعد» بشأن الطعن على الحكم. وقال المدعي العام آندرس ريتشندورف إنه «راضٍ للغاية» ووصف الحكم بأنه «تاريخي». وقال إن «الوقود تم تسليمه في سوريا ووضع في الطائرات الروسية التي قصفت لصالح الرئيس الأسد. إنه أمر خطير للغاية، ولهذا السبب؛ فإنه حكم تاريخي». وأضاف المدعي العام: «فيما يتعلق بـ(دان بانكيرينغ)، عدّت المحكمة أنها كانت تعلم (بالغاية من) التسليمات الـ33 منذ بداية هذه الفترة. لذلك، بالتأكيد، أنا راضٍ تماماً عن الحكم».
ويفرض الاتحاد الأوروبي منذ ديسمبر (كانون الأول) 2011 عقوبات على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تخضع سنوياً للمراجعة. وتشمل العقوبات حظر النفط وتجميد أصول «المصرف المركزي السوري» في الاتحاد الأوروبي.
إلى ذلك؛ أدانت محكمة دنماركية وزيرة الهجرة السابقة، إنغر ستويبرغ، في قضية اتخاذ قرار غير قانوني يقضي بفصل الأزواج الصغار من طالبي اللجوء. وحكم القضاة، في محاكمة عزل وصفت بالتاريخية، بأن قرار ستويبرغ لفصل الأزواج، الذي اتخذته عام 2016، كان قراراً غير قانوني، وحكموا عليها بالسجن 60 يوماً. وقالت ستويبرغ إنها فوجئت بالحُكم، وأضافت أن قرارها كان يهدف إلى مكافحة زواج الأطفال.
وتعدّ القضية أول محاكمة عزل في الدنمارك منذ 3 عقود، والسادسة فقط في تاريخها. وقالت ستويبرغ خلال مؤتمر صحافي خارج المحكمة: «لست أنا فقط من خسر؛ بل القيم الدنماركية خسرت أيضاً»، مضيفة أنها ستتقبل العقوبة.
وشغلت ستويبرغ منصب وزيرة الهجرة الدنماركية خلال الفترة بين عامي 2015 و2019 في حكومة يمين الوسط، التي يدعمها «حزب الشعب» الدنماركي اليميني الشعبوي. واتخذت ستويبرغ خلال فترة خدمتها موقفاً متشدداً بشأن الهجرة، كما فرضت عشرات القيود؛ كان من بينها اتخاذ قرار في فبراير (شباط) 2016 يقضي بعدم السماح بسكنى اللاجئين المتزوجين والمتزوجات، والذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، معاً.
وأمرت ستويبرغ بفصل 23 من المتزوجين قبل إلغاء الإجراء بعد بضعة أشهر. وكان من بين اللاجئين زوجان سوريان، ريماز الكيال، البالغة من العمر 17 سنة آنذاك، وزوجها النور علوان، البالغ من العمر 26 عاماً، واجتمعا بعد تقديم شكوى، وكانا قد أجبرا على العيش منفصلين لمدة 4 أشهر، رغم أن الزوجة كانت حاملاً.
ويضع حكم المحكمة العليا، الذي صدر الاثنين، مسيرة ستويبرغ السياسية على المحك.
وفي مايو (أيار) الماضي، أثار قرار اتخذته السلطات الدنماركية جدلاً واسعاً بعد إلغاء تصاريح إقامة عدد من اللاجئين السوريين على أراضيها، تمهيداً لإعادتهم إلى بلادهم.
وجاء ذلك بعد اعتبار السلطات مناطق في سوريا؛ منها دمشق وريفها، مناطق «آمنة».
وبذلك أصبحت الدنمارك أول دولة أوروبية تلغي تصاريح الإقامة لعشرات السوريين، وواجهت إدانة من المشرعين في الاتحاد الأوروبي، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وجماعات حقوق الإنسان.
وتقدر منظمات إنسانية، مثل «المجلس الدنماركي للاجئين»، عدد من تؤثر عليهم هذه الخطوة بنحو ألف لاجئ. ودفع ذلك عدداً من اللاجئين السوريين إلى الخروج من الدنمارك خشية إعادتهم إلى سوريا.

المصدر: الشرق الأوسط

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.