إيران ومـ ـيـ ـلـ ـيـ ـشـ ـيـ ـاتـ ـها في شباط: 32 قـ ـتـ ـيـ ـلاً باستهدافات جوية وبرية.. والعمل على تنصيب بطاريات دفاع جوي بمحيط العاصمة.. وتوطين مستمر لعوائل العناصر والقيادات في حماة وحمص

المرصد السوري يطالب الجهات الدولية بالعمل الجاد على إخراج إيران ومـ ـيـ ـلـ ـيـ ـشـ ـيـ ـاتـ ـها من سورية وتقديم المتورطين بقتل وتهجير السوريين إلى محاكم عادلة

69

تواصل إيران وميليشياتها فرض هيمنتها المطلقة على معظم مناطق نفوذ النظام السوري وتتغلغل في عمق البلاد، غير آبهة لأحد، فلا الاستهدافات الجوية المتكررة من قبل إسرائيل أو التحالف الدولي يعيق من تواجدها ويحد منه، ولا حربها الباردة مع الروس ولا أي شيء من هذا القبيل استطاع إعاقة تحركاتها.
بل على العكس من ذلك تشهد معظم المناطق السورية تحركات يومية للإيرانيين والميليشيات التابعة لها، عبر سعي متواصل لترسيخ وجودها بأساليب عدة، وخطة ممنهجة لتغيير ديمغرافية المناطق، ويسلط المرصد السوري في التقرير الآتي الضوء على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر الثاني من العام 2023.

الخسائر البشرية
وثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 16 من الميليشيات التابعة لإيران من جنسيات سورية وغير سورية ضمن الأراضي السورية خلال الشهر الثاني من العام 2023، قتلوا جميعاً باستهدافات متفرقة جوية وبرية، وجاءت التفاصيل على النحو الآتي:
– 13 من جنسيات سورية وغير سورية باستهدافات إسرائيلية

– 2 على يد تنظيم “الدولة الإسلامية” في بادية دير الزور

– 1 من العاملين لصالح حزب الله اللبناني بحادثة فلتان أمني في درعا.

إعادة تموضع وانسحابات تشهدها منطقة غرب الفرات
تحركات مريبة: غادرت مجموعة عناصر يتبعون لمليشيا “حزب الله” اللبناني من مقر التنمية الريفية في حي هرابش بمدينة دير الزور، مطلع شباط، واتجهت نحو اللواء 137 الكائن في جنوبي المدينة، لإخضاعهم لتدريبات عسكرية بقيادة المدعو الحاج ” جعفر اللبناني”، لرفع الجاهزية القتالية تحسبا من أي هجوم محتمل من قبل “التحالف الدولي” في المنطقة، ولا سيما بعد استهداف البوكمال.
وفي الخامس من شباط، أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن ميليشيا لواء “فاطميون” الأفغاني، الموالية لإيران أخلت أحد مقراتها العسكرية داخل المربع الأمني في مدينة الميادين التي تعد عاصمة الميليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي، وسلمته بشكل كامل لعناصر “حزب الله” اللبناني.
كما كشفت المصادر، عن إخلاء الميليشيات الموالية لإيران لسجن في مدينة الميادين عقب استهدافات البوكمال، ويتألف السجن من طابقين ويحتوي على زنازين انفرادية، حيث جرى نقل المعتقلين من السجن لجهة مجهولة، وكان يستخدم لاحتجاز العناصر الذين يجري التحقيق معهم إضافة لعدد من المدنيين.
كما غادرت مجموعات من “حزب الله” اللبناني، عدة نقاط في ريف دير الزور، بعد قدوم لجنة أمنية ضمت كل من رئيس فرع الأمن العسكري في دير الزور وضباط من المكتب الأمني، صباح 13 شباط، حيث جرى تثبيت نقاط لقوات الدفاع الوطني والأمن العسكري بدلا من قوات “حزب الله” اللبناني، التي كانت تتمركز في كل من الميادين ومحكان والقريا بريف دير الزور.
وأغلق عناصر الأمن العسكري معبر “المحكان” الذي يربطها مع مناطق نفوذ “قسد”، والذي تدخل خلاله البضائع المهربة، بعد طرد المواطنين والمهربين من المنطقة.
فيما أخلت الميليشيات التابعة لإيران في 14 شباط، مقراتها العسكرية التابعة لها ضمن المدينة الواقعة شرقي دير الزور، لأسباب مجهولة، بالإضافة لإفراغ مقراتها في منطقة عين علي بأطراف الميادين، وبدأت عمليات الإفراغ عقب الزلزال العنيف الذي ضرب الأراضي السورية فجر الاثنين 6 شباط.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن الميليشيات أبقت على حراس على تلك المقرات، بينما لم ترد معلومات حول وجهة العناصر والقيادات الذين أخلوا تلك المقرات.
وفي 21 شباط، نقلت قوات “الحرس الجمهوري” نحو 250 عنصر إلى حويجة صكر على أطراف مدينة دير الزور في خطوة مفاجئة، حيث قامت بتوزيع العناصر عدة نقاط متفرقة على الجرف النهري لحويجة صكر التي تبعد بضعة كيلو مترات عن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ويأتي الانتشار في المنطقة بعد انسحاب ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني منها.
وفي 25 شباط، هبطت طائرة مروحية قرب مقر للميليشيات الأفغانية الموالية لإيران بمنطقة الحيدرية بالقرب من الميادين عاصمة الميليشيات الإيرانية في شرق سورية.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، استقدام الميليشيات الإيرانية، آلات حفر ثقيلة، ومواد بناء، باتجاه المطار الشراعي في منطقة الحيدرية التي تعد منطقة تجمع عسكري وأمني للميليشيات.
وعملت الميليشيات الموالية لإيران خلال الأشهر والأسابيع الفائتة على رفع سواتر ترابية في محيط المطار الشراعي.
وفي 28 شباط، وصلت تعزيزات للفرقتين 18 و17 التابعتين لقوات النظام إلى مدينة الميادين، حيث وصلت باصات محملة بعناصر لتبديل العناصر المتواجدين في النقاط العسكرية في المدينة التي بدأت تنحسب منها الميليشيات الإيرانية مؤخراً باتجاه ريف المدينة في إطار إعادة التموضع الذي تعمل عليه الميليشيات الإيرانية في مناطق نفوذها بدير الزور.

