«اقتصاد الحرب» يطيل المأساة السورية… لكنه مفتاح «قذر» للسلام

31

في دمشق، ثلاثة شبان كانوا يعملون معاً في مكتب. قفزوا فجأة من طبقة اقتصادية – اجتماعية الى اخرى. انتقلوا من حزام العشوائيات الى «المنطقة الخضراء». امتلأت خزائنهم. قبل أيام تلقى احدهم اتصالاً من زميله: «اريد منك خمسة ملايين دولار أميركي، او أخفيك». ظنها مزحة من «صديق»، ولم يستجب لإلحاحه. فجأة اختفى فعلاً وسط العاصمة السورية. بعد أيام من ذلك، تلقى الثالث اتصالاً مشابهاً: «أريد مئة مليون ليرة سورية، او اخفيك». لم يتهاون مع الطلب. اعطاه معظم المبلغ. في اليوم التالي، صار في بيروت في طريقه الى دول غربية.

في ريف حمص وسط البلاد، كان مسؤول أمني في طريقه من الساحل الى دمشق. كان يحمل بطاقة هوية مدنية غير بطاقته الامنية للتمويه وتجنب الخطف او القتل وضمان الإبحار عبر الحواجز وتجاوز قوائم الاعتقال و «الإخفاء» الموجودة على كومبيوترات «أمراء الحرب». ذات يوم، على حاجز تابع لـ «قوات الدفاع الوطني»، طلب عنصر منه مبلغاً كي يمرره. رفض «الضابط». وبعد جدل على حافة الرصاصة، وضع هويته الامنية في رأس العنصر. جاء رئيس هذه المجموعة من «اللجان الشعبية»، قال للمسؤول: «صدقني يا سيدي، اذا طلبت منهم التوقف عن اخذ الأتاوات، سيتمردون علي ولن يتوقفوا. بات العمل في الحاجز مصدر دخل وسلطة هائلين من الصعب التنازل عنهما». زاد: «عناصر مجموعتي كان بعضهم عاطلاً من العمل او يعمل في ورش بأجور زهيدة. أما الآن، صار كل منهم يملك اموالاً وأراضي وأبنية. انتقلوا من الحرمان الى البذخ. كيف ستقنع هؤلاء بالعودة الى حياتهم السابقة والتخلي عن سلطة السلاح والثروة؟».

عندما كانت المفاوضات جارية لوقف النار في مدينة حمص… وكلما اقتربت لجنة الوساطة من توقيع اتفاق، كان يسقط صاروخ على طاولة التفاوض او تنفجر قنبلة او سيارة مفخخة. لم تكن للميليشيات مصلحة في رفع الحصار. كانت تريد تفجير اي مشروع اتفاق. كان «الأمراء» على الحواجز المتحكمة بدخول المواد الغذائية الى الأحياء المحاصرة يجنون اموالاً طائلة من العمولات لتمرير الناس وأغراضهم ومن حمل الاثاث من بيوت مهجورة من أهلها.

بين دمشق وضواحيها، الوحيد الذي كان قادراً على كسر الحصار المفروض على الغوطة الشرقية، هو «الدولار». في الامكان توصيل اي بضائع من سوق الخضار في دمشق الى ضواحيها شرط دفع العمولات المطلوبة والمضاعفة. كانت الشاحنات تمر عبر الحواجز النظامية والمعارضة، ولكل حموله ثمنها. الدولار موجود في «اراضي المعارضة» بسعر يعكس وفرته على عكس «مناطق النظام». لكل سوق سعرها. أما المناطق المحاصرة التي تنال اهتماماً دولياً، مثل مخيم اليرموك للفلسطينيين، فإن «اقتصاد الحرب» يقوم على عمولات من ادخال مساعدات «الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين» (اونروا) الى من بقي حياً بعد الحصار والقصف والمعارك او من إدراج قوائم المستفيدين او ربما من اعادة بيع المواد التي يستحقها الجوعى.

