اطلاق”المبادرة من أجل جمهورية سورية اتحادية”..واطلاق النار عليها

22
أصدرت “هيئة القانونيين السوريين” بياناً حذرت فيه من نتائج “ما صدر مؤخراً من مبادرات وورشات عمل ابتعدت عن أهداف الثورة، واعتمدت أنظمة وتسميات تفضي إلى تقسيم سوريا وتصدير الثورة السورية على أنها خلاف بين مكونات الشعب السوري”.

وكانت “مبادرة من أجل جمهورية سورية اتحادية” قد صدرت عن مجموعة من المعارضين والمثقفين السوريين، بتنسيق من الصحافي ابراهيم الجبين، وتضمنت المبادرة، وورقة فكرية كتبها أحمد برقاوي، وورقة اقتصادي كتبها أسامة القاضي.

وتأتي المبادرة في 64 صفحة، وساهم بوضعها كل من محمد الفارس، وسميرة مبيض، ورضوان باديني، وممتاز الشيخ، ومرح البقاعي، ومحمد علي ابراهيم باشا، ووليد عبدالقادر، ودرويش خليفة، وحافظ قرقوط، وبهاء الدين نجيب، وخطار أبو دياب.

و”المبادرة” تهدف إلى “الإعلان الفوري عن قيام الجمهورية السورية الاتحادية، دون انتظار السقوط الحتمي القادم للأسد. بالبدء بالتوافق على إعلان دستوري يصوغه قانونيون متخصصون، ويبدأ تطبيقه على الأراضي التي تحكمها قوى الثورة، بعد إلغاء جميع القوانين التي وضعت في عهد الأسد والمتضمنة تقييد الحريات والنيل من كرامة المواطن وقيمه”.

“المبادرة” أكدت أن إعلان قيام الجمهورية السورية الاتحادية يأتي “انطلاقا من الشمال، وصولاً لإعلان نجاح الجمهورية من دمشق في القريب العاجل”. وتؤكد على وحدة سوريا، وإعادة السيادة على كامل ترابها، وضمان حقوق ثقافاتها ومكوناتها القومية والمذهبية المتعددة.

ويدعو القائمون على المبادرة إلى “حماية الإقليم الشمالي مما يتعرض له من تدمير وقصف”.

وتقوم “الجمهورية السورية الاتحادية” على توزيع إداري يأخذ بعين الاعتبار الوقائع الجغرافية والثقافية والاقتصادية، بعيداً عن التمييز القومي والطائفي، ومراعاة خصوصية المكونات القومية وشعوب المنطقة وضمان حماية حقوقهم التي تم انتهاكها في كافة عهود الاستبداد”، بحيث “تضم الجمهورية أقاليم جغرافية متآخية مرتبطة بعضها ببعض بمركزية سياسية واحدة هي في العاصمة دمشق، وبحكومات محلية إدارية منتخبة ومنبثقة من سكان كل إقليم”.

توزيع الأقاليم غير منجز في المبادرة، ويتعلق بما ستراه الهيئة التأسيسية، ولكنه يحقق هدفين: “تحقيق الحياة المعشرية السورية العامة، والعدالة في توزيع الثروة”.

المبادرة أعلنت مدينة إدلب عاصمة مؤقتة للجمهورية الاتحادية، واستعادة زمام الحكم فيها بأيدي القوى المدنية المحلية، إلى حين عودة دمشق بعد تحريرها من قوى الاستبداد. ورفضت المبادرة وجود أي سلطة قمعية مصنفة إرهابية أو غير مصنفة. فمستقبل سوريا السياسي في الدولة الاتحادية لا يمكن أن يكون إلا نقيضاً لأي سلطة عسكريتارية مليشياوية تناقض قيم الحرية والكرامة والمواطنة مهما كان لباسها الإيديولوجي لان روح الإرهاب تكمن فيها.

بيان “هيئة القانونيين السوريين” فتح النار على المبادرة مباشرة، وقال: “طرحت مبادرتها حول تطبيق أنظمة حكم تؤدي بالنتيجة إلى تقسيم سوريا إلى أقاليم وتقسيم المقسم، وإعطاء فرصة لنظام الأسد والأحزاب والجهات الانفصالية لإنجاز مخططهم بتقطيع أوصال سوريا بحيث يكون لكل حي أو مدينة دويلة أو إمارة وفق العرق أو اللون أو الدين والمعتقد أو الجماعة بعيدا عن الوطنية والمواطنة”.

وأشارت “الهيئة” إلى أن “تطبيق مبدأ الاتحاد الفيدرالي واللامركزية السياسية في هذا الوضع سيؤدي حتما لتقسيم سوريا في ظل غياب الاقتصاد القوي والجيش الوطني المتماسك، بالإضافة إلى تفشي الجهل والتخلف والفوضى السياسية، وغياب الوطنية للحفاظ على وحدة سوريا وغياب القدرة على منع استقلال الأقاليم في حال تطبيق هكذا نماذج”.

“المرصد السوري لحقوق الإنسان” هاجم المبادرة بدوره، وقال: “إن أقل ما تقر به المبادرة صراحة هو الدعوة إلى الفيدرالية السياسية من جهة، أو تقسيم سورية كونفيدرالياً على أقل تقدير، في خطوة غريبة ومفاجئة لم تتجرأ على طرحها حتى قوات سوريا الديمقراطية التي تراجعت عن فكرة الفيدرالية بعد فشل مشروع روج آفا والتحول إلى الإدارة الذاتية”.

وأضاف: “إطلاق المبادرة يبدو أنه جاء ارتجالاً، حيث الجهل الواضح لفكرة نشوء الدول الاتحادية، التي تنشأ بداهة بين دول مستقلة ثم تتحد بإرادة مستقلة، عندما تجد نفسها أمام حالة من الانسجام والتفاهم، ووجود القواسم الإيجابية لإنشاء الدولة الاتحادية. أما في حالة المبادرة فالدولة الاتحادية التي تم الإعلان عنها بشكل فوري، فهي وليدة حالة من الصراع المحتدم بين القوى الإقليمية والدولية، كما وليدة الانقسام الحاد داخل المجتمع السوري، بسبب تداعيات الصراع وما تركته سنوات الحرب من انقسامات عميقة طائفياً وإثنياً وسياسياً، وبالتالي فالمبادرة تشكل قفزاً فوق مراحل تأسيس العقد الاجتماعي ومحدداته. ما يعني أن المبادرة جاءت لتكرس وتؤكد هذا الانقسام والتشرذم، وبالتالي تقسيم سوريا أرضاً وشعباً بدءاً من الاعتراف بواقع الصراع”.

المصدر: المدن