ملف الشحنات العسكرية: عمدت الميليشيات الإيرانية في منتصف شباط إلى استقدام أسلحة وذخائر من داخل الأراضي العراقية إلى مواقعها في محافظة دير الزور. وفي التفاصيل، فقد استغلت الميليشيات دخول مساعدات إنسانية لمنكوبي الزلازل من الأراضي العراقية، وقامت بإدخال 3 شاحنات سلاح، تضم صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وذخائر ومعدات لوجستية أيضاً، وانقسمت هذه الشاحنات فور دخولها، 2 منها تم إفراغها داخل مستودعات بريف البوكمال قرب الحدود، و1 واصلت طريقها إلى أطراف مدينة دير الزور وتم إفراغها هناك.
وفي 22 الشهر، عبر براد محمل بالسلاح تابع لميليشيات موالية لإيران ترفع الرايات العراقية من مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي باتجاه مدينة دير الزور، ويرافقه 3 سيارات مصفحة مزودة برشاشات ثقيلة وعدد من العناصر بعد انطلاقه من ريف مدينة البوكمال الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية شرقي دير الزور.

ملف الاعتقالات: شنت ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني و”حزب الله” اللبناني مطلع شباط، حملة اعتقالات في صفوف الميليشيات الموالية لإيران من الجنسية السورية في مدينتي البوكمال والميادين الخاضعتين لسيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي، حيث طالت الاعتقالات 11 عنصراً على الأقل.
ووفقاً للمصادر، فإن سبب الاعتقالات يعود للتحقيق معهم بتهمة التخابر مع “التحالف الدولي” و”إسرائيل”، ولعدم ثقة الميليشيا الإيرانية و”حزب الله” اللبناني بالعناصر الموالين لها من الجنسية السورية، والاشتباه بهم بتزويد “التحالف الدولي” بمعلومات عن تحركات الميليشيات ومواقعها.
وفي 26 الشهر، نفذت الأجهزة الأمنية التابعة لقوات النظام و بأوامر من حكومة النظام في دمشق حملة ضد مروجي وتجار “المخدرات” في مدينة البوكمال الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية شرقي دير الزور. في محاولة من حكومة النظام للظهور أمام الرأي العام بأنها تحارب تجارة “المخدرات”، حيث اعتقلت الأجهزة الأمنية 18 من السوريين المتعاملين مع الميليشيات الإيرانية التي تروج وتعمل بالمخدرات.