وفي طرف العاصمة الغربي، دشن رجل اعمال قبل اسابيع مشروعاً «ترفيهياً» بكلفة وصلت الى ٢٥ مليون دولار أميركي. هذا الشخص كان يملك قبل سنوات مطعماً عادياً في الطرف الجنوبي من دمشق. تحالف المال – السلطة نقله من ضفة الى اخرى في دمشق. عاند البقاء على خطوط النار واستفاد مع عدد قليل من ملاك المصانع والشركات. كما «سن رجال اعمال آخرون أسنانهم استعداداً للمشاركة في كعكة مشروع تنظيم الأحياء الشامية المدمرة من القصف والمعارك، بما يضمن اعادة انتاج احزمة أمان للنظام ورجال اعمال مستفيدين، حيث ان كل واحد منهم يريد حصة بمقدار مشاركته في تمويل الحرب»، وفق قول احدهم.

في شمال شرقي البلاد، عندما كان الاتحاد الاوروبي يدرس العام الماضي رفع الحظر عن تصدير النفط من «المناطق المحررة» لتمويل موازنة الحكومة الموقتة للمعارضة، دخلت الكتائب المسلحة المعارضة في اقتتال للسيطرة على آبار النفط ومصافيه وحقول الغاز وأنابيبها ومصانعها في شمال شرقي البلاد. ايضاً، تصارعت الفصائل، «معتدلة» وإسلامية وجهادية، لوضع البندقية والأليات الثقيلة على البوابات الحدودية مع تركيا والتحكم بخطوط امداد السلاح والبضائع وممرات صهاريج نقل المشتقات النفطية وعبور النازحين والزائرين وبضائعهم، ذلك ان احد المعابر الحدودية يوفر يومياً مليون دولار أميركي من رسوم المرور.

اما في اروقة دمشق، فصراع من نوع آخر: سمحت الحكومة بتأسيس «شركات أمن» لحماية امدادات نقل النفط ومشتقاته من «مناطق الارهابيين» مثل «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) الى «كنف الدولة» مع تفاهمات اخرى تخص المناطق ذات الغالبية الكردية. صار التنافس على الحصة بين الموالي للنظام والأكثر ولاءً. وعبر السنوات، تشكلت شبكات تتبادل المنافع من تزوير جوازات السفر وتهريب الآثار الى اطلاق معتقلين وتمرير بضائع وتسهيل انجاز معاملات في مؤسسات الدولة والنظام والحكومة، اضافة الى توفير المازوت والطاقة والمواد التي باتت نادرة وأساسية بديلاً من الكهرباء الغائب المنتظم عن شوارع دمشق.

«ابو الجثث»

راجت «تجارة الخطف» مصدراً رئيساً لتمويل الحرب وفرض الطاعة والولاء ورسم حدود التموضع السياسي. في حال خطف شخص في مناطق المعارضة، يلجأ من تبقى من اهله الى «شيخ» او «كلاشنيكوف» للتوسط والإفراج عنه وإبعاده عن فوهة البندقية. وظهرت مهنة جديدة في مناطق المعارضة هي «ابو الجثث»، ذلك الشخص الذي يجول في البراري المجاورة للقرى وأطراف المدن بحثاً عن جثث او ما تبقى منها لينقلها الى قبور حفر منها «ابو القبور» عدداً احتياطياً مقابل اموال تُجمع له من تبرعات من تبقى في هذه الأحياء والقرى. ويجب ان يعلن لمن يسأله ويتبرع لمن لا يسأله انه «قتل برصاص المجموعات الارهابية المسلحة». وصفة صارت معروفة للمرور عبر خطوط التماس بين الحواجز النظامية والمقابر. لكنها، ليست ضرورية اذا كانت المسافة بين «جثة الشهيد» وبقاياه والقبر المحفور بالفؤوس او بفضل «برميل متفجر» طالما انها ضمن اللون السياسي «المحرر».

في حال خطف شخص في مناطق النظام يلجأ الناس الى «شبيح» او «رجل ظل» مربوط بمرجعية تساعد على الإفراج عنه ولكل «حالة» ثمنها. قال احدهم: «احياناً الاموال تحل المشكلة وفي احيان اخرى يكون الخطف من الجانبين لأسباب سياسية، وقتها لا تحل الاموال المشكلة». وهنا، برزت «مهنة» تجميع قتلى النظام برؤوس او من دونها عندما تكون قادمة من معقل تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) في اكفان لنقلها عبر خطوط النار الى الساحل، حيث يدفع «الشهداء دفاعاً عن الوطن». هناك صنعة اخرى تجني ارباحاً. بيانات الوفاة وجثامين القتلى تحت التعذيب في المعتقلات. هناك، يجب الإقرار خطياً بأن الضحية «قتل برصاص المجموعات الارهابية المسلحة».

