*الأمين العام المساعد لحزب “الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي” محمد زكي هويدي: المعارضة تحتاج إلى إعادة النظر في حساباتها ولا بد من خطة حقيقية للتسوية الفعلية

35

الهويدي: الخلاف بين هيئة التنسيق والائتلاف أدّى إلى عديد التعطيلات وحان الوقت لحلّ كل الخلافات

لا يزال الوضع في سورية يلفّه الغموض حيث لم تتوصّل إلى اليوم مختلف الأطراف إلى حلّ ينهي الأزمة المستمرة، وقد طال الخلاف مختلف أجسام المعارضة التي عانت من الانقسامات والتشظي ما أدى إلى تعطّل تنفيذ القرارات الدولية وأبرزها القرار 2254.. ودعت بعض أطياف المعارضة مؤخرا إلى أهمية القيام بحوار وطني سوري مستقل يهتم بوضع النقاط على الحروف للخروج من الأزمة الخانقة وإنهاء المأساة.

ويرى الأمين العام المساعد لحزب “الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي”، محمد زكي هويدي، والعضو بهيئة التنسيق، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الوضع في سورية لم يعد يحتمل التعطيل والانتظار، مشددا على أهمية إحداث بعض المراجعات في صفوف المعارضة.
س–بعد فشل مختلف جولات اللجنة الدستورية، ماهي مآلاتها برأيكم، وهل هي قادرة على تجاوز الخلافات من أجل استكمال كتابة دستور لسورية الجديدة التي يتطلع إليها أبناؤها؟

ج—عقدت اللجنة الدستورية خمس جولات منذ تشرين الأول عام2019 دون أن تحرز أي تقدم في أعمالها ، وذلك يعود إلى أسباب كثيرة أبرزها عدم وضع سقف لهذه اللجنة حتى تُنهي أشغالها فضلا عن التمييع الدولي بشأن موضوع اللجنة مع حركة تعطيل مستمرة من قبل النظام الذي لا يقبل بأي حلّ سياسي أو أي انتقال سياسي، حيث لا أتوقع أن تكون هناك في الفترة المقبلة كتابة دستور للبلاد.

س- يقول مراقبون إن حكومة الأسد قد صمدت برغم الحرب وهي اليوم تحسّ بالثقة العسكرية، برغم الحاجة إلى الأموال ، كما تسعى دمشق إلى ضم الأصوات العربية ذات النفوذ إليها لممارسة ضغوط من أجل رفع العقوبات .. ما هي حقيقة المشهد، وهل بمكن للعلاقات مع دمشق أن تأخذ منحى جديدا سيما بعد التغيرات الأخيرة في بعض المواقف باتجاه إعادة إنتاج النظام؟

ج-يعتبر النظام وحليفه الروسي أنهما انتصرا عسكريا والآن يريدان بصورة أو بأخرى الانتصار السياسي.. هي إستراتيجية موجودة عند الروس.. سورية دمّرت وأي انتصار عسكري أو سياسي لن يوجد على أرض الواقع، وقد سعى الروس منذ البدايات الأولى إلى تحريف مسار جنيف ثم استانة وسوتشي وأبدوا عدم الجدية في تنبي القرار الدولي2254 ويعلم الجميع سياسة روسيا من البداية، التي تهدف إلى إعادة إنتاج النظام لتأتي بعدها عملية تعويم النظام من قبل بعض الدول العربية ، ولا أعتقد أن يكون هناك رفع للعقوبات وإعادة إنتاج النظام الذي قتل وشرد الشعب ولا يمكن إعادة إنتاج النظام بالطريقة التي تريدها موسكو .

س—هل مسار قطار التطبيع مرتبط بالتفاهمات الدولية إزاء القضية السورية وبسياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة؟
ج- نعم قطار التطبيع بين الدول العربية والغربية مع النظام لن يتحرك بشكل فعلي وبدون تفاهمات دولية خاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وإذا حدثت تفاهمات قد يتحرك المسار مع النظام بصورة أو بأخرى.
س-حديث حول طرح سياسي جديد يتعلق بتشكيل حكومة سورية يشارك فيها كل من النظام والمعارضة السورية.. بعد كل سنوات الخراب والدمار ،هل من الممكن أن تقبل المعارضة هذا الطرح، وهل يتناسب ذلك مع القرارات الدولية وأبرزها 2254؟

ج-الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها المعارضة والنظام أمر متجاوز، جاء منذ تسعينات القرن الماضي ولم تقبله المعارضة، وإعادة تكراره اليوم بلا فائدة، في ظل المعادلة السياسيىة والواقع الحالي وبنية وتركيبة النظام، لذلك لا يمكن للمعارضة أن تقبل بالمشاركة في حكومة وحدة وطنية وهذا لا يتلاءم مع القرار2254، الذي ينصّ على عملية انتقال سياسي فعلي وحقيقي.