ملف الترويج وزعت مليشيا ” الحشد الشعبي” العراقي مساعدات إنسانية وغذائية على مدار يومين متتاليين، على أهالي في مدينة دير الزور، تحت شعار “على روح قاسم سليماني”.
وتضم المساعدات ألبسة “بالة” للنساء والرجال، ومواد غذائية ومبلغ مالي قدره 50 ألف ليرة سورية، حيث جرى التوزيع لكل شخص إما ألبسة أو مواد غذائية أو مبلغ مالي.
وفقا لمصادر المرصد السوري، فإن عناصر أمن ” الفرقة الرابعة” حاولوا الاستيلاء على كمية من المساعدات لتوزيعها على الفصيل، فيما رفضت مليشيات “الحشد الشعبي”، ووزعت بنفسها، حيث توقفت 4 سيارات نوع (بيك أب) تحمل لوحات إيرانية أمام المصرف العقاري في مدينة دير الزور، وتجمع الأهالي في طابور طويل أمام المصرف، بغية الحصول على المساعدات.
ويأتي ذلك، في إطار كسب الحاضنة الشعبية وترسيخ وجودها في الأراضي السورية مستغلة حالة عوز المواطنين في البلاد.

استغلال الفاجعة في حلب والساحل السوري
تتواصل مساعي الميليشيات التابعة لإيران بترسيخ وجودها بمناطق سورية معينة بعد أن فعلت هذا الشيء بالفعل في دير الزور سابقاً، واستغلت الميليشيا الفاجعة التي ألمت بأبناء الشعب السوري في السادس من شهر شباط الجاري، وبدأت بإدخال مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات وتوزيعها على المتضررين في حلب والساحل ومناطق سورية أخرى بهدف كسب حاضنة شعبية، إلا أن الميليشيات بدأت بعد ذلك بمرحلة جديدة من مشروعها، وهو محاولة استمالة الشبان والرجال إلى صفوفها في تلك المناطق.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن أشخاص سوريين يعملون لصالح الميليشيات، عمدوا أثناء توزيع المساعدات في حلب على ترغيب الرجال والشباب بالانضمام إلى الميليشيات على أنه “عمل”، أي يقدمون وعود لهم بفرص عمل ورواتب ثابتة بالإضافة لحوافز وسلل غذائية دورية، وذات الشيء فعلته الميليشيات في مناطق الساحل السوري ومناطق سورية أخرى.
وأضافت مصادر المرصد السوري، بأن عدد لا بأس به من الأشخاص وافقوا على عرض الميليشيات، وخاصة بعد أن قالوا لهم بأنهم سيفتتحون مقرات جديدة في المناطق آنفة الذكر وأن دورهم ليس له أي صلة بالعسكرة.
يأتي ذلك في إطار مساعي الميليشيات لاستقطاب الشبان والرجال وكسب حاضنة شعبية لترسيخ وجودها في عموم المناطق السورية.
يذكر أن ميليشيا الحشد الشعبي العراقي استقدمت أكثر من ألف شاحنة تضم مساعدات إنسانية وإغاثية إلى الأراضي السورية وأشرفت على توزيعها بشكل شخصي لمتضرري الزلزال في سورية.