هذه بعض شهادات قدمها خبراء عن «اقتصاد الحرب» في سورية خلال اجتماع عقد في مدينة بازل السويسرية بمبادرة من «الوحدة الاستشارية لصنع السلام» ومشاركة رئيسة من خبراء سوريين جاء بعضهم من سورية وخطوط النار وأكاديميين غربيين يحملون تجارب مناطق نزاعات اخرى، اضافة الى خبراء من مكتب الممثل الدولي ستيفان دي ميستورا لإيجاد رابط بين «تجميد» الصراع واتفاقات وقف النار و«اقتصاد الحرب».

وتناول احد الاكاديميين الغربيين الذي عمل في البلقان «اقتصاد القتال والمعارك بين أمراء الحرب واللاعبين غير الحكوميين واقتصاد الظل ونشاطاته» وصولاً الى التكيف الحاصل لدى الافراد ورجال الاعمال الذين يمارسون نشاطات ويقيمون مصالح ضمن شبكة اقتصاد انتعشت في موازاة انهيار شبكة الدولة، مع اشارة الى تعريف الجغرافي والمؤلف الكندي فيليب لو بيون لـ «اقتصاد الحرب» انه «نظام إنتاجي وتعبوي يعمل على توفير الموارد الاقتصادية لضمان استمرارية حالة العنف». وقال بروفيسور غربي ان «الصراع على الثروة والسلطة يحصل في الانتقال من النظام الشمولي الى الديموقراطي. النظام الديكتاتوري مستقر، ايضاً النظام الديموقراطي، لكن الفوضى تحصل في التحول من نظام الى آخر».

واتفق اكثر من مشارك على انه لم يعد هناك «اقتصاد سوري»، بل «اقتصادات» في سورية. بالتالي، ارقام الاقتصاد الكلي لا تعدو كونها مؤشراً دلالياً تختلف اسقاطاتها من «جزيرة» الى اخرى. عملياً بعد نحو أربع سنوات من اندلاع الاحتجاجات السلمية قبل تحولها الى صراع مسلح، لا يمكن الحديث عن اقتصاد سوري بهرمية واضحة. انتهاء السيطرة الشمولية عسكرياً وسياسياً، انسحب على الاقتصاد ايضاً. وانتهاء سورية المركزية ترجم بتشظي «الاقتصاد المركزي» باستثناء بقاء بعض الامور الرمزية والشرايين النابضة في الجسم السوري المتعلقة بالرواتب والطاقة وبعض الخدمات.

اقتصاد حلب والرقة وإدلب في شمال البلاد وشمالها الشرقي، الخارج عن سيطرة النظام بات مرتبطاً بالاقتصاد التركي. وانتقلت مصانع كثيرة من «العاصمة الاقتصادية» وثاني اكبر مدينة في سورية الى تركيا. مصالح اهالي درعا وحوران في الجنوب متشابكة مع اقتصاد الاردن وساهم مستثمرون سوريون في «انعاش» حالة اقتصادية. اقتصاد الشرق مرتبط بـ «داعش» وعابر للحدود الى شمال غربي العراق. اما المناطق ذات الغالبية الكردية، في شمال شرقي سورية، فنشأ فيها «نظام اقتصادي ملأ الفراغ الحاصل من انسحاب النظام. ووفرت الادارات الذاتية الكردية الماء والغذاء والطاقة، ما لم يحصل بالسوية ذاتها في مناطق النظام والمعارضة».

