استمرار أزمة الغاز ونقص مستلزمات المعيشة الرئيسة العاصفة بمناطق النظام ترفع من استياء السكان مع تعمد النظام والبائعين إذلالهم وإهانتهم ضمن طوابير الانتظار

31

“فوق الموت عصة قبر”، لم يجد سكان من مناطق سيطرة النظام ما يعبر عن حالتهم أكثر من هذا، فالأوضاع المعيشية باتت مزرية للغاية، وفي كل يوم يمضي يزداد فيه طول الطوابير، ضمن كافة مناطق سيطرة النظام، فمن طابور الخبز إلى طابور الغاز إلى الباحثين عن حليب أطفال، وغيرها من المستلزمات الأساسية للمعيشة، وما زاد في هذا الوضع، هو تعمد سلطات النظام إلى محاولة التنصل من مسؤوليتها عن هذه الأزمة وإلصاقها، بشجع التجار الذي أكد أهالي للمرصد السوري لحقوق الإنسان أنهم باتوا يعتمدون على دوريات في ردع السكان وتجاوز الأمر حده إلى أن وصل بالدوريات هذه إلى إهانة السكان وتوجيه الشتائم والسباب لهم، كما حدث في أحياء بمدينة حلب ومناطق أخرى ضمن نفوذ قوات النظام، الأمر الذي صعَّد من استياء السكان وسط مطابلات بمحاسبة الدورية والمسؤولين المحليين في الأحياء التي جرت فيها إهانة السكان على مسامعهم دون أن يتحركوا أو ينتصروا للمواطنين الذين ينتظرون منذ أيام في طوابير للحصول على الخبز والغاز والمحروقات وغيرها من مواد يحتاجها السكان

وفي الوقت الذي فرض فيه النظام سيطرته على أكثر من 60% من مساحة الأراضي السورية، وضعت حكومة النظام نفسها في مأزق كبير، هذا المأزق الذي لم تحاول إظهاره إعلامياً بل تعمدت تجميله وإخفاءه، عبر أدوات إعلامية لطالما كرَّست نفسها للخدمة ذاتها في كل الميادين العسكرية والإعلامية والإنسانية، إذ رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار عاصفة الاستياء الشعبي بالتصاعد بشكل متسارع، في مناطق سيطرة قوات النظام من القاطنين والمقيمين فيها من استمرار التضييق على السكان ومواصلة المعاناة في سبيل تحصيل لقمة العيش ومسلتزمات الحياة الرئيسية، حيث رصد المرصد السوري ازدياد الانتقادات يوماً بعد الآخر، مع اتساع رقعة النقد من إعلاميين وفنانين ومثقفين وفعاليات اجتماعية ومواطنين، وتحدث إعلاميون متهكمين على مطالب حكومة النظام للمواطنين السوريين بالعودة إلى “حضن الوطن”، متسائلين عن أي عودة يجب الحديث، عودة إلى طوابير الغاز أم إلى طوابير الوقود، أم الكهرباء المقطوعة وغلاء الأسعار وانعدام الكرامة التي غابت جنباً إلى جنب مع غياب الخبز والنقص الحاد في أغذية الأطفال، الأمر الذي يدفع الناس منذ أيام طويلة للوقوف في طوابير بغية الحصول على أي من المواد التي تتوفر من غاز أو وقود أو خبز

المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد خلال الأيام الفائتة، تصاعد مطالب المواطنين والفعاليات الاجتماعية، من تحسين الواقع المعيشي وإحداث انفراج في حياة السكان الذين بدأ الاستياء يعتريهم بشكل كبير، إلى مطالبة باستقالة حكومة النظام التي يقودها عماد خميس الذي كان يشغل سابقاً منصب وزير الكهرباء قبيل تنصيبه رئيساً للوزراء، فيما وثق المرصد السوري وفاة طفلة في مدينة حلب جراء تردي وضعها الصحي نتيجة انعدام الغذاء ووسائل التدفئة وبسبب الأوضاع الإنسانية القاسية التي تمر بها مناطق سيطرة قوات النظام التي تعصف بها حالة من انقطاع المواد الأساسية للحياة والمعيشة، وهي ثاني طفلة تفارق الحياة نتيجة الأوضاع التي تقاسيها المناطق آنفة الذكر، ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان في الـ 15 من شهر كانون الثاني / يناير الجاري انه لا تزال مناطق سيطرة النظام تشهد استمرار الاستياءات، في رد صارخ للسكان على الأزمة الخانقة التي تسري بدون حل، وبدون التفات من حكومة النظام، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الـ 24 ساعة الأخيرة إقدام رجل متقدم في السن، على محاولة الانتحار في مدينة حماة، عبر رمي نفسه في مجرى نهر العاصي بمنطقة أم الحسن في مدينة حماة، ما تسبب بتعرضه لإصابة بليغة، وأكد سكان ومقربون من الشخص، أن محاولة الانتحار جاءت على خلفية تعسر تدبُّر المعيشة، فيما كان المرصد السوري نشر قبل 24 ساعة من الآن، أنه تتوالى الاستياءات مخيمة على المقيمين والقاطنين ضمن مناطق سيطرة قوات النظام البالغة أكثر من 60% من مساحة الأراضي السورية، لتزيد من الاحتداد بين السكان والسلطات القائمة عليهم، فمنذ أيام لا يزال المرصد السوري لحقوق الإنسان حالة استياء واسعة في أعقاب أزمة مواد تدفئة وغاز منزلي تشهدها مناطق سيطرة قوات النظام، ففي الوقت الذي يعصف به شتاء بارد الأراضي السورية، يظهر الاستياء وهو يصعد الأدراج لترتفع نسبته مع كل تأخير من قبل سلطات النظام وحكومتها في حل المسائل العالقة المتعلقة بمعيشة المواطنين الذين أظهروا استياءهم الشديد من هذه اللامبالاة التي أبدتها سلطات النظام، ورصد المرصد السوري تجاوز الاستياء إلى حالة تعبير واضحة عنه وبطريقة صارخة، إذ ظهر شريط مصور لمقاتل سابق في صفوف قوات النظام، كان قد تعرض لإصابة سابقة، خلال خدمته في صفوف النظام منذ نحو 5 سنوات، وهو يدعو لإسقاط نظام بشار الأسد من وسط مدينة طرطوس التي تعد المحافظة الوحيدة التي لم بقي النظام يفرض سيطرته عليها في معظم السنوات الفائتة منذ انطلاقة الثورة السورية، فيما أبدت فعاليات من داخل مناطق سيطرة النظام مخاوفها من قيام النظام بالانتقام من مؤيديه وحاضنته بدلاً من إيجاد حلول شاملة تنهي الأزمة الخانقة الجارية في مناطق سيطرته على الأراضي السورية.

حالة الاستياء هذه شهدت تضامناً من فنانين ومثقفين وفعاليات مختلفة، طالبت رئيس النظام والحكومة التابعة للنظام بالتدخل الفوري، لحل الأزمة التي تعصف بالسكان، فيما هدد أحد العاملين في المجال الطبي في مناطق سيطرة النظام، بالانتحار بتاريخ الـ 18 من كانون الثاني / يناير من العام الجاري 2019، في حال لم يتدخل رئيس النظام السوري ولم يتمكن مع الحكومة التابعة لنظامه من حل الأزمة العالقة، وتأمين التدفئة والوقود والغاز المنزلي للسكان، وإحداث انفراجة كبيرة في حياة السكان الذين باتوا ينتظرون في طوابير أمام مراكز بيع أسطوانات الغاز المنزلي، وتوعد العامل في المجال الطبي بتنفيذ الانتحار بسبب “الوضع العام وليس بناء على وضع شخصي”، فيما لا يزال السكان في حالة استياء متصاعد وسط غموض يلف طبيعة الأيام القادمة وفيما إذا كانت سلطات النظام قادرة على إحداث أي تغيير في حياة السكان المعيشية، وتحدث سكان للمرصد السوري عن أن النظام “يعمل على افتعال الأزمات من خلال تجار الحرب لتحقيق ربح أكبر والبيع بأسعار مضاعفة، وما يجري ليس إلا افتعالاًن فبعد أن نهبوا الأخضر واليابس لم يبقَ لهم بعد التعفيش سوى رواتب الموظفين وأجور العمال ليشبعوا بها جشعهم”، وأضاف السكان ::””رأينا كيف أن التعفيش لم يتمكن حتى المسؤولون الكبار في سلطة النظام من إيقافه، بل كان مصير المنتقدين هو الإسكات بطرق مختلفة، واليوم نرى هذه الأزمة تجري بعيداً عن اهتمام المسؤولين المكتفين من كل شيء”