مخاوف وحذر في الريف الحمصي
كثفت ميليشيا “حزب الله” العراقي أوائل شباط دورياتها الأمنية على الطريق الواصل ما بين بلدة مهين وحوارين وصولاً إلى بلدة القريتين بريف حمص الشرقي. وجاء ذلك، على خلفية الهجوم الذي نفذه مسلحين مجهولين في 29 كانون الثاني الفائت، على أحد الدوريات، والذي أدى إلى إصابة خمسة من عناصرها.
ووفقا لمصادر المرصد السوري، فإن دوريات “حزب الله” العراقي اعترضت طريق المدنيين والسيارات التي تعبر المنطقة من خلال تفييش أسماءهم وفقاً للوائح أسمية “لديهم” من المطلوبين، بتهمة التخابر مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، ونقل معلومات عسكرية حول نقاط تمركز الميليشيات الموالية لإيران في المنطقة.
وشهد ريف حمص الجنوبي الشرقي بالقرب من منطقة مستودعات مهين تعزيزاً للحواجز والنقاط العسكرية التابعة لميليشيا الحرس الثوري الإيراني، والتي تمثلت بإقامة سواتر ترابية حول النقاط، تحسباً لأي هجوم محتمل من قبل عناصر “التنظيم” الذين كثفوا هجماتهم العسكرية في الآونة الأخيرة ضدّ مواقع قوات النظام والميليشيات الداعمة له.
وتسببت الإجراءات المتبعة من قبل الدوريات الأمنية التابعة لميليشيا حزب الله العراقي بموجة من الاستياء بين أهالي قرى وبلدات ريف حمص الجنوبي الشرقي، وسط تخوفهم من عمليات انتقامية من قبل عناصر الحزب، ولا سيما بعد تعرض إحدى دورياتهم لهجوم مسلح يعتقد بتبعيتهم لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وفي الثالث من شباط، نقلت مليشيا الحرس الثوري الإيراني سلحة وذخائر من مواقع تمركزها بمدينة السخنة ومستودعات مهين الاستراتيجية نحو جهة مجهولة.
ورجحت مصادر خاصة للمرصد السوري أن التحركات الإيرانية الأخيرة تهدف من خلالها تجنب الضربات الجوية الإسرائيلية على غرار ما حصل بمنطقة البوكمال قبل عدة أيام.
وأشارت المصادر إلى خروج رتل عسكري مؤلف من 5 شاحنات من منطقة السخنة تحت حماية مشددة.

استباحة متواصلة من قبل إسرائيل
تواصل إسرائيل استباحة الأراضي السورية، حيث شهد شهر شباط استهداف وحيد، من قبل إسرائيل تسبب بسقوط قتلى وجرحى وخسائر مادية، وجاءت التفاصيل الكاملة وفقاً لتوثيقات المرصد السوري على النحو التالي:

– 19 شباط، استهدفت طائرات إسرائيلية وقع تتواجد ضمنه ميليشيات إيرانية و”حزب الله” اللبناني، في منطقة واقعة ما بين السيدة زينب والديابية بريف دمشق مما نتج عن حرائق وانفجارات في الموقع المستهدف، ودمرت الصواريخ الإسرائيلية قبو مبنى قرب مدرسة إيرانية في كفرسوسة، ومن ضمن الحصيلة استشهدت سيدة، نتيجة سقطوط صاروخ عند دوار المزرعة بدمشق.
كما استهدفت ضربات الإسرائيلية كتيبة الرادار في تل مسيح جنوب شهبا في السويداء.
وتسبب القصف بمقتل 15 شخص في قبو مبنى بكفرسوسة، هم: 2 من المدنيين، و7 من العسكريين السوريين 3 ضباط ومرافق قائد كتائب البعث، و5 مجهولي الهوية، وعضو في الجناح العسكري لميليشيا “حزب الله” اللبناني.

ويؤكد المرصد السوري بأن إيران لا تستطيع الرد على إسرائيل لأن الموازين ستنقلب حينها، حيث تكتفي في بعض الأحيان بإطلاق بعض القذائف باتجاه الجولان السوري المحتل عن طريق ما يعرف بـ“المقاومة السورية لتحرير الجولان” المدعومة من “حزب الله” اللبناني وإيران.
وفي ذات الوقت، تقصف إسرائيل المواقع الإيرانية بضوء أخضر روسي من أجل تحجيم دور إيران في سورية، أما الجانب الأمريكي فيبرر الموقف الإسرائيلي بحق تل أبيب في الدفاع الشرعي عن نفسها ومصالحها تجاه التهديد الإيراني لها، إضافة إلى عدم رغبتهم في التواجد الإيراني بسورية.
وعلى ضوء ما سبق، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان، يطالب بتحييد المدنيين والمناطق السورية عن الصراعات الإقليمية، فالمنشآت والمناطق المستهدفة هي ملك للشعب السوري وليست لإيران ولا لميليشياتها.
ويشدد المرصد السوري على ضرورة إخراج إيران وميليشياتها من سورية بشتى الطرق والوسائل، شريطة ألا تهدد تلك الوسائل حياة المدنيين وتلحق الضرر بالممتلكات العامة التي هي لأبناء الشعب السوري.