وفي دمشق، استقرب تجار ومستثمرون وسماسرة بيروت سياسياً واقتصادياً، فتحولت الى نقطة انتظار الكفة التي سيميل اليها الصراع السوري قبل حسم الموقف السياسي. منهم من موّل من جيب «اللجان الشعبية» الموالية للنظام، ومن جيب آخر فصائل مسلحة معارضة. يد الى «الشبيحة» وأخرى الى «الارهابيين». وفي ذهن كثير من رجال الاعمال التجربة المرة للجوء الستينات بعد التأميم، عندما تحول الموقت الى اقامة دائمة. باتت بيروت وعواصم من اوروبا الشرقية ودول عربية ايضاً نقطة ربط بين اقتصاد الظل السوري وشبكة «الاحتيال» على العقوبات للوصول الى الاقتصاد العالمي، على رغم القيود المفروضة على الاعمال المصرفية للسوريين عموماً.

هناك على الارض، «امراء الحرب» ليسوا فقط سياسيين وعسكريين يتصارعون على النفوذ ويقاتلون ويقتلون فحسب. وسجل مرات عدة عدم استجابة «امراء محللين» اوامر قادتهم في دمشق، مركز القرار. ولاحظ احد المشاركين القادمين من دمشق «تسرب» عدد كبير من العاملين في القطاع العام و «تطهير» بعض المؤسسات من «الرماديين او المعارضين» بإدخال موظفين من «النواة الصلبة» من اسر القتلى والموالين وأسر عناصر «قوات الدفاع الوطني» وضباطها وملء فراغ خروج نحو اربعة ملايين سوري من البلاد ونزوج نحو 6.5 مليون شخص.

كما انتقل الثقل الاقتصادي الداخلي من حلب الى طرطوس في الساحل السوري، حيث لجأ اليها رجال اعمال ونازحون هرباً من المعارك وأسسوا مشاريع «سياحية». ويعتقد بوجود نحو مليون ونصف مليون شخص في الساحل.

وقدمت الحكومة تسهيلات اقتصادية لتأسيس مشاريع في مدن ساحلية او نقل مصانع من «الداخل» الى «الساحل» الذي يتمتع بانتعاش وأمان وإعمار غير موجود في باقي مناطق البلاد. وصار هناك اقتصادان: واحد في «منطقة الساحل»، واقتصاد في «مناطق الداخل».

في البقع الاخيرة، كانت «نقطة التحول» في خريف العام الماضي، وفق احد المشاركين، عندما أحجمت اميركا عن ضرب النظام بعد اتهامه باستخدام «الكيماوي» في غوطتي دمـشق حيث «بات قائد كل فصيل مسلح معارض يبحث عن وسائل خاصة للبقاء من موارد مالية وعسكرية» وصار يدافع عن «مناطق نفوذه وإمارته باعتبار ان الحديث عن التغيير في دمشق، لم يعد اكيدا».

حبل سري روسي – ايراني

ولأن الصراع تحول في طبيعته «حرباً بالوكالة»، فإن الميليشيات والمجموعات المسلحة، الموالية والمعارضة، باتت مربوطة بدول اقليمية وخارجية، فصار كل «لاعب» يمد خيطه في الملعب السوري عبر التسليح والتمويل. وقال احدهم: «هذا ينطبق على النظام وعلى المعارضة ومجموعاتها المسلحة». وساهمت ايران في شكل مباشر بتأسيس «قوات الدفاع الوطني» وتدريبها وتسليحها وتمويلها، اضافة الى تسهيل دخول مجموعات مقاتلة من العراق ولبنان ودول آسيوية اخرى. وظهر تنافس روسي – ايراني بين دعم موسكو «مؤسسات الدولة التقليدية مثل الجيش والامن والاقتصاد والشركات العامة» ودعم طهران «المؤسسات الوليدة الخارجة من رحم الدولة» مثل الميليشيات والشركات الحديثة التأسيس. في حين مولت دول اخرى مجموعات محددة في المعارضة ضمن تنافس في خندق مجموعة «اصدقاء سورية»، ما ساهم في زيادة التشظي السوري.