س-هل يوجد مشكل بين المعارضة وبعض الدول التي تسعى إلى التطبيع مع النظام على أساس تفاهمات ومصالح جيو سياسية واقتصادية؟

ج-نعم هناك مشكل لدى المعارضة وبعض المحاولات للتطبيع مع نظام الأسد التي تقوم بها بعض الدول العربية دون حلّ سياسي وتطبيق القرارات الدولية خاصة2254، وفي حالة وجود توافق للتطبيع فذلك يعني ضرب تطلعات ومطالب الشعب والثورة، وإدارة الظهر لكل ما تريده المعارضة السورية والشعب من حرية وكرامة وإحداث التسوية السياسية وانتقال من نظام الاستبداد إلى دولة ديمقراطية فعلية وحقيقية .
س- فصائل من المعارضة تدعو إلى احترام القرار السوري.. هل هناك قرار سوري اليوم في بلد تحتله أربع دول أو أكثر وتتحكم في مصير أبنائه؟
ج- التمسك بالقرار السوري واستعادة البلد هو مبدأ ومطلب سوري حتى بوجود تدخل وتحكم واحتلالات من قبل بعض الدول، لا يمكن لأي كان إن يمنع شعبا عن مطالباته باستعادة أرضه المسلوبة وقراره، ولا يمكن للتنازل عن هكذا مطالب شرعية وضرورية .
س-ماذا عن التقارير الأخيرة بشأن تصاعد عمليات الاعتقال في مناطق سيطرة النظام؟

ج-تسعون بالمائة من الاعتقالات موجودة داخل مناطق سيطرة النظام.. الاعتقال والتغييب والتهجير القسري، مآسي إنسانية يعيشها السوريون منذ عقود، وأي سوري لديه رعب تاريخي فعلي من موضوع الاعتقالات حتى في أثناء التنقل من مكان إلى آخر، وتوجد حالات عديدة موثقة في ملفات حقوق الإنسان، ولا يوجد إمكانية لإيقاف هذه الانتهاكات إلا عبر القرارات الدولية وأن تكون هناك جدية في عدم الإفلات من العقاب بالنسبة لمرتكبي الجرائم.
س-تقارير أممية تقول إن سورية ثالث أكبر دولة هشة خلال العام الحالي، ماتعليقكم ومن يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع؟

ج-من يتحمل المسؤولية هو النظام السوري من خلال السياسات المتّبعة منذ بداية الثورة إلى اليوم ،إذ اختار النظام الحلّ الأمني العسكري، يعني أنه توجه نحو عدم القبول بأي حل سياسي أو أي مقترحات لإنهاء الأزمة،ما أدى بالبلاد إلى هذا الخراب و الفوضى والدمار والوضع المعيشي الصعب الذي لايطاق.

س-هل تحتاج سورية إلى معارضة برؤية أخرى وبرنامج أكثر عقلانية للمساهمة في إخراج البلاد من دوامة الأزمة؟

ج- من المؤكد أن سورية تحتاج إلى معارضة قوية بمنهج جديد ..نحن بحاجة إلى معارضة فاعلة وكن يبدو أن الوضع الحالي لا يؤشر إلى بلورة هذا البديل.. وعلى قوى المعارضة أن تعيد حساباتها وتراجع أمورها ومحل الخطأ والصواب وأن تكون لديها خطة عمل حقيقية وفعلية لعملية التسوية السياسية والانتقال السياسي، يعني أننا بحاجة إلى إعادة الحسابات والمراجعة لخططنا وتصوراتنا في هذا الواقع الصعب.

س-بعد الخلافات الأخيرة مابين هيئة التنسيق الوطنية والائتلاف،تحدثت تقارير عن زيارة مرتقبة لوفد من الهيئة إلى تركيا.. ماهو الهدف من هذه الزيارة، وماذا يُنتظر منها؟ ولماذا لم تتفعّل الهيئة إلى اليوم؟

ج- هيئة التفاوض هي كيان وظيفي وليست جسما سياسيا.. يعني وظيفتها الأساسية هي التفاوض وقد شُكّلت ست منصات بالنسبة للهيئة التي عقدت مؤتمريْ الرياض 1 و2 حين كان مقرها في الرياض وقامت بعدة جولات تفاوضية مع النظام وكان دي مستورا هو الوسيط الدولي، وكونت سلالها التي تمثلت في هيئة الحكم الانتقالي ثم الدستور فالانتخابات إلى جانب سلة محاربة الإرهاب، حتى جاء مؤتمر سوتشي وحدثت عملية قلب للسلال لتكون سلة الدستور هي الأولى ثم سلة الحكم الانتقالي، وقبلت المعارضة السورية بالموضوع واعتبرت ذلك مفتاحا لحل الأزمة بشرط توازي السلال الأربع الموجودة وتكون مدخل الانتقال..
ظهرت خلافات في الجانب التنظيمي بين هيئة التنسيق الوطنية والائتلاف وكانت التدخلات الإقليمية قد زادت من تأزم الوضع وحدث نوع من العطالة في حين أن الوضع لا يحتمل ذلك، مادفع بهيئة التنسيق إلى قرار القيام بزيارة إلى أنقرة لعقد لقاءات تفاوضية مع الائتلاف لإزالة الخلاف التنظيمي وهو ليس خلافا في الرؤى السياسية والمبادئ، ونتمنى أن تنجح المهمة وتعيد هيئة التفاوض إلى أعمالها لأن المطلب الأساسي هو تحريك العملية السياسية وخاصة من قبل المعارضة.