الأمين العام للحزب اليساري الكردي في سورية: مساعي أمريكية لاستئناف الحوار الكردي-الكردي والتناقضات الكردستانية الحادة دفعت بتأخر الحوار

54

تتّسم البيئة السياسية في منطقة شمال وشرق سورية بالتشرذم من ناحية  إمكانية عودة الحوار الكردي-الكردي المعرقل منذ 2020، وتتأرجح الاتهامات بين الPYD وأطراف كردستانية أخرى تتهم بوقوفها وراء تعطيل المسألة التي يمكن أن تحلّ النزاع والخلاف الكردي على أرض الواقع.

وتحدث محمد موسى محمد، الأمين العام للحزب اليساري الكردي في سورية، في حوار مع المرصد السوري لحقوق  الإنسان، عن  مساعي أمريكية لتحريك الحوار الكردي-الكردي وتوسيع قاعدة المشاركين فيه والانتقال إلى مشروع أوسع يضم قطاعات مختلفة.

 

س: حديث عن مساعٍ أمريكية لتحريك الحوار الكردي-الكردي بعد جمود منذ 2020 ما حقيقة ذلك؟ 

ج: لقد تجددت المساعي الأمريكية لتحريك الحوار الكردي -الكردي في اللقاءات المتتالية التي أجراها المبعوث الأمريكي مع الجهات المعنية بهذا الحوار مع كل من المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية وأحزاب أخرى بهدف إحياء مشروع الحوار الكردي والعمل على توسيع قاعدة المشاركين فيه والانتقال إلى مشروع أوسع يضم قطاعات واسعة من المعارضة السورية من ممثلي المكونات المتعايشة في منطقة روج آفا شمال وشرق سورية للتأسيس لمشروع ديمقراطي يشكل الكرد فيه الركيزة والأساس .

 

س: لماذا تعطل الحوار الكردي-الكردي وماذا يمكن أن يقدم للملف السوري ؟

ج: إن السبب الأساسي الذي يكمن خلف تعطيل الحوار الثنائي الكردي-الكردي يعود إلى العوامل الضاغطة الخارجية: عامل ضاغط كردستاني سببه التناقضات الكردستانية الحادة خارج دائرة الساحة الكردية السورية ،والعامل الثاني هو العامل الإقليمي بتشعباته وفي المقدمة منها ضغط الدولة التركية التي تقف دائما بالمرصاد ضد أي توجه  وحدوي كردي.. أما بصدد ما يمكن أن يقدمه للملف السوري فأعتقد أن المعارضة السورية التي تحولت إلى أداة تخدم أجندات إقليمية (الائتلاف السوري) خلقت حالة من ضرورة البحث عن بديل يتمتع بإرادة وقرار مستقل و بمعزل عن الإسلام الراديكالي وذي توجه وآفاق ديمقراطية تأخذ مصلحة الشعب السوري كأساس ومنطلق لتجاوز الأزمة وتبدأ الخطوة الأولى فيه الحوار السوري-السوري حوارا شاملا لا يستثني  أحدا .

 

س:ماذا عن التقرير الأخير لحظر الأسلحة الكيميائية وملابساته؟

ج: تعلمون جميعا أن الصراع الدائر في سورية منذ أكثر من أحد عشر عاما هو صراع دولي وإقليمي، و الاصطفافات الحادة على المستوى المحلي تعطي هذا الصراع طابعا أكثر حدة وهو مرتبط بالدرجة الأولى بالمصالح والأجندات الدولية والإقليمية وفي مثل هذه الحالة لايمكن الوصول إلى توافقات دولية أو أممية باتخاذ القرار المناسب لأن كل جهة من هذه الجهات باتت المدافع الأمين عن هذه الكتلة أو تلك ، والصراع القائم حاليا بين القطبين الروسي والأمريكي والحرب الدائرة في أوكرانيا تلعب دورا أكثر شدة وصرامة في عرقلة الوصول إلى أي توافق دولي .

 

س: لماذا ترفض مختلف الدول التي لديها رعايا إرهابيون في سورية في المعتقلات والمخيمات استعادتهم، وما مخاطر بقائهم على أمن سوريا والمنطقة ؟

ج: يشكل تنظيم “داعش” دون شك خطرا إرهابيا في مجمل الساحات العالمية والمخاوف التي يشكلها على دولها هي مخاوف جدية، لذلك ترى هذه الدول وبحكم خلاصها ولو مؤقتا من تلك العناصر عدم استعادتهم واستجلاب البلاء إلى بلادها مع أن خطورة بقاء عناصر”داعش” في معسكرات الحجز والاعتقال في مناطق روج آفا وشمال وشرق سورية (مناطق الإدارة الذاتية ) يشكل خطورة أكبر على الجميع، لذا توجهت بعض الدول إلى أخذ رعاياها ولو بشكل جزئي ومع ذلك لا تزال المشكلة قائمة ومعلقة ولابد من اتخاذ قرار دولي لمعالجة هذه القضية الأخطر على الأمن والسلام العالمي .

 

س: هل يمكن الحديث عن موت القرارات الدولية وأبرزها القرار 2254 ؟

ج: لانستطيع القول إنّ القرارات الدولية في طريقها إلى الموت والزوال إلا أننا نرى أن البعض من القوى الفاعلة الدولية والإقليمية تحرك خطوطا موازية (سوتشي وآستانا ) وهذه تشكل إضعافا وتجاوزا للقرارات الدولية، وكما قلت إن القرارات الدولية لن ترَ النور إن لم يكن هناك إجماع دولي على تفعيله وهذا غير ممكن في الوقت الحاضر في ظل الصراعات القائمة والأجندات المتناقضة .

 

س: ما قراءتكم للتعطيل الذي تتسم بها أعمال اللجنة الدستورية ؟

ج: إن اللجنة الدستورية وبالرغم من عقد عدة لقاءات وبأشراف ممثلين دوليين إلا أنها ولدت ميتة كونها اقتصرت على طرفين: النظام من جانب والائتلاف السوري من جانب آخر دون أن يكون هناك مشاركة حقيقية وفاعلة من قوى ذات دور وأهمية في الساحة السورية وفي مقدمتها ممثلو الشعب الكردي والإدارة الذاتية .

-إضافة إلى أن الوفود المشاركة لم تتمتع باستقلالية ولم تستطع أن تتخلص من وصاية الجهات الإقليمية والدولية ولم تكن أبدا تمتلك رؤية سياسية لسورية المستقبل تتضمن معالجة واقعية وديمقراطية لمجمل القضايا العالقة و لعشرات السنين من حكم الاستبداد .

-وفي الختام ونتيجة لتعطل جميع الجهود التي بذلت وبفعل فاعل من قوى إقليمية ودولية صاحبة المصلحة في هذا التعطيل حاليا لايوجد أي تحرك عملي باتجاه حل الأزمة السورية مع أن أي متابع لايستطيع أن يقطع الأمل ولكن -وللأسف الشديد- مجمل الجهود وصلت إلى آفاق مسدودة، على الأقل في الظرف الراهن.