وفيما طلب النظام من رجال الاعمال تمويل الميليشيات الموالية، باتت المساعدات المالية التي يقدمها حليفاه الرئيسان، إيران وروسيا، بمثابة حبل الإنقاذ الوحيد، وساهمتا في تأسيس شركات ظل لتجاوز العقوبات الاميركية والاوروبية المفروضة على شخصيات في النظام والمصارف وشركات حكومية، الأمر الذي ساهم في خلق شبكات ظل تساعد النظام في الالتفاف على هذه العقوبات وترى مصلحة في استمرارها. وكان الاعتقاد الاميركي – الروسي، وفق خبير غربي، ان فرض العقوبات على مجتمع الاعمال سيرفع الضغط على النظام لتقديم تنازلات سياسية مؤلمة وليس مواجهة ذلك بـ «اقتصاد حرب» يعزز الموقف العسكري – السياسي، عبر التقشف وترتيب الاولويات لمصلحة الماكينة العسكرية بدعم من موسكو وطهران، كما حصل.

وقال مصرفي ان الحكومة طلبت من المصارف الخاصة زيادة رأسمالها من ٦٠ الى ٢٠٠ مليون دولار في «خطوة يائسة للحصول على العملة الاجنبية، ما ادى الى صعوبة وصول الشخص العادي الى الاقراض والاقتراض.

ايضاً، باتت الدولة عاجزة «بأي طريقة من الطرق عن توفير ٥ و٦ بلايين دولار لدعم المواد التموينية الرئيسة المتعلقة بالغذاء والدواء والطاقة، وفق احد المشاركين الذي قال انه «اذا اراد النظام استعادة حلب او الرقة مثلاً، سيكون صعباً عليه ان يوفر الخدمات المدعومة. الآن، الطريقة التي يسيطر النظام فيها تتعلق فقط بنصف سورية من حيث الجغرافيا والسكان» بسبب خروج اكثر من نصف مساحة البلاد عن السيطرة ونصف الناس كلاجئين او نازحين. (عدد سكان سورية 23 مليوناً).

وأشار آخر الى ان سورية تحتاج الى 200 بليون دولار اميركي «كي تعود الى الوضع السابق وتكون على المسار الصحيح». لكنه قلل من «جدية الكلام» على احتمال عقد مؤتمر للدول المانحة، ذلك «ان البعض يقول ان هناك وعوداً بتوفير 60 بليون دولار أميركي لإعادة إعمار سورية، هذا رقم ليس مزحة. اذ ان تجربة الربيع العربي اظهرت ان القدرة الفعلية لكل دولة على التمويل لا تتجاوز بضعة بلايين. لذلك انا متشائم كثيراً من عودة سورية كما كانت». وقال آخر: «لو جرى توقيع اتفاق سلام الآن، المطلوب ضخ عشرة بلايين دولار لإقناع تجار الحرب بالبدء بالتفكير في السير نحو السلام»، اضافة الى ضرورة «تقوية الشبكات الاقتصادية التقليدية المرتبطة بما تبقى من مؤسسات الدولة لتطغى على شبكات الظل».

وبعد استعراض الارقام، خلص خبير عمل في حروب داخلية ببعد اقليمي في اماكن اخرى، بوجوب عدم التقليل من «دور امراء الحرب لأنهم يرفعون ثمن خيارات سياسية للاعبين الدوليين والإقليميين» في سورية. وقال احدهم ان «للسلام في سورية جاذبية قليلة جداً. هناك جاذبية للحرب واستمرار الفوضى. صنع السلام عملية قذرة لا يحبها أمراء الحرب، لكنهم يملكون مفتاحاً له.

كيف تقنعهم بأن مصالحهم في مكان آخر بتسوية تعطي بعض الحصانة للمتورطين في القتل والعنف وتقدم حوافز مالية وتوفر طموحات لأدوار سياسية مستقبلاً»، فيما لفت آخر الى ان في الامكان توفير حوافز للاعبين المحليين في ســورية غير المركزية، تقنعهم بضرورة السلام واتفاقات محلية لوقف النار والتوافق مع مقاربة المبعوث الدولي باتباع اسلوب من «تحت الى فوق»، من خطوط النار في الأحياء والقرى والمدن البعيدة وصولاً الى السياسة وهيكلية النظام في مركز دمشق… كي يقبل «أمراء الحرب» بإلقاء البندقية وتسريع دخول المستقبل من بوابة السياسة و«شرعنة» المنافع.

 

الكاتب : ابراهيم حميدي

المصدر: جريدة الحياة اللندنية