إنقاذ الأسد أو إنقاذ سوريا

25

تنبىء حركة الاتصالات الدولية والاقليمية الأخيرة والمساعي التي يبذلها اكثر من طرف لايجاد تسوية سياسية للحرب الاهلية في سوريا بدينامية ديبلوماسية دولية جديدة من الصعب التكهن بنتائجها واحتمالات نجاحها. ولكن يبدو ان نجاح الديبلوماسية الدولية في التوصل الى اتفاق نووي مع إيران قد شجع الدول العظمى على محاولة تطبيق الحل الديبلوماسي على الحرب السورية.

والمطروح حتى الآن مقاربتان أساسيتان لانهاء الحرب وبدء العملية الانتقالية. فمن جهة هناك النقاط الاربع التي تطرحها إيران الداعمة لنظام الأسد والتي تنص على التوصل إلى وقف للنار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع الاطراف، وتوزيع السلطة مع بقاء الأسد الى حين اجراء انتخابات جديدة في إشراف دولي. وفي المقابل، هناك المقترحات الأميركية التي لا تزال تتسم بالغموض مثل العمل على وقف النار، ثم البدء بالعملية السياسية الانتقالية التي قد تستمر سنتين يمكن خلالهما أن يبقى الرئيس الأسد في منصبه على ان يتعهد تركه في ما بعد. والمقصود، كما نقل الزميل هشام ملحم عن أوساط أميركية هو “اجراء تغيير في القيادة وليس تغيير النظام”.
من الواضح تماماً حجم التباعد بين المقاربتين للحل السياسي في سوريا. وهذا لا يتناول الموقف من بقاء الأسد ورحيله فحسب، بل الوجه الجديد لسوريا الدولة والوطن المهدد بالمزيد من التفتت وربما الانهيار الكامل اذا استمرت حرب الاستنزاف الدائرة حالياً الى ما لا نهاية.
تتابع إسرائيل عن كثب حركة الاتصالات الدولية، فهي معنية مباشرة بمصير سوريا أكثر منها بمصير الأسد. وللمرة الاولى منذ بدء الحرب الاهلية السورية بدأت تبرز تقديرات إسرائيلية ترجح صعوبة صمود نظام الأسد فترة طويلة. ففي رأي الباحث في الشؤون السورية إيال زيسر وصاحب اكثر من كتاب عن سوريا، أن الخسائر التي تكبدها النظام السوري في الاشهر الاخيرة جعلته اليوم يركز جهوده على الدفاع عن المنطقة التي لا تزال خاضعة لسيطرته، أي العاصمة دمشق والشريط الساحلي الذي يربطها بحمص وحماه. ويشير الى انه للمرة الاولى منذ بداية الحرب الاهلية باتت قوات المعارضة على أبواب دمشق ودرعا والقنيطرة وعلى مشارف اللاذقية. لكن هذا لا يعني السقوط الوشيك، فنظام الأسد”يترنح” لكنه لا يزال واقفاً على قدميه.
لا يمكن الفصل بين ما يجري على أرض المعركة ومحاولات التسوية. وبينما يسعى بعض الاطراف الدوليين الى منع كارثة انهيار سوريا ووقوعها في قبضة التنظيمات الإسلامية المتطرفة، يحاول البعض الآخر فقط انقاذ الأسد وتعويمه.

 

رندة حيدر

النهار اللبنانية