البغدادي الزعيم “الشبح”… كان “انطوائياً وغير واثق من نفسه”

21

كان زعيم تنظيم #الدولة_الإسلامية أبو بكر البغدادي، الذي أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتله اليوم، المطلوب الأول في العالم، بعدما ترقى تدريجيا في صفوف التنظيمات المتطرفة إلى أن نصب نفسه “خليفة” على “دولة” منيت بأقصى هزائمها في العراق أمس.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم، أن “قيادات من الصف الأول في تنظيم الدولة الإسلامية متواجدة في ريف دير الزور أكدت للمرصد وفاة أبو بكر البغدادي أمير تنظيم الدولة الاسلامية (…) علمنا اليوم ولكن لا نعرف متى أو كيف فارق الحياة”.

بقي البغدادي متواريا عن الأنظار منذ ثمانية أشهر، ما دفع أنصاره إلى تسميته بـ”الشبح” لندرة ظهوره.

ومنذ العام 2014، سرت شائعات ومعلومات كثيرة عن مقتل البغدادي، لكن لم يتم تأكيدها، كان آخرها في 16 حزيران الماضي، حين رجح الجيش الروسي مقتله بغارة شنتها طائراته على اجتماع لقياديي التنظيم بالقرب من الرقة في شمال #سوريا في 28 أيار الماضي.

وكان الظهور العلني الوحيد للبغدادي في تموز 2014 لدى تأديته الصلاة في جامع النوري الكبير بغرب الموصل، حيث بدا خطيبا ذا لحية كثة غزاها بعض الشيب، مرتديا زيا وعمامة سوداوين.

وأعلن البغدادي حينها إقامة “الخلافة” في مناطق واسعة من العراق وسوريا.

وفي حين خسر تنظيم الدولة الإسلامية معقله في الموصل بشمال العراق، ويترنح أمام الهجمات العسكرية في سوريا، لم يتم العثور على “الخليفة” الذي رصدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يساعد في الوصول إليه.

ولم يظهر البغدادي أي مؤشر حياة بعد التسجيل الصوتي الذي بثه له التنظيم في تشرين الثاني، بعيد انطلاق عملية استعادة الموصل، والذي دعا فيه مقاتليه إلى “الثبات” و”الجهاد حتى الشهادة”.

وافادت تقارير أنه يمكن أن يكون زعيم التنظيم الجهادي غادر الموصل بداية العام الحالي، باتجاه الحدود العراقية السورية.

ويقول الباحث في مجموعة “صوفان غروب” باتريك سكينر: “من اللافت أن يكون زعيم أكثر تنظيم إرهابي إدراكا لأهمية الصورة، مقلاّ جدا في ما يتعلق بدعايته الخاصة”.

ويتناقض هذا التصرف السري مع ذاك الذي كان ينتهجه أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة ومعلم الجهاديين خلال العقد الماضي (2000-2010).

وذكرت الصحافية صوفيا أمارا في فيلم وثائقي أعدته عن البغدادي، أن اسمه الحقيقي إبرهيم عواد البدري، مشيرة إلى أنه كان “انطوائيا وغير واثق من نفسه”.

ولد البغدادي في العام 1971 لعائلة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد. وهو متزوج من امرأتين، أنجب أربعة أطفال من الأولى وطفلا من الثانية. ووصفته إحدى زوجتيه بأنه “رب عائلة طبيعي”.

وكان البغدادي مولعا بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محاميا، لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق.

أبدى أيضا طموحا للالتحاق بالسلك العسكري، لكن ضعف بصره حال دون ذلك، لتقوده الأمور في نهاية المطاف إلى الدراسات الدينية في بغداد.

وذكرت أمارا أن البغدادي “يعطي انطباعا بأنه رجل غير لامع، لكنه صبور ودؤوب”.

وأضافت: “بدا أن لديه رؤيا واضحة جدا حول ما يريد والتنظيم الذي يريد تأسيسه”.

وكان دخول البغدادي إلى سجن بوكا الواقع على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود العراقية الكويتية، نقطة حاسمة في حياته.

فقد اعتقل البغدادي الذي كان شكل مجموعة جهادية ذات تأثير محدود لدى اجتياح العراق في العام 2003، في شباط 2004، وأودع في سجن بوكا الذي كان يؤوي أكثر من 20 ألف معتقل.

وكان السجن يضم معتقلين من قادة حزب البعث في عهد صدام حسين وجهاديين سنة، وتحول في ما بعد الى “جامعة الجهاد”.

وأوضحت أمارا إلى أن الجميع “أدركوا تدريجيا أن هذا الشخص الخجول الذي لم يكن شيئا، أصبح عقلا إستراتيجيا في النهاية”.

بعد إطلاقه في كانون الأول 2004 لعدم وجود أدلة كافية ضده، بايع البغدادي أبو مصعب الزرقاوي الذي كان يقود مجموعة من المقاتلين السنة تابعة لتنظيم القاعدة.

وفي تشرين الاول 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت “أبو دعاء”، وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه.

لكن تبين أن هذا الأمر لم يكن صحيحا، بما أن البغدادي تسلم مسؤولية “دولة العراق الإسلامية” في أيار 2010، بعد مقتل زعيمها أبو عمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية.

وتمكن البغدادي بعد ذلك من تعزيز موقع الجهاديين في العراق. وتحت قيادته، أعادت هذه المجموعة تنظيم صفوفها، وتحولت في العام 2013 إلى تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام”، بعدما استغل الجهاديون النزاع في سوريا المجاورة، قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق في السنة التالية.

وأعلن التنظيم في حزيران 2014 إقامة “الخلافة الاسلامية” بعد نحو ثلاثة أسابيع من هجوم كاسح سيطر خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وفي شمال سوريا وشرقها.

وفي تسجيل صوتي تم بثه في 14 ايار 2015، دعا المسلمين اما الى الانضمام الى “الخلافة” وإما الى “الجهاد” في بلدهم. وأكد أن “الإسلام ما كان يوما دين السلام. الإسلام دين القتال”.

المصدر: النهار