ارتدادات الأزمة الروسية الأوكرانية على سوريا

30

ليست مصادفة أن يزور وزير الدفاع الروسي سوريا ويلتقي ببشار الأسد في الوقت الذي تشهد فيه الحدود الروسية الأوكرانية توتراً شديداً ينذر بحرب وشيكة بين البلدين، قد تتحول إلى حرب عالمية إذا ما قررت موسكو البدء بشن هجومها العسكري على كييف.

تلك التوترات أكدت بما لا يدع مجالا للشك أنّ الهدف الاستراتيجي لروسيا ليس حماية نظام الأسد أبداً، وإنما كسر الحصار المفروض عليها من الناتو والخروج من الدرع الصاروخية عن طريق بناء قاعدة حميميم التي أصبحت رأس حربة لروسيا، إذ مكّنت موسكو من تهديد أوروبا، باعتبارها الأقرب في الحوض الشرقي للبحر المتوسط.

قاعدة حميميم أصبحت أيضاً على مقربة من قواعد حلف شمال الأطلسي في إيطاليا وقبرص واليونان وتركيا وقد تشكل تهديداً لتلك القواعد وبالتالي فهي تشكل الخطر الأكبر على حلف شمال الأطلسي منذ إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في نهاية عام 2017 أنّ “القائد الأعلى للقوات المسلحة وافق على هيئة وقوام نقاط المرابطة في طرطوس وحميميم. ونحن بدأنا بتشكيل مجموعة هناك على أساس دائم”.

وفي حين يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي في الشرق فإنّ ورقة خط الغاز “نورد ستريم” حاضرة لتهديد أوروبا في الوقت الذي تحولت فيه القارة الأوروبية إلى الغاز الطبيعي، وهذا يعني أنّه لوّح بورقة اقتصادية مهمة في حال وافقت على دخول أوكرانيا إلى حلف الناتو، وهذا ما دفع بعض دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا إلى قطع وعود بعدم التصويت على دخول أوكرانيا إلى الناتو.

إذن فالرئيس الروسي أعد العدة لمواجهة كل الدول التي تشكل خطراً على مشروعه التوسعي من خلال ورقتين إحداهما عسكرية والثانية اقتصادية، تصب جميعها في خانة الابتزاز السياسي، إلا أنّ باب الخيارات أمام الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا مفتوح على مصراعيه، ففي واشنطن طالب أعضاء في الكونغرس الأمريكي بمنع افتتاح خط الغاز “نورد ستريم2” وحذروا من أن خط الأنابيب الجديد قد يسمح لموسكو بممارسة نفوذ أكبر على القارة الأوربية، وتجويع أوكرانيا من خلال فقدان رسوم العبور التي تحصل عليها من خلال شبكة خطوط الأنابيب الحالية، التي تعتبر بالغة الأهمية لاقتصاد كييف، وهذا ما أكده الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما اعتبر أنّ “نورد ستريم 2” لن يمضي قدماً إذا غزت روسيا أوكرانيا.

أمّا في سوريا فإنّ المناورات العسكرية التي تنوي موسكو تنفيذها لا تعدو كونها استعراض قوة أمام حلف شمال الأطلسي وإن كانت الأسلحة التي نقلتها روسيا إلى قاعدتي حميميم وطرطوس تضم مقاتلات من طراز “ميغ 31 ك” الحاملة لصواريخ “كينغال” الأسرع من الصوت، وقاذفات “تو 22 م”، فكل الأطراف بما فيهم روسيا يعلمون أنّ الحرب على كييف ستتحول إلى حرب عالمية ثالثة قد تمتد لفترة غير قصيرة، لذلك حملت تركيا على عاتقها مهمة السعي إلى حلول دبلوماسية، وأعلنت عبر وزير خارجيتها مولود جاوش أوغلو، استعدادها لاستضافة اجتماعات بين روسيا وأوكرانيا، وهذا ما عكسه اتصالان منفصلان أجراهما “أوغلو” مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والأوكراني دميترو كوليبا.

 

 

 

 

الكاتب: سامر العاني – المصدر: TRT ARABI